البيولوجيا وعلوم الحياة

التوازن الطبيعي بين الأحياء

2007 في الثقافة والتنوير البيئي

الدكتور ضياءالدين محمد مطاوع

KFAS

التوازن الطبيعي بين الأحياء البيولوجيا وعلوم الحياة

إن النباتات الخضراء في أي نظام من النظم البيئية المختلفة تمثل طبقة المنتجين، وجميع أشكال الحياة الأخرى تدخل في أعداد المستهلكين، وأن رصيد العناصر المختلفة في كل نظام بيئي يبقى ثابتا تقريبا، وتتبادل الكائنات الحية، ويعود بعد تحلل أجسامها أو طرح فضلاتها، ليبقى متاحا لأجيال أخرى من تلك الكائنات. 

وتقوم البكتيريا والفطريات بعمل الكائنات المحللة، لإعادة تلك العناصر إلى البيئة بعد موت كائناتها المختلفة، كما أن تلك البكتريا والفطريات تموت وتتحلل أيضاً بكائنات أدق حجما.  تعمل عمل المحليين الثانويين، وهذه بالتالي تحللها أدق الكائنات الحية على الأرض وهي الفيروسات. 

وهكذا تجد سلاسل من المستهلكين والمحليين، فتدور العناصر بين الكائنات الحية، فتدور العناصر بين الكائنات الحية والنظام البيئي في تنظيم حلقي.

يكاد يكون ثابتا وهو ما يعرف بالتوازن الطبيعي أو التنظيم الذاتي، ولا يحتاج النظام البيئي من خارجه إلا إلى طاقة الشمس التي تكون بمثابة شرارة البدء في تشغيل النظام البيئي، فتسير وراءها جميع العمليات الحيوية من سريان الطاقة ودوران المادة بين الأحياء فيه.

 

والطاقة الشمسية ترد إلى النظام البيئي كل صباح، فتزوده بجرعة من الطاقة الإشعاعية، التي تختزنها نباتاته في المركبات الغذائية، وهذه هي نقطة البدء في سريان الطاقة بين جميع أشكال الحياة. 

ويمكن تشبيه عملية شحن الطاقة الشمسية كل صباح في بطاريات الكائنات النباتية (بواسطة البناء الضوئي) بعملية ملء الساعة كل صباح، وشحنها بطاقة حركية تديرها لمدة يوم كامل على الأقل، وذلك بلف زنبرك متصل بأحد التروس الذي يدير بعد ذلك باقي تروس الساعة ويحرك عقاربها في نظام ودقة.

وعندما تفرغ الطاقة المختزنة في زنبرك الساعة فإنها تتوقف في انتظار شحنة جديدة، وهكذا لا تحتاج الساعة من الخارج إلى أية مادة تستهلكها، ففيها مادتها، ولكنها تحتاج فقط إلى الطاقة الحركية التي أشير إليها.

 

وتشبه مجموعة العوامل (الطبيعية والحيوية مضافا إليها طاقة الشمس داخل أي نظام بيئي) في عملها مجموعة التروس في الساعة أو غيرها من الآلات.  فإذا توقف أحد التروس عن العمل لسبب ما، توقفت باقي التروس، مما يؤدي إلى اختلال الآلة وتعطلها عن العمل. 

وهكذا، فإن كل كائن حي داخل النظام البيئي يؤثر في حياة الكائنات الحية الأخرى ويتأثر بها، وإذا لم تتعرض هذه الكائنات الحية لتدخل عوامل جديدة أو طارئة على النظام البيئي، فإنها تقيم بينها توازنا طبيعيا، يحتفظ خلاله كل نوع منها بتوزيع عددي ثابت تقريبا، مما يحد من التزايد اللانهائي لأفراد أي نوع من الأنواع في النظام البيئي أو طغيانه. 

ولتفوقه على الأنواع الأخرى عدة عوامل، منها وجود أعداء طبيعية أو منافسة له على الغذاء المحدود، أو نقص الموارد أو المساحات المتاحة لتكاثره وانتشار أفراده، أو توازنه مع ما يفترسه أو يتطفل عليه من كائنات، كما تؤثر باقي الظروف الطبيعية والحيوية تأثيرا مباشرا على عدد الافراد في النظام البيئي، وحتى على توزيعها ونشاطها وتكاثرها وسلوكها داخل النظام البيئي. 

 

فالجفاف مثلا يؤدي إلى موت الكثير من النباتات، مما يؤدي إلى تناقص الحيوانات التي تتغذى عليها، أو هجرتها إلى أماكن جديدة.  وبالمثل يكون تأثير الحرارة والضوء والرياح على التوازن الطبيعي.

وتتعدد عوامل اختلال التوازن الطبيعي، فمنها التدخل غير المحكوم للإنسان في النظام البيئي بدون اعتبار لسلاسل الغذاء أو التوازن الطبيعي. 

فقد يسئ استغلال موارد البيئة إلى البيئة ويستنزفها، فيسرف في حرق الغابات، ويدمر المأولى لكثير من الكائنات الحية، ويهدد العديد منها بالفناء بعملية الصيد والقنص.  وهو يضيف في النظم البيئية مواد جديدة كالملوثات الكيميائية، والغازات الصناعية السامة، والأدخنة التي تضر بالنباتات والحيوانات، والمبيدات المتنوعة للآفات وغير ذلك. 

 

ويختل التوازن الطبيعي كذلك بدخول كائنات حية جديدة على النظام البيئي، فلا تجد أعداءها الطبيعيين الذين يحدون من زيادة أعدادهم، فتنتشر وقد تصير وباءاً داهما يهدد غيرها من الاحياء، مثلما حدث عند إدخال الأرانب إلى أستراليا والعصافير إلى أمريكا.

وفي مصر، دخلت دودة اللوز القرنفلية مع بذور قطن مصابة مستوردة من الهند، فانتشرت بغير وجود أعدائها التي تعيش معها في بيئتها الأصلية. 

وأصبحت الآن من أخطر الآفات الزراعية على محصول القطن، فضلا عن أنها تصيب قرون البامية وغيرها من الخضراوات فتتلفها.  

 

كما أن إدخال نبات ورد النيل للزينة في مصر (في القرن التاسع عشر) نتج عنه انتشار هذا النبات بصورة وبائية في النيل، وقنوات الري والصرف، مما تسبب في زيادة انتشار البلهارسيا، وغيرها من الطفيليات، بسبب تعلق القواقع الناقلة لها به، وتكاثرها عليه. 

كما سبب زيادة في معدل فقد المياه بالبخر من خلال سطوحه الواسعة، وتسبب أيضا في إعاق الملاحة وسريان الماء في القنوات. 

ومما يزيد من حجم مشكلاته أنه رغم مقاومته بشتى الوسائل، فهو يتكاثر بسرعة شديدة، وليس له منافسون في بيئة ماء النيل مثلما له في بيئته الأصلية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى