العلوم الإنسانية والإجتماعية

أمثلة على علماء تجسدت الموهبة لديهم منذ الصغر

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

علماء منذ الصغر العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

بدأت مواهب كثير من العلماء تتفتَّق منذ الصغر. وإذا ما استنطقنا التاريخ العلمي، حدَّثنا بالأمثلة :

من معلمي الإنسانية، أولع الفارابي مذ حداثته بقراءة كل ما تقع عليه عيناه من كتب .

وابن سينا ظهرت عليه أمارات النبوغ بشكلٍ لافتٍ للنظر مذ صغرِه ، مما جعل أباه يوليه اهتماماً خاصاً أكثر من أخيه الحارث.

ويندهش كل من "أونول بيتمان" و "فيليب س. هنش" في كتابهما "تاريخ الطب المصوَّر" من أنه كيف أن ابن سينا حفظ القرآن عن ظهر قلب وهو ابن عشر سنين، وتفنَّن في الفلسفة وتاريخ العلوم الطبيعية والشعر والرياضيات والقانون والطب وهو في سن السابعة عشرة!!

واذكر في العباقرة الأفذاذ نيوتن ، وإن لم تبد عليه أمارات الذكاء وهو طفل، فما أن بلغ الثامنة عشرة حتى أخذ يقرأ بنهم في كل شيء.

وعندما دخل جامعة كيمبردج قرأ كل ما وقع تحت بصره، حتى إذا ما استوى عوده وبلغ أشده كان قد أرسى كثيراً من المفاهيم والقوانين والنظريات التي أسهمت بدورها في إرساء بعض قواعد العلم الحديث .

 

وبدأ اهتمام ماكسويل وشغفه بالرياضيات وهو غض  الإهاب، إذ نال وهو في الرابعة عشرة مدلاة الأكاديمية في الرياضيات! وما أن بلغ الخامسة عشر حتى راح ينشر باسمه رسائل علمية على جانب كبير من الإبداع. كما كان يحضر، وهو فتى، اجتماعات الجمعية الملكية الأسكتلندية في إدنبرة! .

أما أصغر من بدت عليه بوادر النبوغ فهو إديسون . إذ لاح ذكاؤه وهو رضيع لم يصل بعد إلى الثانية في وقائع كثيرة – هل تذكرها؟ واقعة ذبح الدجاجة أمامه، وواقعة مص الإبهام، وعلاجه لصرير عربة أحد الجيرا ، ورقوده على البيض ليفقس! وإدراكه لمعنى الموت وهو في السابعة ! .

وقد أتقن آينشتاين دراسة أعمال الفلاسفة والرياضيَّين ومولَّفاتهم من مثل: إقليدس، ونيوتن، وسبينوزا، وديكارت وهو دون الخامسة عشر! .

واذكر في بناة الأكوان لابلاس ، فقد كتب وهو في الثامنة عشرة بحثاً قيماً عن القواعد العامة للميكانيكا كان له وقعه في نفس "دلامبير" عالم فرنسا الرياضي الكبير مما جعله يُرسل في طلب الشاب مبكر النضج .

 

ومن غُزاة الذرة، كان مندلييف من يومه صاحب عبقرية علمية وموهبة تدريسية فذة. وكان طومسون من الأوائل في أي امتحان يدخله وخصوصاً امتحانات التفوق الرياضي، تماماً كما كان ماكسويل من قبل.

وقد كتب وهو في الرابعة والعشرين بحثاً قيماً استفاد منه آينشتاين في صياغة معادلته الشهيرة التي تربط بين الطاقة والكتلة ومربع سرعة الضوء .

وكان بور موهوباً حقاً، فقد أحدث بنموذجه للذرة الذي وضعه في عام 1913 ثورة في علم الفيزيقا. كما أنه مُنحَ في حياته جوائز تفوق كثيرا ما ناله أي عالم في الوقت الحاضر وبما في التاريخ.

وإحدى هذه الجوائز  جائزة نوبل في الفيزيقا التي مُنحها وهو لم يتجاوز بعد السابعة والثلاثين! ولا يضاهيه في ذلك غير رذرفورد .

 

وذلكم موزلي، اكتشف ناموس الأعداد الذرية، وأبطل كثيراً من الدعاوى الفاسدة، وحل مشكلة الأتربة النادرة، وابتكر طريقة لإحصاء عدد البروتونات في نَوَى الذرات، وقام بكثير من المباحث العلمية الدقيقة وعمره – كم؟ لقد غادر الدنيا وهو في الثمانية والعشرين! تُرى ماذا كان يُعطينا لو امتد به العمر؟! .

واذكر في مكتشفي الحياة ابن جُلجُل، مجرد عابر على درب الحياة، ثنتان من السنين فقط وثلاثون، ومع ذلك ترك في مجالات الطب والصيدلة والنبات ما تتيه به الحضارة العربية في هذه الميادين ، مما يدل على أن موهبته تفجرَت جد مبكرة حتى إنه استطاع أن يُخلَّف كل ذلك الإنتاج الذي خلَّفه وهو في هذه السن المبكرة .

وأما داروين فكان يتميَّز بموهبة خاصة من صغره تتمثّل في قوة ملاحظة غير عادية للأشياء التي تحتاج ملاحظتها إلى تفرسٍ وتدقيقٍ وعناية . أما فلمنج ، فقد كان نابهاً في كل سني دراسته، كما كان نابغاً في كل فروع الطب .

ومن رواد الفيزيقا نذكر توريشيلَّي، فقد أنهى جميع أعماله في فروعٍ فيزيقية متعدِّدة، ويموت وهو في التاسعة والثلاثين ! .

 

كما كان أمبير معجزةً رياضية، لقد كان يحل المسائل الحسابية حتى قبل أن يتعلم القراءة والكتابة مستعملاً الحصيات وقطع البسكويت للدَّلالة على الأعداد! .

ولكن على الضدِّ لم تظهر على فاراداي الطفل بشائر تُنبئ عن مستقبل نبوغه. إذ كان تلميذاً عادياً في مدرسة عادية، وانتهت دراسته النظامية نهاية سريعة غير متوقعة، غير أن الموهبة الكامنة بداخله سرعان ما تفجّرت عندما واتتها الفرصة المناسبة بقراءة مؤلفات ديفي والاستماع إلى محاضراته والعمل معه.

وما كان فاراداي-الشاب قليل التعليم- أن يتبوأ تلكم المنزلة الرفيعة التي وصل إليها بغير موهبة فذّة واستعدادٍ أصيلٍ كامنين بداخله ! .

كذلك تفجّرت موهبة هرتز سريعاً كما أنه ذوى سريعاً ، فقد قام بكل كشوفاته ثم قضى نحبه وهو في السابعة والثلاثين! ولم يسبقه من العلماء إلى الآخرة غير موزلي وابن جُلجُل .

ومن رواد الكيمياء نذكر بويل. كان ألمعياً تفتقت موهبته في العلوم وفي اللغات التي مكنَّته من دراسات موسَّعة للكتاب المقدَّس بلغاته الأصلية .

 

وعلى شاكلته كان بريستلي، فذاً في العلوم ضليعاً في اللغات حيث أتقن، فضلاً عن لغة بلاده، كثيراً من اللغات الأجنبية من بينها العربية ! .

وكان ديفي موهوباً من يومه، ذا اهتمامات متعدِّدة علمية وشعرية، وقد عاش طفولة ثرية، وكان عالماً فذاً ومحاضراً موهوباً.

وقد ورثت ماري كوري عقل والدها أستاذ الفيزيقا ويدي أمها عازفة البيانو. وقد أظهرت مذ حداثتها كفاءة مبكرة وحباً عظيماً للعلوم التجريبية،  جعلت مندلييف يتنبأ – عندما رآها تعمل في معمل – بمستقبلٍ زاهرٍ لها وباهر .

 

وهنا سؤال: هل إذا كان العلماء في جملتهم قد تمتَّعوا بالموهبة، فهل كُتب على بعضهم في طفولتهم بالغباء حتى يرسبوا فيما دخلوه من امتحانات؟ 

فهذا مندل يرسب في الامتحان مرتين، وذلك باستير لم يكن يؤمَّل فيه معلّمه خيراً، حتى آينشتاين نفسه لم يكن أوفر منهم حظاً في هذا الأمر ! .

والإجابة عن هذا السؤال تقتضي ضرورة توضيح أن السبب الحقيقي يكمن في أن رسوبهم لم يكن لضعف في قدراتهم أو نقص في استعداداتهم، بل العكس فرسوبهم إنما يرجع أساساً إلى تفوق هذه القدرات وعلو تلك الإستعدادات على مستوى الممتحنين أنفسهم وتحرر العلماء، أطفالاً وشبيبة، في إجاباتهم وثورتهم على المفاهيم العلمية التقليدية التي تحكم المصحِّحين وتقولبهم في قوالب محدَّدة ومحدودة!  يُضاف إلى ذلك كره بعضهم وعدم ميله لدراساتٍ بعينها مثل كره آينشتاين دراسة اللغات والأحياء! .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى