أدوات

أمثلة من صنعة الآلات عند العرب والمسلمين

1995 العلوم والمعارف الهندسية

جلال شوقي

KFAS

صنعة الآلات أدوات الهندسة

آلات معالجة الأثقال

أدوات جرِّ الأثقال بالقوة اليسيرة

يشير محمد بن أحمد بن يوسف الخوارزمي (المتوفى سنة 387هــ= 997م) في مصنَّفة "مفاتيح العلوم" إلى الأدوات المستعملة في عصره في مجال جرِّ الأثقال فيذكر منها ما يأتي :

البرطيس (لفظة يونانية بمعنى المحيطة) – المخل (لفظة يونانية) – البيرم / البارم (لفظة فارسية) – أبو مخليون – الكثيرة الرفع – الأسفين – اللَّوْلب.

وعن حيل جرِّ الأثقال ورفعها يقول ابن خلدون: … وكذلك في جر الأثقال بالهندام، فإنَّ الأجرام العظيمة إذا شيدت بالحجارة الكبيرة يعجزُ قُدَّرُ الفعلة عن رفعها إلى مكانها من الحائط، فيُتحيَّل لذلك بمضاعفة قوة الحبل بإدخاله في المعالق من أثقاب مقدرة على نسب هندسية تصير الثقيل عند معاناة الرفع خفيفاً، فيتم المراد من ذلك بغير كلفة.

وهذا إنما يتمُّ بأصول هندسية معروفة متداولة بين البشر، وبمثلها كان بناء الهياكل المائلة لهذا العهد التي يحسب أنها من بناء الجاهلية، وأنَّ أبدانهم كانت على نسبتها في العظم الجسماني، وليس كذلك، وإنَّما تمَّ لهم ذلك الحيل الهندسية كما ذكرناه، فتفهم ذلك والله يخلق ما يشاء سبحانه".

هذا وقد كان المهندسيون في الحضارة الإسلامية على علم بما توصَّل إليه الاغريق في الحيل، ولعلَّ أهم ما كُتب في هذا المجال هو كتاب "شيل الأثقال" الذي ألفه هيرون الاسكندري أو إهرن الكبير (Hero or Heron of Alexandria) في حوالي القرن الأول للميلاد، ويبدو أن أهم حيل شيل الأثقال وجرها تمثل في الأدوات التالية:

1- تعداد البكر (البكرات المتعددة) وتمشية الخيط (أي الحبل) الجاذب فيها، الأشكال (37) إلى (41).

 

2- الدواليب متداخلة الأسنان، الأشكال (42-44).

 

3- اللوالب (لأعمال الجرّ)، شكل (45).

 

ويرجع ظهور أول بكرة في التاريخ عند الأشوريين وذلك منذ حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، شكل (37)، ولعلَّ أول ذكر لاستخدام البكرة ف يعملية رفع الأثقال جاء في كتاب فني إغريقي بعنوان : (Mechanica)، كتب في القرن الرابع قبل الميلاد.

وجدير بالذكر أنه إذا زاد عدد البكرات في منظومة الرفع عن بكرة واحدة، غدت القوة المبذولة أقل من الثقل الجاري رفعه، الأشكال (38-41)، وهذا ما يُعرف "بالفائدة الميكانيكية" – (Mechanical Advantage).

ولقد جاء ذكر مجموعات البكرات المعدّة لنظام شيل الأثقال في كتاب هيرون السكندري (كتاب شيل الاثقال)، كذلك بيَّن تقي الدين بن معروف (من القرن 10 هـــ = القرن 16م) في كتابه الموسوم "الطرق السنّية في الحيل الروحانية" مجموعة بكرات ذات فائدة ميكانيكية عالية، وذلك استناداً إلى كثرة عدد البكرات والحبال في المجموعة، شكل (41).

 

ثمة ترتيب آخر لرفع الأثقال جرى باستخدام ادواليب ذات الأسنان المتداخلة، الأشكال (42)، (43) ، (44)، حيث يستفاد من زيادة عزم اللّي مع زيادة قطر الدولاب المُسنَّن.

نُضيف إلى ما تقدم طريقاً ثالثاً أشار إليه هيرون السكندري، ألا وهو استخدام اللوالب لأعمال الجر أو الدفع، شكل (45).

 

 آلات تعمل بالهواء أو بالبخار

من حيل فيلون البيزنطي 

للتدليل على وجود الهواء واستحالة الخلاء، تمدد الهواء بفعل الحرارة

يسوق فيلون – على سبيل المثال لا الحصر – تجارب فيزيائية يبرهن بها على أن الهواء "جسد من الأجساد"، وعلى أن الخلاء أمر مستحيل، ونبين فيما يأتي ما أورده فيلون في الحيلتين (7)، (8) بلفظه :

 

]الحيلة[ (7)

"وطبيعة النار أيضاً مختلطة بالهواء، ولذلك يُجتذب، وبيان ذلك يكون بهذا، ومما نصف بعده.

ينبغي أن تهيأ بيضة من صاص، معتدلة العظم مجوفة، ليست برقيقة الغط جداً لكيما لا تنهشم معوجة، ويدخل طرف تلك السحارة في البيضة، حتى تكون قريباً من أسفلها لكيما يكون للماء سيلان، وتكون تلك السحارة جافة جداً أيضاً، وتوضع البيضة في مكان مطأطأ قبالة الشمس، ويوضع كأس فيه ماء تحت الناحية الأخرى من نواحي السحارة.

فلتكن البيضة التي عليها أ، والسحارة التي عليها ب، والكأس الذي عليه ج.

فأقول إذا سخنت البيضة من خارج تنفس جزء من الهواء الذي في داخل السحَّارة، والذي يعرض بعد ذلك يبين للبصر لأنّ الهواء يقع في الماس من تلك السحارة ويحركه، ويوقع نفخات كثيرة متتابعة.

فإن هيَّأت على تلك البيضة ظلاًّ، وأقمت حيناً يسيراً، ستعاين الماء يصعد من الكاس حتى يصير إلى البيضة، فإن نُحيِّ عنها أيضاً ذلك الظلّ وصارت في الشمس، دفعت الماء الذي فيها إلى الكأس، وإن أعدتها إلى الظلّ عاد الماء، وذلك يكون دائماً كما وصفنا.

وإن أوقدت أيضاً ناراً وأدنيتها من تلك البيضة بقدر م تسحن، عرض العرضُ الذي ذكرناه، وإذا بردَتْ عاد الماء لما كان، وإن أخذ إنسان ماءً حاراً وصبَّه على البيضة، عرض مثل ما وصفنا.

وهذه صفة ذلك .

فهذا الرأي اسطقس من الأسطقسات التي يُقال إنّها روحانية لأنها تكون في مثل هذه الحيل، وإنما يكون ذلك لأنَّه لا يمكن أن يكون مكان خالياً من الهواء، فإنَّه إن خلا منه من ساعته تصير في أجساد اُخر من الأجساد المركّبة مع الهواء، إلاّ أنها تدفع دفعاً من قبل الطبيعة.

فهذا العلم والرأي موافق لبعض أصحاب العلم الطبيعي، وهو موافق ايضاً لنا".

 

]الحيلة[ (8)

"ويتبين أنَّه لا يمكن أن يكون مكان خالياً من هواء وجسم من الأجسام، وذلك أنَّه يُصبُّ في إناءٍ من الأواني ماء، ثمَّ أقِمْ في وسط ذلك الماء شيئاً يعلو شبه المنارة، ثمَّ وُضِع على ذلك العُلوّ سراج مسرج، ثمَّ أُكبَّتْ على ذلك السراج جرَّه، يكون فمها قريباً من الماء، يكون فمها قريباً من الماء، ويكون موضع السِّراج في وسطها، ثمَّ اقمت حيناً يسيراً، فإنك ستعاين الماء الذي في ذلك الإناء يرتفع إلى الجرة، وإنما يعرض ذلك من العلة الني نذكرها، وذلك أن الهواء المحتبس في الجرة يبيد ويبلأ، ويذهب لحال التهاب النار، ولا يستطيع أن يقيم معه، فإذا انحل الهواء من حركة النار، يعرض ارتفاع الماء بقدر ما يذهب من الهواء، وهذا العرض شبيه بما قتلنا إنه يعرض للسحارات، فإن الهواء يذهب لأنه يبلى من النار، فلذلك يرتفع الماء، ويملأ المكان الذي صار فارغاً.

وهذه صورت ذلك"

هذا ويبين شكل (48) نموذجين من ترتيبات فتح أو غلق الأبواب بتسخير فعل الحرارة في تمديد الهواء.

ومن هنا كان تحريك الأبواب يتم دون رؤية العناصر الفاعلة، ولعلَّ ذلك هو السبب في تسمية مثل هذه الترتيبات أو الحيل "بالحيل الروحانية"، وكأنما تصدر الحركة عن أجسام روحانية لا يراها المشاهد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى