التاريخ

قصص أشخاص أصابهم مرض الجذام

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

مرض الجذام التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

قبل أن يعرف مرض الجذام تفصيلاً أو يعرف له سبب، كان المجذومون يجمعون معاً في منازل خاصة بهم عرفت باسم منازل "لازار"، وسر هذه التسمية هي أن رجلاً متسولاً فقيراً معدماً اسمه "لازار" كان يتجول في الطرقات وهو يعاني من مرض الجذام حتى أصيب بقروح مقززة في جسمه كله.

وكان يستجدي طعامه من الناس، ومن اسمه هذا اكتسبت البيوت الخاصة بالمجذومين اسم منازل "لازار"، كما اكتسب المرض أيضاً اسم مرض "لازار" بينما اسم الجذام أوالليبروسي Leprosy هو العلمي المعتمد والمألوف.

لم يكن شائعاً  على ألسنة العامة وولو تأملنا في اسم "الليبروسي" نجد أن اسمه مقتبس من معنى المنبوذين الذين كانت تعتج به مدن أوروبا وشوارعها في العصور الوسطى، لدرجة أن كان هناك ما ينيف على 19 ألف منزل في غرب أوروبا لهؤلاء.

 

وقد انفردت باريس وحدها فقط بألفين من تلك المنازل، كما ويروى عن قصص الفداء والتضحية التي فرضها هذا الداء قصة الأب "داميان" الذي بعثوا به إلى "هونولولو" في مهمة تبشيرية، وهو فتى لم يتجاوز 18 عاماً فسمع بأخبار المجذومين هناك وما أكثرهم فطلب من رؤسائه أن يرسلوا به إلى مستعمرة الجذام هناك عام 1863م.

لعيني بهم فقضي فيها 12 سنة دون أن تظهر عليه أعراض ما لمرض الجذام، إلى أن كان يوم انسكب فيه ماء ساخن على قدمه، ففزع فزعا شديداً لا لأنه تألم من حرارة الماء الساخن ولكن لأنه لم يتألم أبداً ولم يشعر بشيء فقد فقد الإحساس وهذه إحدى أعراض الجذام الجلدي حيث تتدمر الأعصاب الحساسة، ويغيب الشعور، ولهذا لا غرابة أن تتقرح الأقدام دون أن يدري صاحبها من أمرههما شيئاً. 

 

وفي رواية أخرى تتحدث عن أميرة إنجليزية تدعى "إليزابيث" رفعوها إلى درجة القديسات فسيمت باسم "سانت إليزابيث"، لأنها كانت ترعى المجذومين وتؤويهم في بيتها، بل وربما كانت تنام معهم في فراش واحد أيضاً، لهذا أصيبت وماتت بالمرض فاستحقت في تقديرهم درجة التقديس.

وهناك قصة الجندي الأميركي "نيد لانجفورا" الذي عمل متطوعاً في الجيش الأميركي في الحرب الأسبانية الأميركية عام 1898، فقد أرسلوه إلى بلاد الفلبين حيث أصيب هناك مع ثلاثين آخرين من زملائه، فما كان منه إلا أن انضم إلى إحدى مستعمرات المجذومين وأقام فيها حكماً ذاتياً.

ودفع فيهم الشجاعة، بل وأملى بعدها تجربته على أحد أصدقائه الأدباء، واسمه "بيري بيرجس" فكتب القصة التي شاعت وراجت تحت اسم (الذين يسيرون وحدهم)، لتحكي قصة معاناة إنسان مجذوم وعوالج نفسيته وطموحاته، وتبعث الأمل في قلب كل مجذوم، وترسم له طريق النصر على محنته.

 

في عالم اليوم لا زال الجذام، ولا زال هناك مجذومون، وتؤكد لنا منظمة الصحة العالمية أن عددهم يزيد على 11 مليون إنسان، يتركزون في إفريقيا وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا غير أن هناك حالات جذام أخرى مبعثرة في أكثر من 70 بلداً من بلدان العالم.

والمرض قل من يدعي أنه موورث، إذ لا تدعم هذه الدعوى أية قرينة أو دليل، وإنما هي المخالطة الطويلة الحميمة شهوراً إن لم تكن سنوات، بل ويقال إن هناك من لديهم استعداداً للعدوى بالجذام، وهناك من هم محصنون ضده.

وقد توهم طبيب إنجليزي عام 1904م، ان استحداث تطعيم خاص بالجذام أسوة بالأمراض الأخرى سوف يمنح فرصة الحصانة للناس ضد عدوى الميكروب، فابتكر تطعيماً صنعه من خلاصة الميكروب سماه "اليبرومين" ولكن أمله هذا لم يتحقق، ولم يحقق تطعيمه نجاحاً كبيراً.

غير أن الأمل في استحداث تطعيم ضد الجذام بفضل التقنية الحديثة قد يكون ممكناً هذه الأيام، بل هو أمل يتطلع له المختصون والمهتمون بالأمر، ولعله أمل يتحقق قريباً بإذن الله ما داموا يعملون بجدية وإخلاص تحت مظلة التقنية الحديثة

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى