الكيمياء

الطرق المستخدمة في عملية تحلية المياه

1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية تحلية المياه طرق تحلية المياه الكيمياء

توجد أغلب المياه على سطح الكرة الأرضية في البحار والمحيطات على هيئة ماء ملح. وتبلغ نسبة المياه المالحة على سطح الأرض نحو 97.5% من مجموع ما ينتشر على سطحها أو يوجد في جوفها من ماء، ولا تزيد نسبة المياه العذبة الصالحة للشرب على 2.5% فقط.

ويبلغ استهلاك الفرد من الماء العذب في الدول الصناعية نحو 500 لتر في اليوم، بينما يبلغ استهلاك الفرد في الدول النامية نحو 50 لترا فقط في اليوم.

ويشمل هذا التقدير جميع الأنشطة الآدمية باختلاف أنواعها، مما يبين لنا بجلاء الحاجة الشديدة للماء العذب في السنوات القادمة لمقابلة احتياجات الزيادة في السكان، وارتفاع مستوى المعيشة المنتظر في كثير من البلدان.

 

وتحتوي مياه البحار على أنواع مختلفة من الأملاح الذائبة فيها، وأهمها أملاح الصوديوم والكالسيوم والمغنيسيوم، التي توجد على هيئة كلوريدات أو كبريتات او كربونات، وهي لا تصلح بهذا الشكل للاستعمال الآدمي في الشرب والاغتسال وطهو الطعام.

وتوجد جرئيات الأملاح الذائبة منفصلة مؤقتا إلى جزء عليه شحنة كهربائية سالبة، ويعرف بالأيون السالب.

فملح الطعام (كلوريد الصوديوم) الذائب، مثلا، يوجد في الماء على هيئة أيونات «صوديوم» موجبة وأيونات «كلوريد» سالبة.

 

وهناك كثير من المناطق التي لا تتوفر بها المياه العذبة الصالحة للشرب، مثل المناطق الصحراوية او المناطق شديدة الجفاف التي لا توجد بها كميات مناسبة من المياه الجوفية. 

ولذلك تلجأ هذه الدول التي تقع في هذه المناطق إلى تحلية مياه البحر للتخلص مما بها من أملاح ذائبة.

 

ويمكن تحلية مياه البحر بعدة طرق، أهمها الطرق الأربعة الآتية:

1- تحلية المياه باستخدام الأغشية شبه المنفذة:

كان العالم العربي المسلم البيروني من أوائل من استخدم الأغشية شبه المنفذة في تحلية الماء، عندما قام بوضع قارورة من الفخار في ماء البحر وتركها حتى تمتلئ بالماء العذب.

ويستعمل عادة لهذا الغرض جهاز مكون من ثلاث غرف ويفصل الغرفة الوسطى عن الغرفتين الجانبيتين غشاءان شبه منفذين.

وعند إمرار تيار كهربائي بين القطبين الموضوعين في الغرفتين الجانبيتن تمر أيونات الأملاح الموجودة بمياه البحر خلال الغشائين. 

 

فتتجه الأيونات الموجبة مثل أيونات الصوديوم أو الكالسيوم نحو القطب السالب (الكاثود)، وتتجه الأيونات السلبة مثل أيونات الكربونات أو الكبريتات إلى القطب الموجب  (الأنود)

فيخلو بذلك الماء الموجود بالحجرة الوسطى من الأملاح ويخرج منها على هيئة ماء عذب صالح للشرب.

وقد استعملت هذه الطريقة لتحلية المياه منذ عام 1960 في بعض مناطق الشرق الأوسط، في جمهورية مصر العربية وفي المملكة العربية السعودية، وكذلك في جنوب الاتحاد السوفيتي السابق وفي بعض مناطق الولايات المتحدة.

ويوجد في العالم نحو 8000 وحدة من هذا النوع.

 

وتستعمل الأغشية شبه المنفذة كذلك في طريقة تعرف باسم «طريقة الضغط الأسموزي العكسي». وهي تعتمد على ظاهرة الضغط الأسموزي المعروفة، والتي تتلخص في أن الماء ينتقل من المحلول المخفف إلى المحلول المركز للملح.

ويمكن انتقال الماء في عكس هذا الاتجاه، أي من المحلول المركز إلى المحلول المخفف، إذا ضغطنا بقوة كافية على سطح المحلول المركز.

وعادة ما تحتاج هذه الطريقة إلى استعمال ضغط مرتفع قد يصل إلى نحو 50 مرة قدر الضغط الجوي المعتاد، كما تحتاج إلى ابتكار أغشية في محطة تحلية المياه بجدة في المملكة العربية السعودية. 

 

2- تحلية المياه بالتقطير:

عرف البحارة الأغريق هذه الطريقة في القرن الثالث قبل الميلاد، فكانوا يحصلون على مياه الشرب بغلي مياه البحر ثم تكثيف البخار الناتج الخالي من الأملاح بالتبريد.

كذلك يذكر لنا التاريخ أن القائد الروماني يوليوس قيصر كان يحصل على مياه الشرب لقواته بتبخير مياه البحر بواسطة أشعة الشمس، ثم تكثيفها.

وتعتبر طريقة تحلية مياه البحر بالتقطير، طريقة مرتفعة التكاليف إذ يحتاج الأمر إلى نحو 6000 وحدة حرارية للحصول على متر مكعب من الماء العذب، ولذلك تستخدم طرق للتقطير يخفف فيها الضغط عن الماء الساخن كي يغلي في درجات حرارة أقل من 100م. 

 

ومن أهم الطرق طريقة تعرف باسم «التقطير الومضي»، وفيها يسخن ماء البحر في فرن خاص، ثم يمرر في عدة مراحل متعاقبة، يخفف فيها الضغط في كل مرحلة عن المرحلة السابقة، فيتبخر جزء من الماء الساخن في كل مرحلة. 

ويتكثف هذا البخار عندما يلامس الأنابيب التي تحمل مياه البحر الباردة والتي تمر في المراحل في عكس اتجاه مياه البحر الساخنة، وهكذا يتحول إلى ماء عذب.

 

وهناك طريقة أخرى تعرف سام «التقطير متعدد المراحل» ويتناقص فيها الضغط كذلك من مرحلة إلى أخرى، ويستفاد من البخار الناتج في كل مرحلة في تسخين مياه البحر في المرحلة التالية.

وطريقة التقطير الومضي التي يعم استخدامها اليوم في كل من الكويت والسعودية وقطر، وهي تمثل نحو 70% من عمليات تحلية المياه في العالم، ففي الكويت، مثلا، يتم تحلية نحو 18 مليون لتر من الماء في اليوم بهذه الطريقة.

 

3- تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية:

عرفت فكرة استخدام حرارة الشمس في تحلية الماء المالح منذ زمن بعيد، فقد جاء ذكر هذه الطريقة في كتاب نشر عام 1608 تحت اسم «التقطير الحر».

كما أقام مهندس إنجليزي كان يعمل مشرفا على مناجم النترات في شيلي عام 1870، اول جهاز يستخدم الطاقة الشمسية لتوفير المياه العذبة للعمال والبغال التي كانت تستخدم في نقل الخدمات.

ولا تستوجب هذه الطريقة تسخين المياه إلى درجة الغليان، ولكن يكتفى بتعريض سطح الماء لحرارة الشمس في حيز مقفل.

ويستعمل لهذا الغرض جهاز بسيط يشبه الصوبة الزجاجية، ويغطي قاعها بسطح أسود للمساعدة على امتصاص حرارة الشمس، وتغطى قمتها بألواح من الزجاج الشفاف في وضع مائل.

 

وعندما يسخن الماء المالح في داخل هذه الصوبة بفعل حرارة الشمس، تزداد نسبة البخار في الهواء في داخلها، ويتكثف هذا البخار إلى ماء عذب خال من الأملاح عند ملامسته لسطح الزجاج البارد نسبيا، ويتجمع في قناتين على جانبي الصوبة.

وهناك وحدة من هذا النوع تعمل في منطقة الحمراوين على ساحل البحر الأحمر في جمهورية مصر العربية، تبلغ طاقتها نحو 60 مترا مكعبا من الماء الصالح للشرب في اليوم.

ونظرا لأن كفاءة هذه العملية محدودة إلى حد كبير، فهي لا تصلح لتوفير مياه الشرب للمدن الكبيرة.

 

4- تحلية المياه بالتجميد:

تعتمد هذه الطريقة على ظاهرة طبيعية، وهي أن الماء المالح عند تبريده إلى درجة التجمد تنفصل منه أولا بلورات من الثلج خالية تماما من الأملاح، وعند فصل هذه البلورات وإعادة صهرها تعطينا ماء عذبا صالحا للشرب.

ويمكن تحلية مياء البحر بهذا الأسلوب بتبريده إلى -2م، أي تحت الصفر المئوي (أو السيليزي) بدرجتين، فتبدأ بلورات الثلج النقي في الانفصال منه بينما يزداد تركيز الملح في الماء المتبقي. وتعتبر هذه طريقة مثلى للحصول على مياه الشرب وطهو الطعام في المناطق الباردة.

وهذه الطريقة ليست عملية تماما لتوفير مياه الشرن للمدن الكبيرة في الوقت الحاضر لوجود بعض الصعوبات في فصل بلورات الثلج عن الماء المحيط بها.

 

وقد فكر بعض الناس في استبدال طريقة التجميد بنقل جبال الجليد العائمة، وأجريت تجربة من هذا النوع، وتم سحب بعض جبال الجليد الصغيرة بين عامي 1890 و1900 إلى سواحل شيلي وبيرو، وقطعت هذه الجبال الجليدية نحو 3900 كيلومتر

وقد راودت هذه الفكرة نفسها القائمين على تحلية مياه البحر في المملكة العربية السعودية عام 1977

وتبين من الدرسات المبدئية أن أربع سفن قاطرة يمكن لها أن تسحب جبلا من الجليد يزن نحو مئة مليون طن من القطب الجنوبي إلى ميناء جدة على البحر الأحمر، بعد تغطيته بغطاء من البلاستيك لتقليل ما ينصهر منه في أثناء هذه الرحلة الطويلة التي تصل إلى نحو 7000 كيلو متر، والتي ستستغرق نحو ستة أشهر.

 

وقد صرف النظر عن هذه الفكرة نظرا لما يكتنفها من صعوبات منها أن أغلب جبال الجليد تكون هشة وقد تتفتت في أثناء رحلتها الطويلة.

كذلك فإن نحو 80_ 90 % من حجم جبل الجليد يكون غائصا في الماء ولا يمكن إدخال مثل هذا الجبل الضخم في مياه البحر الأحمر قليلة العمق.

ويضاف إلى ذلك صعوبة نقل المياه العذبة من جبل الجليد إلى الشاطئ وقد أدت هذه الصعوبات إلى عدم تنفيذ هذا المشروع إلى يومنا هذا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى