شخصيّات

نبذة تعريفية عن الجرّاح “الزهراوي”

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الجرّاح الزهراوي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

الزهراوي هو جرّاحُ العربِ الأوّلِ الذي ظهرَ في عصر الأزدهار العِلمي الأوّلِ في الأندلس العربية، وهو أبو القاسم خلف بنُ عباس، الزَهراويِّ القُرطَبيّ.

ولد عام 325هــ (936م) في مدينة الزهراء في الأندلس وتوفي عام 404 هـــ (1013م). وقد كان الجراح الأول في بلاط الخليفة عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المنتصر.

والزَّهراويُّ هو أول من فرّقَ بين الجراحة وغيرها من موضوعات الطبّ وجعل أساسها قائماً على دُروسِ التّشْريح.

 

وكتبَ في ذلك كتابَةِ الشهيرَ «التصريفُ لمنْ عَجَز عن التّأليف» وضمَّن الزهراويُّ كتابه كثيراً من الأشكالِ التوضيحيَّة للآلات الجراحية التي كان يستعملُها وكان يصنعُها بنفسهِ، وظلّت كتبه المصدر الرئيسيِّ لكلِّ من جاءَ بعدهُ من الجرّاحين.

ويُلاحظُ من كتابات الزّهراويّ أنها تمتازُ بدقةٍ مُتناهيةٍ في وصفِ التشريح، وهذا يوحي بأنهُ قد قام بتشريح كثير من أعضاء الجسمِ بنفسهِ.

وقدْ كَتِبَ الزّهراويُّ أيضاً في كثيرٍ من الموضوعات التي نسميها الآن بالأمراض الباطنة فكان دقيقاً متميّزاً. ويمكننا أن نكتفي بذكر مثال واحدٍ على هذه الدّقة في أمراض الجهاز العصبي.

 

وهذ هو وصفُ لمرضِ السكتة أو الفالح، وهو ما يُعرفُ الآن بالشلل التّصَغر. فهو يصفُ الأعراض التي تسبقُ حدوث السكتة، نذكُرُ منها: الصداعَ الشديد المُفاجئ، والدّوار وتخيلاتٍ بصريّة.

ثمَّ يصفُ ثلاثة أصناف من السكتة هي: السكتة المزمنة التي لا يبرأ منها المريض، والثانية هي السّكتةُ التي يبرأ منها المريض، والثالثةُ هي السكتةُ التي تقتل سريعاً. وهو وصفٌ يتّفق إلى درجة كبيرة؟

مع ما هو معروفٌ الآن عن السكتات. ويختمُ الزهراويُّ وصفهُ للسكتةِ بذكرِ العلامات الدالة على سُوءِ حالةِ المريض مِثلَ خروج الزّبدِ من الفم في مريضٍ فاقدٍ للوعي في حالة السكتة المميتة.

أما إذا ذكرنا إضافات الزّهراوي لعلمِ الجراحةِ فهُنا نضعُ يدنا على موضع امتيازه الحقيقيِّ الذي لم يميزه فيه طبيبٌ آخر، والذي ظلَّت كتاباتُهُ عنهُ مرجع كل الأطباءِ الذين جاءوا من بعده لعدة قرونٍ. ولِذا اعتُبِرت المقالةُ الثلاثون من كتابه «التَّصْريف» هي أهمُّ أجزاءِ ذلك الكتاب.

 

وتنقَسِمُ هذه المقالةُ إلى ثلاثة أبوابٍ هي:

البابُ الأولُ: ويختصُّ بالكليِّ.

الباب الثاني: ويختصُّ بالشقِّ، والبطِّ (فتح الخُرّاج)، والعضدِ، وسائر العمليات الجراحية.

الباب الثالث: ويختصُّ بالكسور والخلعِ.

 

أما الكُليُّ، فقد وصل فيه الزهراويُّ إلى ما يقربُ من الكمال وإن لم يكن أول من استعمله إذ أن الكيَّ طريقةٌ قديمةِ جداً ظنَّ الأقدمون أنها تُشفي عن طريق التخلُّصِ من الرطوبات ونلحظُ امتيازَ الزهراويِّ في الكيِّ من وصفه لثمانية أنواعٍ من المكاوي مُختلفة الأشكال والاستعمال.

وفي الباب الثاني يتكلّمُ الزّهراوي عن الشقِ والعضد وبط الخراجات وهو يتكلم عن بطّ «الأورام» وشقِّها ويقصد بذلكَ الالتهاباتٍ والخراجاتِ وليس ما نُسمِّيه نحنُ الآن بــ«الأورام».

وهو يُصنّفُ الخراجاتِ إلى أنواعٍ كثيرةٍ تختلفُ في طريقة بطّها وشقِّها تبعاً لنوعِ الورم نفسه ثم لمكان حدوثهِ.

 

وفي الفصل السادس والأربعين من كتاب «التّصريف»، يصنف الزهراوي ما ابتكرَ من الآلات الجراحية مع بيان ذلك بالصورة، فهو يصفُ المدسّاتِ والصنانير، والمشاريط والمسامير والمجارير …الخ. ويطبقُ طريقة استخدام كل آلةٍ منها.

ويصفُ الزهراويُّ طريقة ادخالِ القساطير المعدنية وصفاً ممتازاً لا يزالُ متّبعاً إلى الآن. هذا فضلاً عن أنّ الزّهراويَّ يُعدُّ أول جراح استخدم الخيوط التي تُصنعُ من أمعاء الحيوان في خياطة الجروح.

هذ لَقْطاتٌ من كتابة الزهراوي عن الجراحةِ أو ما سمَّاه بصناعة اليدّ، وقد ذكرَ أنَّ من يُمارسُها هم قلةٌ من الأطباء لِما تحتاج إليه من علم بالتشريح.

ألا يحقُّ لنا بعدّ ذلك أن نجعل الزهراويّ على قمة علم الجراحة العربي؟!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى