البيولوجيا وعلوم الحياة

استخدام بصمة الجينات كدليل جنائي

1999 ثورة الهندسة الوراثية

وجدي عبد الفتاح سواحل

KFAS

بصمة الجينات البيولوجيا وعلوم الحياة

على الرغم من مرور وقت قصير على اكتشاف بصمة الجينات، إلا أنها استطاعت عمل تحول سريع من البحث الأكاديمي إلى العلم التطبيقي الذي يستخدم حول العالم، وخصوصاً في الحالات التي عجزت وسائل الطب الشرعي التقليدية أن تجد لها حلا مثل قضايا إثبات البنوة، والاغتصاب، وجرائم السطوو، والتعرف على ضحايا الكوارث.

وتعتبر قضايا إثبات البنوة مشكلة اجتماعية خطيرة تشغل اهتمام كثير من العلماء في جميع أنحاء العالم. فضلا عن أنها مشكلة قضائية تستغرق سنوات طويلة أمام المحاكم. ويخطئ من يظن أن عملية الحسم في هذه القضايا تتم بسهولة بمجرد عمل تحليل طبي.

فهناك فحوص، وكشوفات طويلة على ثلاثة أطراف الأم والأب والطفل، أو إدعاء الحمل فيه، وكذلك شخصية الطفل وعمرهبعد ذلك يأتي دور التحاليل الطبية، وتشمل فصائل الدم الرئيسية والفرعية، واختبارات مصلية تتعلق بمستحضرات (أنتيجينات) خلايا الدم البيضاء وهي ما يطلق عليها HLAs، ولكن هذه التحاليل لا تعطي أكثر من 40% فقط، وهي نسبة تثير الشك أكثر من اليقين في مسائل إثبات البنوة.

وحيث أن نسبة النجاح التي تقدمها الجينات تصل إلى حوالي 96%، فقد شجع ذلك الدول المتقدمة مثل أمريكا وبريطانيا على استخدامها كدليل جنائي.

بل أن هناك اتجاها لحفظ بصمة الجينات للمواطنين مع بصمة الإصبع لدى الهيئات القانونية. وقد تم الحسم في كثير من القضايا بناء على استخدام بصمة الجينات كدليل جنائي.

 

فعلى سبيل المثال :

– في أمريكا عام 1988 تم الحكم على راندل جونز بعقوبة الموت، لاتهامه باغتصاب إمرأة من ولاية فلوريدا وقتلها.

– تمكن العلماء الأمريكان من تعرف خمسة أشخاص تم قتلهم منذ 11 عاما باستخدام جينات الميتو كوندريا المعزولة من الهياكل العظمية  المأخوذة من مقبرة جماعية في جواتيمالا.

– الحكم على مواطن بريطاني بالسجن 8 سنوات، لاتهامه بالسرقة والاغتصاب.

– الحكم على مواطن بريطاني بالسجن 13 عاما لاتهامه بسرقة بنك.

والجدير بالذكر أنه تم عمل بصمة جينات للسارق من لعابه الموجود على شاشة الأمن.

– عام 1985 في المملكة المتحدة تمكن أحد العلماء من إثبات ادعاء طفل من غينيا أنه بريطاني الجنسية. وهذه القضية أبرزت دور الجينات في حل مشاكل الهجرة.

 

ولكن الخطورة تكمن في اعتماد بصمة الجينات أشاع جوا من التسليم بأن الأدلة المقرونة بالمعلومات العلمية معصومة من الخطأ، وبالتالي أخذت الأحكام الناجمة عن ذلك صفة القطعية التي لا تأبه بتوسلات المتهمين الذين يصرون على الصراخ الاحتجاجي والشكوى من الظلم.

وفي بريطانيا تنبه أحد الحقوقيين لإمكانيةأ، تكون بعض الأحكام القضائية قد صدرت بطريق الخطأ، وأصدر قضاة محكمة الاستئناف مؤخرا حكما بتبرئة شخص قد أدين عام 1990 بجريمة الاغتصاب وجاء الحكم على إعادة دراسة حيثيات القضية الأولى التي تم الحكم فيها اعتمادا على تقرير الطب الشرعي الذي أثبت تطابق البصمة الجينية وفصيلة الدم عند المتهم مع تلك الموجودة في عينات تم انتزاعها من موقع الجريمة.

ويستند القضاة عادة في مثل تلك الحالات إلى أن الدراسات العلمية التي تقول بأن احتمال وجود تشابه بين البصمة الجينية لشخص بريء مع البصمات الجينية المنتزعة من موقع الجريمة هو واحد في كل 300 مليون.

وبالنتيجة العلمية، فإن التشابه يعني التجريم. ومن ثم فإن ما ينبغي القيام به من جانب المحلفين هو محاولة تبيان ما إذا كان الشخص بريئاً، مع الأخذ بعين الاعتبار التشابه الحاصل في البصمة الجينية، والذي أثبتته تقارير الطب الشرعي.

 

ولتبديد الغموض على القارئ يمكن النظر إلى المثال التالي : إن احتمال وجود بقع على جلد شخص ما، إذا ما تأكدت إصابته بالحصبة، يكون وارد جدا، حيث أن الحصبة تؤدي إلى بقع جلدية، ولكن النظر إلى الأمر بصورة عكسية يؤدي إلى التباس.

فمن غير المعقول أن يكون الاستنتاج من وجود بقع جلدية على جسم شخص ما دالاً على ذلك الشخص مصاب بالحصبة. إذ أن أعراضاً كثيرة تؤدي إلى إمكانية معرفة إصابة الشخص بالحصبة، شرط أن يوافق ذلك الاستدلال قرائن أخرى تصب في اتجاه تأكيد الإصابة بالمرض.

وبحسب المنطق العلمي فإن الشيء نفسه ينطبق في حالة البصمة الجينية، فدون إيجاد "أعراض "أخرى لا يمكن التأكد من أن المتهم مذنب، لمجرد وجود التشابه السالف الذكر.

وقد استند القضاة في مراجعتهم القضية إلى هذا المنطق، مما أوصلهم إلى تبرئة المتهم. وتضمن الحكم انتقاداً للمنطق العلمي السابق الذي يضع الاستنتاج في إطار المسلمات التي لا تقبل الجدل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى