البيولوجيا وعلوم الحياة

أسباب وأعراض ظهور”الحساسية” لدى الإنسان

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أسباب الحساسية أعراض الحساسية البيولوجيا وعلوم الحياة

جسمُ الإنسانِ مُعرَّض للإصابة بكثيرٍ من الجراثيم التي تسببُ الأمراض؛ لذلك خلق الله فيه جهازا يستطيع أن يحسَّ بوجود أيَّ مادة غريبة عن الجسم، ويتعرّفها، ثم قد يستجيبُ لوجودِها، فيُنتِجُ الأجسام المضادةَ لها، وبذلك يحمي الجسمَ منها، وهذا الجهازُ الذي يحمي الجسمَ من الأخطارِ التي تُحيطُ بِهِ يُسمى جهاز المناعةِ.

وهناك أيضا الكثيرُ من الموادِّ الغريبة التي قد تدخلُ الجِسمَ، ولكنها لا تسبب له أية أضرار، فيتعرَّفَها الجِهازُ المناعيُ، ولكنه يتجاهلُ وجودَها ولا يستجيبُ لها.

ولكن الجِهازَ المناعي عند بعضِ الناس يكون مُفرطاً في حَساسِيَتِه، فيستجيبُ لبعضِ المواد غيرَ الضارة، وقد يُبالغُ في الاستجابةِ لوجودِها دون ضرورة، فيؤدي ذلك إلى الإضرار بالجسم.

 

وتختلفُ مظاهرُ هذه الحساسيةِ من شخصٍ إلى آخرَ، فبعضُهم يُصابُ بطَفْحٍ جلديِّ مصحوبٍ بحكةٍ عندما يأكلُ نوعاً من الطعام كالسمكِ، أو بيضِ الدجاجِ، او الشيكولاتةِ، أو الموزِ، وبعضُهم الآخرُ قدْ يُصابُ برشحةٍ من الأنف، وربما يكونُ ذلك مصحوباً بالحمّى عندما يشم زهورَ بعضِ النباتاتِ.

وقد تُسبِّب الحساسيةَ أيضا بعضُ العقاقير الطبية مثل، البنسلين الذي يُستخدَمُ في علاج الأمراض التي تسبِّبها الجراثيمُ. فما هي الحساسيةُ؟ وهل يختلفُ الشخص المصابُ بالحساسيةِ عن غيرِهِ من الناسِ؟.

الشخصُ المصابُ بالحساسيةِ شخصٌ طبيعيٌ تماما، ولكنَّ جهازَ المناعةِ في جِسمِهِ يستجيبُ لبعض الموادِّ غير الضارة الموجودةِ حولَنا ، فيُكّوُّنُ أجساما مضادة لهذه المواد، وعندما يتعرض الشخص نفسه لهذه المواد مرة أخرى.

 

تتفاعلُ الأجسامُ المضادةُ مع هذه المواد، فتفرزُ بعضُ خلايا الجهاز المناعي موادّ كيميائيةَ،  تسبَبُ اتساع الأوعيةِ الدمويةِ الصغيرةِ، فيحدُثُ احمرارٌ في الجلدِ، أو طفحٌ جلدي، ويزدادُ أيضا إفرازُ الأغشية المخاطيةِ المبطنَّة للأنف، فيسببُ ذلك رشحاً، أو تلك التي تبطن الأمعاءَ فتؤدي إلى الإسهال.

وقد ينخفضُ ضغطُ الدم في الشرايين، وقد يَصْحبُ مظاهرَ الحساسية السابقةِ ارتفاعٌ في درجةِ حرارةِ الجِسمِ، كما يحدثُ في المرضِ المعروفِ ب(حمى الدريس).

وتكثر أعراض الحساسية عادةً في فصلِ الربيع، عندما تكثُرُ الزهورُ، وتنشطُ الرياحُ التي تحملُ مسببات الحساسيةِ من حبوبِ لِقاحِ بعضِ الزهور، أو الأتربةِ العالقةِ في الهواء.

 

وتتخذُ الحساسيةُ صوراً مرضيةً كثيرةً، ففضلاً عن حُمَّى الدريس، قد تسبب الحساسيةُ التهاب الجيوبِ الأنفيةِ، أو الربو الشُّعَبي، أو يلتهب الغشاء المخاطي المبطَّن للعين (الملتحمة)، وهو ما يُعرفُ بالرمدِ الربيعي كذلك فإنها تسبب التهاب الجلد المعروف بالأكزيما.

والحساسيةُ لا تنتقلُ من الشخصِ المُصابِ بها إلى آخرَ سليم، فهي ليست من الأمراض المعدية. والشخص الحسّاسُ لمادةٍ معينة لا تظهر عليهِ أعراض الحساسية، إلا إذا تعرّض لهذه المادةِ دونَ غيرِها، ولذلك قد تستطيع الأمُّ أن تربِطَ بدقةٍ بين نوعٍ من الطعام وحُدوث الحساسية لطفلها.

ولذلك فإنهُ من الضروري أن نَعرفَ ما هي الموادُّ التي تسبِّب الحساسيةَ للمريض.. ولكن الملاحظة الجيدة قد لا تكفي وحدها لمعرفة مسببات المرضِ، فقد يكون الشخص حساساً لحبوبِ اللقاح في بعضِ النباتات، أو حتى للأتربةِ الموجودةِ في الهواء.

 

وفي هذه الحالة يلجأُ الطبيبُ إلى المختبر لإجراء اختبارِ الحساسيةِ، وذلك بحقن جسم المريض بكمياتٍ ضئيلةٍ من المواد التي تسبِب له حساسيةً.

والموجودة في المنطقة التي يعيشُ فيها،  وعندما تحدُثُ استجابةٌ لواحدٍ أو أكثرَ من هذه المواد، فإن هذه الاستجابة تكون دليلاً على أن الشخص حَسَّاسٌ لهذه الموادَ.

ونحنُ نعرفُ أن الوقايةَ خيرٌ من العلاج، لذلك عندما يُعرَفُ سببُ الإصابةِ بالحساسية، يَنصَحُ الطبيبُ المريضَ بعدم التعرضِ لمثلِ هذه المواد، فلا يأكل البيض إذا كان البيضُ هو الذي يسببُ له حساسية، أو يبتعد عن الشيكولاتة، أو الموز، وكذلك لا يتعاطى العقاقيرَ التي تُسببُ له حساسية، ولكن في بعضِ الحالاتِ يظلُ سببُ الحساسيةِ مجهولاً، أو نعرفهُ ولكن لا يُمكن تجنبَهُ.

 

كأن يكون الشخص – مثلاً – مقيماً في منطقةٍ زراعيةٍ، وعنده حساسيةٌ لحبوب اللقاح، أو يكون الشخصُ حساسا للأتربةِ الموجودة في الهواء..

في هذه الحالات يلجأُ الطبيبُ إلى بعضِ  العقاقيرِ التي تُعرفُ بمضادات الهيستامين أو مضاداتِ الحساسيةِ، وهذه العقاقيرُ لا تمنعُ أسبابَ المرضِ، ولا تخلَّصُ الجسمَ من الحساسيةِ، ولكنها تمنعُ فقط أثر تلك المواد الكيميائية التي تُفرزُها بعضُ خلايا الجهاز المناعي، فلا تظهرُ أعراضُ المرضِ.

ومن الطريفِ أن نذكر أن الطبيب المسلم أبا بكر الرازي كان منتبهاً لوجود هذا النوعِ من الأمراض، فألَفَ كتاباً صغيراً عن شخص كان يشكو من أعراضٍ معينةٍ كلما أتى موسُم الربيعِ كل عامٍ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى