استُخدمت الفانيليا Vanilla
لأول مرة كنكهة في القرن
الخامس عشر الميلادي.
الطعام ضروري للحياة، فجميع الحيوانات تأكل للحصول على الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة. منذ فجر الزراعة، جرب الناس إمكانات الأطعمة المختلفة وتعلموا كيفية تحويل الطهي إلى فن. فن إضافة النكهات لا يتطلب حدس التذوق فحسب، بل وفهماً لكيمياء الأطعمة المختلفة وتوليفاتها المتممة.
حالياً، يجرّب الكيميائيون والطهاة توليفات النكهات لإنشاء مذاقات فريدة يتذوقها لسانك. يجرب جسم الإنسان النكهات بالجمع بين حواس الشم والذوق واللمس. لسانك مغطى بالخلايا الحسية، والتي تتجمع في مجموعات تسمى براعم التذوق Taste buds. تحفّز هذه النتوءات الموجودة على سطح اللسان بخمسة أنواع رئيسية من نكهات الطعام: الحلو والمالح والحامض والمُرّ والأومامي Umami. من أجل الشعور بنكهة بعينها، ينبغي أن يذوب الطعام في الماء ومن ثم يلامس لراعم التذوق. يعتمد الطعام الذي يحتوي على القليل من الماء أو العديم المحتوى المائي على اللعاب الذي يُفرز في الفم لإثارة الإحساس بالتذوق.
يمكن أن تختلف تفضيلات النكهة بين الأفراد. من المرجّح أن يختلف طعامك المفضل عن طعام أصدقائك، والطعام الذي لا يمكنك تحمله قد يكون عنصراً أساسياً في غذاء شخص آخر. تعتمد مذاقاتنا المفضلة على جيناتنا وخبرتنا وعمرنا. من الممكن أن تتغير الطريقة التي تفسر بها براعم التذوق أحاسيس النكهة مع تقدمك في العمر، مما يجعل بعض الأطعمة المُرة أكثر تحملاً لدى البالغين مما تتذكرها عندما تناولتها لأول مرة عندما كنت طفلاً.
وفي الوقت نفسه، تؤثر الأطعمة التي تتناولها السيدة الحامل على تفضيلات النكهة لطفلها عند ولادته. على الرغم من تفسيراتنا حول كون النكهة شخصية، يتشارك البشر إلى حد ما الانجذاب الأساسي نفسه للنكهات الحلوة.
المفضلة في العالم
قد يعتقد بعض الناس أن الفانيليا نكهة لطيفة، لكن الحلاوة اللطيفة المستخرجة من قرون سحلبية الفنيلية Vanilla orchids تحتوي على المركب الأكثر شعبية في العالم. يُطلق على هذا المركب اسم الفانيلين (C8H8O3)وهو مصدر نكهة الفانيليا المميزة التي كثيراً ما تُدخل في مكونات الحلويات. يُستخدم أكثر من 18,000 طن سنوياً من الفانيلين لصنع النكهات والعطور. ومع ذلك، يُحصل على 1% فقط من نكهة الفانيليا من قرون نبات الفنيلية. غالباً ما يُنتج الفانيلين صناعياً بتكسير المركبات المماثلة والموجودة في زيوت مختلفة مثل زيت القرنفل، وحتى في مواد مثل الخشب والبلاستيك. هذه طريقة أرخص وأقل استخداماً للعمالة لإنتاج كمية من الفانيلين تكفي لتلبية الطلب العالمي. لا يمكن إنتاج أحجام تتناسب مع الاستهلاك الحالي للفانيلين إذا اعتمدت الشركات المصنعة على المصدر الطبيعي وحده.
الأغراض التطورية للنكهة
يحتاج جسم الإنسان إلى مجموعة متنوعة من الأطعمة ليبقى قوياً ونشطاً وصحياً. وثّقت حالياً الأطعمة التي تحتوي على مغذيات مفيدة، وكذلك تلك التي يجب تجنبها. لكن خلال المراحل المبكرة من التطور البشري – عندما توجب على الناس البحث عن الطعام وصيده في البرية – ساعدت نكهة النباتات المختلفة في توجيه أطعمة البشر وزيادة فرصهم في البقاء على قيد الحياة. عموماً، تحتوي الأطعمة ذات المذاق الحلو على عناصر غذائية كثيفة الطاقة، في حين تُكتشف نكهات مرة في الأطعمة السامة. قبل اكتشاف العلم وراء المغذيات الدقيقة Micronutrients، جذبت هذه النكهات البشر إلى الأطعمة الملائمة وثنتهم عن تناول تلك الضارة. زادت براعم التذوق التي تكيفت لتناسب هذا النمط من فرص بقاء الشخص على قيد الحياة وورّثت عبر الأجيال، مشكّلة كيفية تفسير النكهة حاليا.
وهناك طريقة أخرى تفيد بها النكهة قدراتنا على البقاء هي السماح للجسم بتخزين الطاقة على نحو أفضل. فمثلاً، كم مرة شعرت بالإحساس بالامتلاء بعد تناول الطبق الرئيسي، لتجد نفسك تأكل الحلوى بعد دقائق قليلة؟ الجسم مبرمج لتخزين الأطعمة ذات النكهات والمغذيات المختلفة. يساعد هذا البشر على الاستفادة من الأوقات التي يتوفر فيها الكثير من الطعام وحفظ طاقتهم خلال الفترات التي يندر فيها الطعام أو ينفد.
بقلم: إيلسا هارفي
