البيولوجيا وعلوم الحياة

تفسير ظاهرة التشوّهات الخلقية في نباتات الذرة المكسيكية

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيولوجيا وعلوم الحياة

إن الأهداف، والاستراتيجية، والتوجّه نحو السلطة العلمية لشبكة «الحصيرة» واضحة بشكل جيد، وعلى وجه الخصوص من خلال ادعاءاتها المثيرة للجدل الخاصة بأنّ التلوّث من التعديل الوراثي يسبّب تشوّهاً في الذرة، وبالتالي يهدّد الإنتاج الغذائي.

فعندما نشرت شبكة «الحصيرة» نتائج دراستها في عام 2003م لم تذكر أن التلوّث بالهندسة الوراثية منتشر على نطاق واسع فحسب، بل أشارت أيضاً إلى وجود «نباتات مشوّهة» (Deformed Plants)، وعلاوةً على ذلك فإن نتيجة فحص الحامض النووي المترابط المنزوع الأوكسجين (DNA) المهندس وراثياً، قد جاءت إيجابية.

على الرغم من أن النشطاء قد اعترفوا بعدم وجود دليل لديهم حول ارتباط الجينات المحورة وراثياً بـ «التشوهات الخلقية» (Malformations)، إلا أنهم يعتقدون أن ظهور التشوّهات الخلقية مؤخّراً بوتيرة متسارعة في النباتات المشوهة يمكن أن يكون سببها تدفق الذرة المهندسة وراثياً.

فقد ذُكرَ في بيان صحفي أنه «قد تمّ العثور على نباتات مشوّهة في ولايات مقاطعة أواكساكا ومقاطعة تيشهواهو (Chihuahua)، حيث جاءت نتائج الفحص إيجابية لتؤكّد وجود منتجات مهندسة وراثية (ETC Group 2003)».

وقال ميندوزا (Mendoza) «لقد شهدنا الكثير من تشوهات الذرة، لكنها لم تكن أبداً مثل هذه [النتائج]. إحدى النباتات المشوهة في أواكساكا، التي احتفظنا بها كانت نتيجة فحصها إيجابيةً لثلاثة جينات مختلفة محورة وراثياً. كبار السن في المجتمعات يقولون إنهم لم يروا هذه الأنواع من التشوّهات [من قبل]» (مصدر سابق).

بدأت التساؤلات حول تشوّه نباتات الذرة تكتسب زخماً كبيراً، وتستقطب الجدل حولها، في وقت قريب من وقت انعقاد ندوة لجنة التعاون البيئي في أواكساكا، التي عُقدت في آذار/ مارس من عام 2004 وناقشناها في فصلٍ سابق.

فقد ذكر العديد من الشخصيات التي قابلتها بشكل واضحٍ بأن بعض المحتجين [المشاركين] في هذا الحدث الذين عبروا عن مخاوفهم من أن التلوّث كان يضرّ بالشكل المادي لنباتات الذرة، وذكروا بشكل خاص أن أحد النشطاء في حقوق السكان الأصليين في أواكساكا قد أحضر معه ساق ذرة مشوّهة، كانت نتيجة فحصها إيجابيةً لثلاثة جينات مختلفة محوّرة وراثياً (ذُكر ذلك أيضاً في بيان صحفي عام 2003م).

 

فبعد البيان الصحفي لعام 2003م، وندوة لجنة التعاون البيئي لعام 2004م شوهدت تشوهات خلقية كثيرة في نباتات الذرة في كل أنحاء المكسيك.

أصبحت التكهّنات فيما لو كانت هذه التشوهات ناتجة من التلوث الجيني موضوعاً مركزياً للنشطاء في المنتديات، وورش عمل المزارعين.

فقد أوضحت إحدى النساء الناشطات في منظمة دينية صغيرة غير حكومية تدعم الزراعة المستدامة، أنهم كانوا يراقبون أية تغيّرات تحدث على نباتات الذرة، منذ أن علمت عن المناقشات وجود الذرة المهندسة وراثياً في المكسيك.

في البداية حينما واجهنا النبات المشوّه، قالت للمزارعين، «حسناً، يمكن أن تكون هذه نتيجة الجينات المحورة، لكننا ما زلنا لا نستطيع تأكيد ذلك… لتكن عيونكم على حقولكم وراقبوا نباتاتكم».

كما شجعت المزارعين على تحسين تربتهم، لظنها أن النباتات المشوّهة قد تكون أيضاً نتيجة لاستنفاذ المغذيات [في التربة]، ولكن، كما حدثتني «في غضون ذلك، كنا قد تعلمنا المزيد عن الذرة المهندسة وراثياً، والتي هي السبب الذي جعلنا أكثر قلقاً، فلربما كانت التشوهات نتيجة للتلوث» (Agroecology Promoter, Oaxaca, March 27, 2006).

معظم  الذين قابلتهم من المشاركين في شبكة «الحصيرة»  أكدوا أن الفرضية بوجود رابط [بين التشوهات في النباتات المهندسة وراثياً]. غير مثبة علمياً وشجّعوا الانتباه للتشوهات الخلقية، لأنه مهما كان السبب، فإنها ضررٌ على محصول الذرة. ومع ذلك، فهناك عدد قليل من الذين يقتنعون بـأن هناك علاقةً سببية [ما بين التحوّر الوراثي والتشوهات] وما زالوا يدافعون عن وجهة نظرهم في ذلك بقوة.

 

في المقابل، فإن نشطاء الذرة الذين هم خارج إطار شبكة «الحصيرة» شكّكوا في المزاعم القائلة إن التحوّر الوراثي يسبّب تشوهات في النباتات. وأشار البعض منهم إلى أن العديد من التشوهات الخلقية نفسها قد ظهر في الذرة قبل إدخال النباتات المحورة وراثياً، وأنه ليس هناك أي دليل على العلاقة ما بين التشوّه والتلوّث بالتحوير الوراثي.

على وجه الخصوص، أحد النشطاء العاملين لسنوات عديدة مع مجموعة الزراعة المستدامة وحقوق السكان الأصليين في مقاطعة أواكساكا كان نافذ البصيرة بهذا الشأن. فقد علّق بأن الحديث حول التشوهات جاء كجزء من عملية تحويل الدفاع عن الذرة داخل الحركة الاجتماعية من القاعدة ولم يكن حملة يقوم بها النشطاء المهنيين، وقد قال: بالتأكيد بدأت [الحركة] مع مجموعة من المثقّفين، مجموعة من النشطاء الذين بدأوا بالتحدّث إلى الصحافة… ولكن الآن، نعم، أنا أعتقد أنه هناك بالفعل حركة اجتماعية من المزارعين أنفسهم، ليس فقط من الطبقة الوسطى أو البيئويين أو السلام الأخضر أو هذا النوع من المجموعات فحسب، بل بالأحرى هناك حركة اجتماعية؛ فالمزارعون قلقون، بما في ذلك هؤلاء المزارعون الذين هم من النمط التقليدي للمزارع المتمرّد. فهم ممن يخلق الخرافات والأساطير. فإذا عبرت مدينة سيرا يوراز إلى [مقاطعة أوكساك]، فسوف يحدثونك بخرافات كاذبة ومخيفة عن الذرة المحورة وراثياً. وسوف يطلعونك على بعض النباتات الفظيعة، وسيقولون إنها نتيجة خاطئة من ذرة مهندسة وراثياً. وكل هذه [قصص] وهمية غير صحيحة، والشعب هو مَن أطلقها بسبب القلق الحقيقي [من الذرة المحورة وراثياً]، هذا هو التعبير عن الحركة الاجتماعية الشعبية (Maize Activist, Oaxaca, March 3, 2006).

 

ومضى للتعبير عن رأيه بأن المجتمعات الريفية تناضل من أجل فهم ماهية المحاصيل المهندسة وراثياً، ومن المعقول أنهم سعوا لإيجاد إثبات مادي عن «الانحراف عن روح الذرة».

كما لاحظ أن رده شخصياً وردود وزملائه على مزاعم شخصية ريفية بشأن تشوّهات النباتات التي هي «لا لإذلاله، ولا لاستبعاده، ولكنها لا تُعطيه الاعتراف [بادعائته]. فنحن لا نوافق على أن هذا هو الطريق الذي يستوجب سلوكه».

فبالقدر الذي تمّ فيه الترويج لهذه الفكرة في المنظمات غير الحكومية في شبكة «الحصيرة» «أعتقد أنها انتهازية. أعتقد أنه أمرٌ سيىء، فأنا لا أتفق مع هذا الموقف».

 

وأشارت ناشطٌة أخرى داعمة للزراعة البيئية (Mexico City, December, 2005) ومشاركة في كل المشاريع التنموية الشعبية، ومناصرة [للتأثير في] السياسات الوطنية، إلى أن العديد من التشوهات الخلقية المرضية كانت معروفة في النباتات، وغالباً ما يكون سببها الفطريات، وأنه من غير «العلمي» أن يقوم النشطاء بنقل هذه الأفكار من دون أدلة صلبة.

فحين تفهم أن سكان الريف يطوّرون لحدٍّ معقول مثل هذه الاعتقادات، قالت على ما أظن، إنه من غير الملائم للمنظمات غير الحكومية أن تروج ذلك كما لو كانت تلك الفكرة صحيحة.

بعض منسقي الدراسة اعترفوا بسهولة، أن الوسط العلمي لن يقبل أبحاثهم، ولكن قالوا إن قبول الأبحاث ليس بالقلق الرئيسي لهم. وكما وضح أحد منسقي دراسة شبكة «الحصيرة» في ما يلي (October 20, 2005)لا نستطيع القول إن الجينات المحورة وراثياً أثارت التشوهات أو الأمراض، لأنه، ولكي تكون قادراً على نشر ذلك، عليك إنجاز دراسة علمية متكاملة، ومكلفة مالياً، كما أننا لا نمتلك مختبراً، فضلاً عن عدم امتلاكنا المصداقية. فأنا لا يمكنني نشر مقالة يُعترف بها في عالم التكنولوجيا الحيوية العلمية والحديثة.

 

وتابع ليقول إنه حتى وإن لم يكن بوسعهم نشر نتائجهم، فإنه بمقدورهم نشر قلقهم الخاص بالتهديدات التي تتعرّض لها الذرة الأصلية.

وبعبارة أخرى، حتى وإن افتقر النشطاء للموارد، والتخصص العلمي لنشر مقالة علمية حول تدفق التحوّر الوراثي في الذرة الأصلية ومؤثراتها، يبقى هدفهم دق جرس الإنذار حول دخول الذرة المهندسة وراثياً من خلال نشر أخبار النتائج المتضاربة [لدراستهم].

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى