نبذة تعريفية عامة حول “المُوسِيقا”
2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الموسيقا الفنون والآداب المخطوطات والكتب النادرة
المُوسيقا مِنْ أقدمِ الفنونِ الَّتي عَرَفَها الإنسانُ، وطَرِبَ لَها وغَنَّى أو رَقَصَ على نَغَماتِها، منذُ لحظةِ الميلادِ حتَّى نِهايَةِ العمرِ.
وأوَّلُ آلةٍ موسيقيَّةٍ عَرَفَها الإنسانُ القديمُ هي (النَّايُ) الَّذي صنعَهُ من عِظامِ الحَيواناتِ المُفْرَغَةِ وتَمَّ تسجيلُ أوَّلِ مقطوعَةٍ موسيقيةٍ عامَ 2500 ق.م.
ومِنْ هُنا وُصِفَتِ المُوسيقا بِأَنَّها فَنُّ الفِطْرَةِ، فالنّاسُ عَبْرَ جَميعِ العُصورِ وفي كُلِّ المُجْتَمَعاتِ البِدائيةِ والمُتَحضرةِ يَطربونَ للمُوسيقا، ويُعَبِّرونَ بواسطتِها عن مشاعرِهِمْ وأحاسيسِهمْ وأفكارِهم، سواءٌ كانَ ذلكَ بالاستماعِ إليها أو بالرَّقصِ والغِناءِ على أنغامِها، أو بالعَزْفِ عَلى بعضِ الآلاتِ الموسيقيَّةِ.
وتتأَلَّفُ المُوسيقا من أصواتٍ يتمُّ ترتيبُها بطريقةٍ تجعلُ الناسَ يَسْتَمْتِعونَ بالاسْتِماعِ إليها أو عَزْفِها، وتُثيرُ في نُفوسِهِم إِحْساساً عالِياً بالسعادَةِ والفَرَحِ، وتُضْفي على حَياتِهِم البَهْجَةَ والسرورَ، خاصَّةً في بعضِ المُناسَباتِ الدينيةِ.
وفي الأنشْطَةِ الثقافيةِ وفي حياتِهِم الخاصَّةِ، وقد تدفعُهُم إلى التأَمُّلِ والاسْتِرْخاءِ، أو تُساعِدُهم على إنجازِ أعمالِهم في يُسْرٍ ومُتْعَةٍ.
وتُعْرَفُ هذهِ الأصواتُ الَّتي يتمُّ ترتيبُها وتَنْظيمُها في قالَبٍ مُعَيَّنٍ باسم النَّغَماتِ الموسيقيةِ، حيثُ يكونُ بعضُ هذهِ النَّغَماتِ عالِياً وبعضُها مُنْخَفضاً، كَما يكونُ بعضُها طويلاً وبعضُها قَصيراً. وتعتمدُ مُعظمُ المَقْطوعات الموسيقيةِ على الإيقاعِ واللَّحْنِ.
أمَّا الإيقاعُ فهو النَّقْرُ المُتَكَرِّرُ بانتظامٍ في القِطْعَةِ المُوسيقيةِ (بهدفِ ضَبْطِ الإيقاعِ)، وتَحدْثُ هذه الإيقاعاتُ من خلالِ النَّقْرِ أو الضَّرْبِ على أيِّ شيءٍ يُحدِثُ صوتاً مِثْل الطَّبْلِ والدَّفِّ (الرّق) والصنوجِ النُّحاسيةِ وغيرِها.
أمَّا اللَّحْنُ فهو انْسِجامُ أو تَوافُقُ النَّغَماتِ الموسيقيةِ العاليةِ والمُنْخَفِضَةِ، الطويلةِ والقصيرةِ في نظامٍ خاصٍّ يُحَقِّقُ المُتْعَةَ للمستمعينَ.
وقَدْ عَرَفَ الإنسانُ منذُ القِدَمِ الكثيرَ من الآلاتِ الموسيقيةِ الَّتي يُمكنُ العَزْفُ عليها، كَما عَرَفَ أَنَّ لِكُلِّ آلَةٍ صَوْتَها النغمِيَّ الخاصَّ أو المُمَيَّزَ.
ويمكنُ تصنيفُ هذهِ الآلاتِ في خمسةِ أنواعٍ هيَ: آلاتُ النقرِ (كالطَّبْلَةِ والرّقِ والأجْراسِ والجَلاجِلِ) والآلاتُ الوتريةُ (كالعُـودِ والكَمانِ والجِيتـارِ) وآلاتُ النَّفْخِ (كالمِزْمارِ والنَّايِ والفلوتِ) والآلاتُ ذاتِ المفاتيحِ (كالبيانو والأُوكرديون) وأخيراً الآلاتُ الإلكترونيةُ في عَصْرِنا.
وتنقسِمُ الموسيقا في العالَمِ إلى قِسْمينِ: مُوسيقا غربيةٍ وموسيقا شَرقيةٍ.
أمَّا المُوسيقا الغربيةُ فتشملُ الموسيقا الشعبيةَ، والموسيقا الكلاسيكيةَ (القديمةَ) والموسيقا الحديثةَ، وموسيقا المسرحياتِ الموسيقيةِ (الأُوبِرا) وموسيقا الرَّقصِ التَّعبيريِّ (الباليه).
وأمَّا المُوسيقا الشَّرقيةُ، فَيُقْصَدُ بِها أَلْحانُ أهلِ الشرقِ، ولا سِيَّمَا الألحانُ الفارسيةُ والتركيةُ والهنديةُ وغيرُها (ويُضيفُ بعضُ علماءُ الموسيقا إليها الموسيقا الأفريقيةَ)، وجميعُها يَغلُبُ عليها الطابَعُ اللَّحْنِيُّ ذو الإيقاعِ.
وعَرَفَ العربُ مِثْل غيرِهمْ من الشعوبِ الموسيقا منذُ أقْدَمِ العصورِ، وبَرَعَ فيهمْ موسيقيونَ عِظامٌ، منهم (إبراهيمُ بنُ إسحاقَ المُوصِلّي) والخليلُ بنُ أحمدَ الفراهيديِّ مُؤَلِّفُ كِتابِ (النظرِ والإيقاعِ) والأصْفَهانيُّ مُؤَلِّفُ كِتابِ الأغاني.
وقدْ تَأثَّرُوا في مُوسيقاهُم بالمُوسيقا الشَّرقيةِ عُمُوماً، والمُوسيقا الفارسِيَّةِ والتركيةِ والهِنْدِيَّةِ والأفريقيةِ خُصوصاً.
وقامَ كُلُّ قُطْرٍ عربيٍّ بعدَ ذلكَ بتطويرِ مُوسيقاهُ لِتُناسِبَ ذَوْقَهُ وهُويتَهُ المَحليَّةَ وخصوصيَّتَهُ الثقافيةَ، فأصبحتْ هُناكَ المُوسيقا المصريةُ والموسيقا الشامِيَّةُ والمُوسيقا المَغْرِبيَّةُ والمُوسيقا الخليجيَّةُ والمُوسيقا المَغْرِبيَّةُ والمُوسيقا الخليجيَّةُ وهكذا.
ولكنَّها في النهايةِ تُصَنَّفُ مَعَ المُوسيقا الشرقيةِ، حيثُ نَرى الأنغامَ والأصواتَ وترتيبَها وإيقاعاتِها تَتَأَلَّفُ مَعَ أَجناسِ النَّغم في الألحانِ، وأشهرُ مَنْ كَتَبَ المُوسيقا العربية في العصرِ الحديثِ زَكريا يوسفُ وسليمُ الحلو مؤلِّفُ كتابِ (تاريخِ الموسيقا القريبِ).
واشْتَهَرَ العربُ أيضاً كَسائِرِ الشعوبِ بالمُوسيقا الشعبيةِ (الفولكلورية) وتَتَكَوَّنُ من الأغاني والأنغامِ التقليديةِ الموروثةِ الَّتي تُسْتَخْدَمُ في الرَّقصِ الشَّعبيِّ وفي الغِناءِ الشعبيِّ بجميعِ أنواعِهِ.
ويعزِفُها عازِفونَ شعبيُّونَ – مَوْهوبونَ بالفِطْرَةِ – في المُناسَباتِ المُختلفةِ كالأعيادِ والأفراحِ والموالِدِ وغيرِها.
ويَستعملونَ للعَزْفِ آلاتٍ موسيقيةً شعبيةً مصنوعَةً من الغابِ (كالمِزْمارِ والأرَغولِ والنايِ) أو من جُلودِ الحيوانِ المَشدودَةِ على الفَخَّارِ كالطبولِ مثلاً، ومِنْها أيضاً الرَّبابَةُ الَّتي يَعْزِفُ عليها الشاعِرُ الشعبيُّ، وهو يَروي القِصَصَ الشعبيةَ.
وهذهِ الآلَةُ – الرَّبابَةُ – مشهورَةٌ بينَ أهلِ الباديةِ، وتُعْتَبَرُ آلةَ الطَّرَبِ المُفَضَّلَةَ عندَهم، يُغنُّونَ ويوزنونَ الأشعارَ والقصائِدَ النَبَطيَّةَ (البدويةَ) على نَغماتِها.
وهُناكَ عدةُ أنواعٍ معروفةٍ من ألحانِ الرَّبابَةِ البدويةِ مثْل الربوعِ، والهُجَيْنيِّ والمسحوبِ، والفريسني والهلالي، ولا تزالُ شائعةً حتَّى اليومِ.
وقد تطوَّرَتِ المُوسيقا العربيةُ في وَقْتِنا الحاضرِ وأُدْخِلَتْ تَعديلاتٌ على القواعدِ والنُّظُمِ الموسيقيةِ نتيجةً لعملياتِ الاتِّصالِ والتَّفاعُلِ مَعَ شُعوبِ العالَمِ المختلفةِ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]