إسلاميات

نبذة تعريفية عن زوجة الرسول “صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيّ”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

زوجة الرسول صفية بنت حييّ إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيّ هي زَوْجُ سَيِّدِنا رَسولِ اللهِ، صلَّى اللهُ عَلَيه وسلَّم. وهي مِنْ قَبيلَةِ بَني النَّضِيرِ اليَهودِيَّةِ، الّتي يَنْتَهِي نَسَبُها إلَى سَيِّدِنا هارونَ أَخي سَيِّدِنا مُوسَى، عَلَيْهِما السَّلامُ.

وقَدْ سَكَنَ بنو النَّضِيرِ «خَيْبرَ» بَعْدَ أَنْ أَجْلاهُم رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، عَنِ المَدينَةِ. وكانَتْ رِئاسَتُهم في خَيْبَرَ لحُيَيَّ بنِ أَخْطَبَ، والِدِ السَّيِّدَةِ صَفِيَّة.

وتَزَوَّجَتْ صَفِيَّةُ أَحَدَ مَشاهِيرِ قَبيلَتِها، واسمُهُ: كِنانَةُ ابنُ أبي الحُقَيق، وعاشَتْ مَعَهُ في حِصْنِ عائِلَتِهِمْ الّذي كانَ يُسَمَّى «القَمُوصَ».

وغَزا رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، «خَيْبَرَ» في أَوائِلِ سَنَةِ 7هـ ، وحاصَرَها.

 

وكانَ مِنَ الحُصونِ الّتي سَقَطَتْ في الحِصارِ «القَمُوصُ». وأَعْطَى رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، لمُقاتِلِي خَيْبَرَ الأَمانَ علَى ألاَّ يَكْتُموهُ شَيْئًا، ولكنَّ زَوْجَ صَفِيَّةَ وأَخاهُ أخلاَّ بهذا الشّـَرْطِ عِنْدَما سَأَلَهُما عَنْ بَعْضِ الأَمْوالِ فأَخْفياهَا وأَنْكراها، فَلَمَّا وُجِدَتْ أَمَر بِقَتْلِهما، وأُخِذَتْ صَفِيَّةُ في السَّبايا.

وصَالَحَ رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، أَهْلَ خَيْبَرَ، ثُمَّ وَجَدَ مِنَ الحِكْمَةِ أَنْ يُعْتِقَ صَفِيَّةَ من رِقّ السَّبْيِ، وذَلِكَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَها.

وفي المَدينَةِ، نَزَلَتْ السَّيِّدَةُ صَفِيَّةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْها، دارَ أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ. وكانَ نِساءُ أَهْلِ المَدينَةِ يَتَسامَعْنَ بِجَمالِها، فَجِئْنَ يَنْظُرْنَ إلَيْها.

 

ودَخَلَتْ عَلَيْها السَّيِّدَةُ عائِشَةُ أمّ المؤمنينَ، رَضِيَ الله عَنْها، مُنْتَقِبَةً (قَدْ غَطَّتْ وَجْهَها حتَّى لا تُعْرَفَ)، فَعَرَفَها رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم،  وقالَ: كَيْفَ رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ يَهودِيَّةً. قالَ: لا تَقولي ذَلِكَ، فإنَّها أَسْلَمَتْ وحَسُنَ إِسْلامُها.

وقَدْ أَهْدَتْ السَّيِّدَةُ صَفِيَّةُ من حُلِيِّها لِبَعْضِ النِّسْوَةِ، وخاصَّةً السَّيِّدَةَ فاطِمَةَ الزّهراءَ، بِنْتَ سَيِّدنا رَسولِ اللهِ.

وقَدْ لاحَظَ رَسولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، علَى خدِ السَّيِّدَةِ صَفِيَّةَ أَثَرَ لَطْمَةٍ، فَسأَلها عَنْه، فَقالَتْ: إنَّها حِينَ حِصارِ المُسْلمينَ خَيْبَرَ، رَأَتْ في مَنامِها كَأَنَّ القَمَرَ وَقَعَ في حِجْرِها، فَقَصَّتْ الرُّؤْيا علَى أمِّها وزَوْجِها، وكانَتْ حَديثَةَ عَهْدٍ بالزَّواجِ، فاجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُما عَلَى أَنَّها تَحْلُمُ بالزَّواجِ مِنْ «مَلِكَ العَرَبِ»، يَقْصِدانِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ولَطَمَتْها الأُمُّ لَطْمَةً شَديدَةً لَمْ يَزَلْ أَثَرُها باقِيًا.

 

ومما زادَ صَفِيَّةَ حُظْوَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، عُمْقُ إِيمانِها ورَجاحَةُ عَقْلِها وحُسْنُ رِعايَتِها لَهُ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، حتَّى إِنَّها كانَتْ تَزورُهُ في أَثْناءِ اعْتِكافِهِ، ويَصْحَبُها إلَى بَيْتِها عِنْدَ عَوْدَتِها.

وقَدْ كانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، حَريصًا علَى جَبْرِ خَاطِرِها والدِّفاعِ عَنْها إذا مسَّتْها زَوْجَاتُه العَرَبِيَّاتُ أَو القُرَشِيَّاتُ. وقَدْ مَرَّ بِنا ما رَدَّ به على السَّيِّدَةِ عائِشَةَ.

ومِنْ مَآثِرِها رَضِيَ الله عَنْها، حِلْمُها وكَرَمُها، فَفِي عَهْدِ الخَليفَةِ عُمَرَ ابنِ الخَطَّابِ وَشَتْ إِحْدَى جَواريها بِها إلَى عُمَرَ، وقالَتْ: إنَّ صَفِيَّةَ تُحِبُّ السَّبْتَ، وتَصِلُ اليَهودَ.

 

فَسَأَلَها عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ فأَجابَتْ: أَمَّا السَّبْتُ فإنِّي لَمْ أُحِبَّهُ مُنْذُ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِه الْجُمُعَةَ، وَأَمَّا اليَهودُ فإنّ فيهِمْ رَحِمًا فَأَنَا أَصِلُها. ثُمَّ قالَتْ للجارِيَةِ: ما حَمَلَكِ علَى هَذا؟ قالَتْ: الشَّيطانُ. قالَتْ: اذْهَبي فأَنْتِ حُرَّةٌ.

وفي أَثْناءِ حِصارِ سَيِّدِنَا عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، رَضِـيَ اللّهُ عَنْهُ، حِينَ مَنَع عَنْهُ الثَّائِرونَ الطَّعامَ والماءَ، كانَتْ تَنْقِلُ إلَيْه الطَّعامَ والماءَ مُسْتَعينَةً بالحَسَنِ بنِ عَلـِيٍّ، رَضِيَ اللّهُ عَنْهُم أَجْمَعينَ.

وفي سَنَةِ 50هـ لَقِيَتْ السَّيِّدَةُ صَفِيَّةُ رَبَّها وقَدْ بَلَغَتْ السِّتِّينَ أَوْ فَوْقَها بِقَليلٍ. رَحِمَها اللهُ ورَضِيَ عَنْها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى