شخصيّات

نبذة عن حياة المخترعة “هايدي كونيكر”

1995 نساء مخترعات

الأستاذ فرج موسى

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

المخترعة هايدي كونيكر شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

من هي بالضبط ((هايدي كونيكر Heidi Konnecker))؟

"ماذا عساي أن أقول؟ لقد ولدت في 7 أغسطس عام 1940 بمدينة "هاك هوسن" Hackhausen بالقرب من دسيلدورف Dusseldorf". إنني من جيل الحرب العالمية الثانية، وفقدت والداي خلالها، وقامت جدتي (والدة أمي) بتربيتي."

وفجأة أصبحت مفعمة بالحيوية والنشاط وهي تقول: ((بدأت دراستي للكيمياء في مدرسة داخلية، حيث اعتدت الشعور بالوحدة، وكان لهذا أثر في صقل شخصيتي، فبدون ذلك، ربما لم أكن أستطيع امتلاك العزيمة للوصول إلى أهدافى.

 

بعد ذلك دخل ((هانز Hans))، زوجي الهولندي، إلى حياتي. فنحن متزوجأن منذ عام 1969، وما زلنا على حب ووفاق شديدين !!))

((لقد كأن ((هانز)) يقف بجانبي دائما، وعملنا سويا، حيث كان يملك عمله الخاص في مجال الإعلان، وقد ساعدني دخله من هذا العمل على تنفيذ أبحاثي.

 

ففي الحقيقة أنه بسبب حاجة عملائه للمنتجات الفوتوغرافية التي تتحمل الاستخدام الخارجي (في الهواء الطلق)، شرعت في أبحاثي عن الشرائح الشفافة المصورة التي نتج عنها اختراعي الحالي)).

لقد بدأت ((هايدي)) عملها في منزلها، ثم بعد ذلك في مختبر صغير جدا. ولم تتمكن من اتقان عملها على الوجه الاكمل إلا بعد مرور ثلاث سنوات ونصف.

 

وماذا عن تجربتها وخبراتها في المعارض الدولية؟

((إن هذه المعارض لا تقدر بمال، فهي تسلط الضوء على الصعوبات التي تحيط بالمخترع. فالمخترع يقابل رجال أعمال غاية في الفطنة والذكاء، يمكنهم فهم وإدراك أهمية مشروعك في الحال، ولكنهم في نفس الوقت يحتفظون في أعماقهم بمفهوم واحد ألا وهو: كيفية وضع أيديهم على الاختراع وبراءة الاختراع بأرخص الشروط الممكنة.

فنجد الشركات الكبيرة ترسل بمندوبيها إلى هذه المعارض، وبمجرد الإعلان عن منح الجائزة للمخترع، يسرع هؤلاء المندوبون نحو الفائزين الذين تدخل مختراعاتهم ضمن اهتمامات شركاتهم، ونجدهم يحاولون بجميع الوسائل والسبل شراء براءة الاختراع بأرخص شروط ممكنة. لذلك يجب الاحتراس من مثل هؤلاء الناس. إنني هنا أتحدث من واقع تجربتي وخبرتي)).

 

وفي حالة سيدة الأعمال ((هايدي كونيكر))، تقدم لها أحد عمالقة صناعة التصوير في العالم بمجموعة كاملة من المغريات، لإقناعها بالتنازل عن اختراعها نظير ((حساب وفير في البنك، ورحلات إلى جنوب فرنسا، وحياة سهلة آمنة.

وبالفعل كلها أمور مغرية، يجب الاعتراف بهذا،)) واستطردت السيدة ((كونيكر)) قائلة: ((ولكن في نفس الوقت يجب الاعتراف بوجود مخاطرة أن يكون مصير الاختراع الحبس في الأدراج، وهذا ما برر رفضي للرضوخ لتلك المغريات، ولم يكن ذلك من أجلي فقط، ولكن من أجل جميع النساء المخترعات اللاتي سبقني وجاهدن بقوة.

وعلى أية حال، فلم يكن القرار بهذه السهولة. والحقيقة أن زوجي قد ساعدني كثيرا في اتخاذ القرار عندما كرر لي مرارا بأنه اختراعي، وأنه أنا التي يجب عليها اتخاذ القرار حول ما يجب عمله)).

 

وهكذا نرى هذه المرأة البالغة من العمر 45 عاما التي عانت في طفولتها كثيرا ومرحلة مراهقتها كان لديها الشجاعة لرفض الطريق السهل. لقد أعدت ((هايدي كونيكر)) نفسها للقتال والكفاح وتحريك الجبال إذا اقتضى الأمر.

لقد عزمت على بناء مختبرها الخاص بها، وتكوين شركتها اللازمة للمشروع. ومن أجل تأسيس شركة، فإن ذلك يتطلب وجود محام لتسجيل براءة الاختراع، ومساهمين للشركة، واعتمادات مالية؛ فالحاجة ملحة لدعم رجال البنوك.

دعوت الأصدقاء الذين يكونون على معرفة بهؤلاء الممولين لتناول العشاء، وإجراء بحث الجدوى الاقتصادية ودراسة التسويق للمشروع، وزيارة وكالات الإعلان بجميع أنحاء أوروبا.

 

هذا بالإضافة إلى جهود المحافظة على الاختراع نفسه، بعيدا عن أيدي سارقي براءات الاختراع في كل مكان في أوروبا، والولايات المتحدة واليابان. يجب على السيدة ((كونيكر)) أن تفعل ذلك كله في غضون سنة واحدة، بدءا من اليوم الأول لتعبئتها طلب تسجيل الاختراع في هولندا.

فهناك الكثير من الأعمال التي يجب عملها؛ من خطوة إلى أخرى؛ من مصروفات أو أي تكاليف أخرى؛ وانسابت النقود وتراكمت الديون.. حتى دفعها ذلك في نهاية المطاف إلى التفكير في بيع مختبرها الصغير.

 

ومن أجل تحقيق هدفها ظلت هذه المخترعة تدور في حلقة مفرغة، ففي البنك يطلبون من إبراز الدليل على وجود طلبيات كافية تفي بالقرض، ولكن كيف تحصل على طلبيات كافية إذا لم يكن لديك مختبر تنفذ فيه هذه الطلبات؟

((بعد أسابيع وأسابيع أضاع البنك فيها الوقت سدى، وفي النهاية عرض منحنا قرضا صغيرا، وبشروط مجحفة. هل هذا ما تسميه البنوك)) مساعدة الاقتصاد؟ ((إنني لم أسمع في حياتى مثل هذا الهراء. وكانت إجابتى بالطبع رفض هذا القرض.))

وبمساعدة زوجها الشهم وبعض الأصدقاء الأوفياء، استمرت "هايدي" في كفاحها المرير حتى وصلت في النهاية إلى استدانة رأس المال من أصدقاء الأصدقاء، ثم قامت بتأسيس شركة ((هايدي العالمية HeiDIA International))، وهي شركة برأس مال يبدأ بـ 53,000,000 فرنك بلجيكي (حوالي 1300,000 دولاراً أمريكياً).

 

وقد قامت السيدة "كونيكر" بشراء مبان بلغت مساحتها 3,000 مترا مربعا، في مدينة "كونتيش Kontich"، وهي مدينة صغيرة في بلجيكا ملاصقة للحدود الهولندية، وعلى مسافة قريبة من موطنها.

وفي الثاني عشر من شهر سبتمبر عام 1986- بعد عام ونصف العام من استلامها جائزة المنظمة العالمية للملكية الفكرية افتتحت "هايدي كونيكر" رسميا مختبرها التجريي، وذلك بحضور ممثل المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO).

ومن الأشياء التي قامت بتزويد المختبر بها، جهاز كمبيوتر مركزيي ينظم ويتحكم في جميع العمليات الفنية المتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي.

 

ومنذ عام 1988، قامت شركة "هايدي العالمية" أيضا بتصميم صناديق عرض الصور الشفافة. وكانت التصميمات وفق ثلاثة أحجام، بمعدل إنتاج سنوي بلغ 3,000 تصميما عن عام 1989.

وفي نفس عام 1989 أيضا حصلت تصميمات ((هايدي)) على الميدالية الذهبية في مجال الدعاية والإعلان بمعرض جنيف الدولي للاختراعات.يالها من قصة نجاح مثيرة، وفي مثل هذا الوقت القصير، أيضا!!

ولكن "هايدي كونيكر"- بالرغم من هذا النجاح – تعترف بأنها أحيأناً ما تشعر بأنها في غاية التعب والإرهاق، فهي تجد نفسها مرغمة على الحرب في جميع الجبهات !!

 

فقد واجهت الكثير من المواقف المخيبة للآمال أثناء بحثها عن ممثلين أكفاء وجديرين بالثقة للحصول على توكيل توزيع منتجاتها عبر أوروبا وأماكن أخرى.

كما أنه ليس من السهل التعامل مع 42 موظفا يعملون تحت إشرافها بوصفها رئيسة شركة هايدي العالمية، ويعمل زوجها (هانز) مديرا عاما مشاركا.

وتقول "هايدي كونيكر"، وهي جالسة في مكتبها، الذي وضعت ميدالية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في مكان بارز فيه: "ستظل الميدالية دائما في فكري وذاكرتي، لأنها بالنسبة لي الشجاعة والإلهام."

 

"لقد شاهدت بالمعرض التوضيحي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية على لوحة الشرف صور لكل من "ماري كوري Marie Curie" واكتشافها (الراديوم)، "كوكو شانيل Coco Chanel" وعطرها الشهير، "ميليتا Melitta" واختراعها (مرشح القهوة)، "جريس هوبر Grace Hopper" وبرامجها في الكمبيوتر… ثم تحدثت لنفسي قائلة: "ربما في القريب العاجل تكون هناك لوحة جديدة وصورتي عليها.

أنا، ((هايدي))، بجوار هؤلاء النسوة العمالقة اللاتي ضربن المثل والقدوة!! وهذا ما تعنيه ميدالية المنظمة العالمية للملكية الفكرية بالنسبة لي دعوة للواجب. فيجب أن أكون جديرة بهؤلاء النسوة، ويجب أن أكافح لأكسب مكاني بينهن".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى