الأستاذ الدكتور زيدان عبدالكافي كفافي
أمين الذاكرة الأثرية في المملكة الأردنية الهاشمية
في أرض المملكة الأردنية الهاشمية التي تنبض بالتاريخ، وتحتضن طبقات من الحضارات، يبرز الأستاذ الدكتور زيدان عبدالكافي كفافي، بوصفه أحد أعمدة علم الآثار في العالم العربي، والفائز بجائزة الكويت للعام 2024م في مجال العلوم الإنسانية والفنون والآداب عن موضوع «تاريخ الحضارات والفكر الإنساني».
سيرته العلمية تمثل رحلة استثنائية في التنقيب عن الآثار والتأريخ والحفاظ على التراث، تمتد لأكثر من خمسة عقود من العطاء الأكاديمي والميداني.
وُلِد الأستاذ الدكتور زيدان كفافي في بلدة نوبا في الخليل بفلسطين، في العام 1950م، وحصل على درجتَي البكالوريوس (1971)، والماجستير (1977) في الآثار من الجامعة الأردنية، والدكتوراه (1982) من جامعة برلين الحرة في ألمانيا الغربية.
ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بجامعة اليرموك؛ حيث شغل عدة مناصب أكاديمية وإدارية مرموقة، منها: رئاسة الجامعة وعمادة كلية الآثار والأنثروبولوجيا وعمادة البحث العلمي والدراسات العليا وإدارة معهد الآثار والأنثروبولوجيا. كما عمل عميدًا لمعهد الملكة رانيا للسياحة والتراث (2011 – 2013) في الجامعة الهاشمية، وقائمًا بأعمال مدير متحف الأردن (2011).
قاد كفافي العديد من الحفريات الأثرية في مواقع أردنية بارزة، منها: عين غزال والحسيّة ودير علا وتل داميا وأبو حامد وجبل القلعة في عمّان، بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية عالمية مرموقة، منها: المركز الفرنسي للأبحاث بباريس وجامعة سان دييغو وجامعة نيفادا وجامعة روما لاسبينزا وجامعة لايدن ومتحف لايدن ومعهد الآثار الألماني في برلين وجامعة مونستر في ألمانيا. وقد أسهمت هذه الحفريات في إعادة كتابة تاريخ الاستيطان البشري في الأردن، خاصة في فترات العصر الحجري الحديث، والحجري النحاسي والبرونزي والحديدي (حوالي 10.000 – 332 سنة قبل الميلاد).
نشر كفافي أكثر من عشرين كتابًا بين تأليف وتحرير، و250 بحثًا منفردًا ومشتركًا، أغلبها تتحدث عن آثار الأردن بشكل خاص، وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية بشكل عام. وعمل رئيسَ هيئةِ تحريرٍ، وعضو هيئات تحرير واستشارية لعدد من المجلات الأردنية والعربية والعالمية.
حصل على عدة أوسمة وجوائز، أهمها: وسام الملك عبدالله الثاني للتميز من الدرجة الثانية (2016) وجائزة الدولة التقديرية (2011) ونجم العلوم في الأنثروبولوجيا والمتاحف (2017) ووسام فارس من الحكومة الفرنسية، وحصل على جائزة سعفات النخيل (1999) كما كُرِّم بكتاب Festschrift عنوانه: حفريات ومسوحات أثرية وتراث نشر في ألمانيا في العام 2023م، وهو يضم أبحاثًا كتبها زملاء وتلاميذ من مختلف أقطار العالم.
لم تقتصر مساهماته على البحث العلمي، بل امتدت للعمل المجتمعي؛ حيث ألقى ويلقي محاضرات عامة، ونظم معارض أثرية، وشارك في تدريب المرشدين السياحيين في الأردن، وكان مستشارًا للحفاظ على المواقع الأثرية، وهو عضو ونائب لسمو الأميرة دانا فراس في جمعية المجلس العالمي للمعالم والمواقع في إيكوموس بالمملكة الأردنية الهاشمية.
إن جائزة الكويت التي نالها الأستاذ الدكتور زيدان عبدالكافي كفافي، في العام 2024م، تأتي تتويجًا لمسيرة علمية وإنسانية استثنائية، وتأكيدًا على أهمية علم الآثار في فهم الذات والهوية. إن إنجازات الدكتور كفافي لا تمثل فقط حفظًا للماضي، بل بناء جسور من الفهم بين الأجيال.