العلوم الإنسانية والإجتماعية

السوق العالمية الجديدة

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

إن التغييرات في الاقتصاد العالمي في السبعينات أنهت فعلياً النظام الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية على أساس نظام بريتون وودز، الذي أعلن عودة الأسواق المالية الدولية في خلال الثمانينات. وساهم الدور الفريد من نوعه للمال في النظام الاقتصادي الرأسمالي بتضخيم هذه الأحداث، التي أعادت تشكيل المجتمعات القائمة على اقتصاد السوق. تحول نطاق الأسواق وطبيعتها في الاقتصادات الوطنية والدولية، إذ قد حان وقت ربطها بوصفات السياسة الليبرالية الجديدة. وظهرت هيكليّة عالمية جديدة للتمويل، والإنتاج، والتجارة مما أدّى إلى خلق نظام يتعرض فيه المواطنون مباشرة أكثر بكثير إلى المخاطر القائمة على السوق.

المال والثقة

في الفصلين 2 و3 قلنا بما أن نطاق الأسواق يتوسّع بشكل كبير، حاز المال على أهمية جديدة، لاعتباره 'معادلاً عالمياً' يتم استخدامه لإجراء الصرف لقاء كافة السلع الأخرى. ويشير علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد في كثير من الأحيان إلى أنّه الجانب 'الاجتماعي' من المال الذي يسمح له بأن يلعب هذا الدور المهم. وأعلن بولانيي، على سبيل المثال، أن المال – هو "سلعة وهميّة" (Fictitious Commodity)– من بين السلع المركزية، إلى جانب الأرض والعمل، والتي بدونها لا يمكن لمجتمع السوق أن يعمل. ومع ذلك، فلا يمكن أن تتسلّم الأسواق وحدها إنتاج المال. فمثل العمل والأرض، فإنه يتطلب عمليات اجتماعية لإنتاجه وصيانته كسلعة.

تحتاج العوامل الاقتصادية إلى أن تكون قادرة على وضع ثقتها في هذا المال، على أن يكون "رمزاً للقوة الشرائية" (Token Of Purchasing Power) ، بمثابة وحدةٍ الصرف ومخزنٍ للقيمة. وغالباً ما تأتي هذه الثقة من السلطة السياسية. عندما توقفت البلدان عن استخدام الذهب والفضة كوحدة رئيسية للنقد، انتقلت إلى استخدام الرموز، مثل الورق أو البوليمرات، التي تكون بلا قيمة بحدّ ذاتها. ويتم تحديد قيمة هذا "النقد الإلزامي" (Fiat Money) من خلال مراسيم وقرارات الدولة. وتعزز الدول الثقة بالنقود من خلال اصدار العملة  ومكافحة التزوير لتضمن عدم إنتاج العمل من قبل أي طرف آخر.

غير أن المشاكل قد تطرأ عندما تتجاوز التجارة حدود الدولة. يُشير واشتل (1986, p. 31) إلى أنّه يتم تحديد النقود في "مصطلحات الدولة القومية أما التجارة فيتم اجراؤها عبر الحدود الوطنية". فتطرح هنا مسألة كيفية قبول وحدة صرف بلدٍ ما في بلدٍ آخر. يجب تطوير التقنيات لمقارنة قيمة العملات الوطنية المختلفة ببعضها البعض وبالإضافة الى ذلك، لا بد من أجل الثقة بقيمة العملة من تأمين على مستوى عالمي.

وتعتبر العلاقات الاجتماعية ضروريةً للائتمان. فالائتمان عبارة عن نوع من "النقود" كان عاملاً أساسياً في التوسع السريع لإنتاج السلع الرأسمالية. فبالنسبة للمقرض، تقديم الائتمان هو وعد قابل للتبادل يمنحه الحق للمطالبة بأرباح المقترض المستقبلية. أما للمقترض، فالائتمان وعد بأنه سيسدد الدين وبأن المقرض سيقبل النقود. ولكن لا يخلو الأمر من خطر عدم احترام هذه الوعود. تظهر المخاطر بسبب عدم وجود وسيلة موضوعية لمعرفة المستقبل. فمن غير المؤكد ما إذا كان المقترض سيحصل على ثروة مستقبلية، وهذا ما حفز على تقاضي الفائدة، وهو ثمن ما وعد المقترض بدفعه.

 للعلاقات الاجتماعية للائتمان بُعد آخر. فتُعد هذه العلاقات علاقات قوى أيضاً. فلا يتم تخصيص مال الائتمان من خلال عملية مبادلة سوق "حرة ومتساوية" ولكن بالأحرى يتم تخصيصه على أساس تقديري. ويتم تحديده غالباً من خلال الأحكام الشخصية عن المقترض وعلاقاته الاجتماعية ما يخلق دورة أفضلية للذين يعتبر بأنهم يفون بالمعايير المناسبة. وعدم الأفضلية عملية تراكمية لغير القادرين على نيل الائتمان. وبذلك تقوم أهمية القوى على وضع قواعد إنشاء ائتمان وتحديد من لديه إذن الوصول الى نقود الائتمان وتحديد الغاية من استعماله.

 تسعى العلاقات الاجتماعية التي يتم تنظيمها من خلال مؤسسات تتضمن الدول وبنوك القطاع الخاص إلى تقليل المخاطر من خلال تعزيز الثقة اللاشخصية بين المقترضين والمقرضين إن كانوا أفرداً أو حكومات دولاً أو شركات (Pixley 2004, p.9). فتُعد هذه الاعتبارات للثقة أو لـ"الثقة المؤسسية" (Institutional Confidence) ذات صلة بشكلٍ خاص في ضوء الأهمية المتزايدة للتمويل والائتمان في الاقتصاد وحياة الأشخاص اليومية. فهذه الأفكار قريبة جداً من مقاربة "الشبكة" لــ Granovetter (1973) والتي تعتبر الأسواق كسلسلة شبكات بين الأشخاص ( انظر الفصول 2 و 4 و 10).   

صعود القطاع المالي

أصبح توسع الأسواق التمويلية وزيادة أهميتها ظاهرة بارزة منذ نهاية عصر "القمع المالي". ودلالة على ذلك الزيادة الضخمة لحصة الإنتاج الكلي من قطاعات التمويل والتأمين والعقارات والتي ازدادت في الولايات المتحدة بأكثر من 50% منذ ستينيات القرن الماضي (2010Bellamy Foster  ). وظهر إلى جانب ذلك "المشتقات" أو الأسواق "المستقبلية". فالمشتقات عبارة عن عقود تسمح للأفراد أو الشركات المتاجرة بالتعرض للخطر، وبيعه لحماية أنفسها من التغيرات المستقبلية. ويتم استعمال المشتقات أيضاً للاستفادة من المخاطر والارتياب من خلال التخمين حول هكذا تغييرات من أجل تحقيق الربح ((Bryan & Rafferty 2006, p. 1).

تشتق "المشتقات" قيمتها من الأداء المتوقع أو تحركات الأسعار في الأصول الأساسية المتعلقة بها (2006McDonald  ). خلال  العام 2010 بلغت قيمة حركة الأسهم في التبادلات المشتقة في العالم أكثر من أربعة تريليونات دولار أميركي، وتكون بذلك قد تضاعفت أكثر بثلاث مرات خلال 15 سنة. فتُعد العمليات التجارية في الأسواق المشتقة ذات قيمة أكبر بمئات الأضعاف من الإنتاج العالمي للسلع وللخدمات أو من مستويات التجارة العالمية ما يُشير الى أن هذه الأسواق تتضمن معدلات صفقات تجارية عالية جداً.

ومع توسع الأسواق المالية ازدادت أهميتها الاقتصادية والاجتماعية. فتلعب الأسواق المالية والتأمينية دوراً أهم بكثير في تنظيم الاستثمار في الاقتصاد العالمي. يتم استخدام الأسواق الاقتصادية الدولية لضبط معدلات الصرف وأسعار السلع الأساسية وللإشارة إلى الربحية المستقبلية من خلال الحصص والأسعار المستقبلية. تم وصف هذه العملية بأنها عملية "تمويلية" يُعَرِفُها كريبنر (Krippner) (2005, p. 174) بأنها "نمط تراكمي حيث يحدث تحقيق الربح على نحو متزايد من خلال القنوات المالية بدلاً من أن يحدث من خلال التجارة وإنتاج السلع الأساسية".

عنى نمو الأسواق المالية زيادةً في الأنشطة المضاربة ما يبعد أموال الاستثمارات عن إنتاج السلع الأساسية غير الاقتصادية. فعلى سبيل المثال في أستراليا خلال سنة 2010، كانت قيمة الدولارات الأسترالية التي تم تداولها في أسواق العملات كل يومين موازية لتلك التي تم تداولها من خلال الصادرات والواردات خلال سنة كاملة (مصرف التسويات الدولية 2010). وفتحت العملية التمويلية مرحلة جديدة من ظهور ثروة وخلق فرص عمل بوجه الركود الكامن في الإنتاج الاقتصادي منذ نهاية مرحلة الازدهار ما بعد الحرب العالمية الثانية بفضل أدواتها الاقتصادية الجديدة وسلعها الأساسية (Bellamy Foster 2007). ولكن أسباب التوسع الاقتصادي أثره مثيران للجدل.

يميل اقتصاديو الليبرالية الجديدة لرؤية الأسواق الاقتصادية كأسواق مماثلة للأسواق الأخرى كونها معرضة للمنافسة من قبل مشاركين يتلقون دخلاً متناسباً مع إنتاجيتهم الهامشية. يضيف السوق المالي الخاص أهمية للاقتصاد من خلال زيادة إنتاجية الاستثمار وتوجيه الأموال الفائضة بطريقة أكثر فعالية نحو نشاطات منتجة. وبحسب الاقتصادي النمسوي فريدريتش فون هايك (1967) الأسواق المالية مرحب بها بسبب الدور الذي تلعبه بإدارة التعقيدات. فتدعم هذه الأسواق تزايد حجم المنافسة والإنتاج من خلال تنسيق تدفق الاستثمار بين الشركات والصناعات والبلدان المختلفة.

ولكن تم ربط ازدهار القطاع الاقتصادي أيضاً بعدم استقرار وعدم مساواة اقتصادية كبيرة جداً بالاضافة الى ارتباطه بانتهاك تنظيمي كبير للأسواق الاقتصادية في نشاطات الحكومات والأسر. ومن وقتها، انتقدت تقاليد عديدة في العلوم الاجتماعية هذا التوسع. وانتقد العديد من الاقتصاديين الكلاسيكيين السياسيين أيضاً القطاعات المالية والعقارية ـووجدوها غير منتجة، استناداً إلى نظرية قيمة العمل بحيث تجني دخلاً من السيطرة الاحتكارية على الأصول. ووجد العديد من النقاد الحاليين للاقتصاد هذا التوسع كأمر غير مرغوب به يأتي على حساب صناعات "منتجة" أكثر، كالتصنيع.

قلق بعض المنظرين الاقتصاديين والاجتماعيين من الطبيعة المضاربة للقطاع المالي. من الممكن أن تنتج الاستثمارات دخلاً مستمراً من أرباح الأسهم المدفوعة أو إيجارات مدفوعة عن الأرض. ومن الممكن أن تنتج أيضاً أرباحاً من الرأسمال حيث تزداد قيمة الاستثمارات. فقد يكون الاستثمار المرتكز على مكاسب رأس المال متقلباً جداً بحيث إنه غالباً ما يكون قصير المدى ومضارباً ويعتمد على توقعات تحركات الأسعار بدل أن يعتمد على عوائد رأس المال على المدى الطويل. وترتبط المضاربة بالذعر المالي الذي يبدو أنه ازداد بطريقة واضحة خلال الحقبة التمويلية – الأزمات الاقتصادية في شرق آسيا والأرجنتين، وعلى سبيل المثال فقاعة دوت كوم وأزمة الرهن العقاري الأخيرة.

اعتماداً على عمل هيمان مينكسي (Hyman Minksy) (1986) اعتبر عدد من الاقتصاديين ما بعد الكينزيين بأن ازدهار القطاع الاقتصادي قد زاد من عدم الاستقرار الاقتصادي لأن الأسواق الاقتصادية تميل الى المبالغة في الأعمال بسبب الذعر والهوس. فعلى سبيل المثال أظهر كيندلبرغر (Kindleberger) (1996) كيف قادت فرص الاستثمار الجديدة مع عوائد عالية في البداية العديد من الأشخاص للاستثمار وبذلك زيادة سعر الاستثمار الجديد (كتخزينات التكنولوجيا في فقاعة دوت كوم). ولكن فيما يبدأ الأشخاص بملاحظة أنه لا يمكن الحفاظ على السعر المرتفع ستنبثق نوبة ذعر وسيتدهور السعر بصورة مفاجئة.

شرح مينسكي (1986)  من خلال التركيز على دور الدين كيف باستطاعة القطاع المالي تحويل هذا الذعر المضارب الى أزمة اقتصادية أكبر بكثير. فيمكن للمستثمرين الذين اقترضوا المال من أجل تحقيق أرباح من رأس المال أن يفلسوا بسبب الذعر. فتستجيب بالتالي، المصارف من خلال رفع معدلات الفوائد والتشدد في شروط الدين ما يمنع عدداً من المقترضين من الحصول على الدين، ويتوقف نظام الائتمان. قد يؤدي ذلك إلى أزمة اقتصادية شاملة حيث لا يعود بمقدور المؤسسات الوصول الى رأس المال فيفقد المستثمرون الثقة. يعتقد كثيرون بأن هذا ما حصل خلال أزمة الرهن العقاري الأخيرة حيث ساد الإفلاس وفقدان الوظائف في الاقتصاد العالمي. (انظر مربع 3.6).

المربع 3.6 الأزمة وعبء التقشف

إن عواقب التمويل واضحة في اثار الأزمة الاقتصادية بعد انهيار سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2007. عندما بدأ الناس في التخلف عن دفع ديونهم ، ساد ذعر ناجم عن خوف المستثمرين من فقدان المال. فقلصت المصارف من الإقراض ما صعّب تشغيل المؤسسات. تعمقت الأزمة عندما خسر عدد أكبر من الأشخاص وظائفهم فتخلف عدد أكبر من المقترضين عن الدفع وأشهر عدد أكبر من الأعمال التجارية الإفلاس.

عنت عولمة الاقتصاد أن الأزمة انتشرت بسرعة خارج الولايات المتحدة لتصل للاقتصاد العالمي. ولكن هذه الأحداث أشارت الى دروس أكبر. فالطرق التي يختبر فيها مختلف الأفراد والفرق آثار الأزمة الاقتصادية قد تشير إلى كيفية توزيع المخاطر المبنية على الأسواق في مجتمع ما في أوقات محددة، كما أن طريقة استجابة الدول إلى هكذا أزمات تُعطي صورة عن توزيع القوى في مجتمعات الأسواق.

قبل الأزمة، اعتقد كثيرون أن تطور نماذج التسعير والمنتوجات المعقدة  مثل مقايضة العجز عن سداد الائتمان حدّت من المخاطر الاقتصادية، ما يقلّص احتمالات حصول أزمات كبرى.

اعتبرت "فرضية كفاءة السوق" أن الأسواق الاقتصادية سمحت بتسعير دقيق للمخاطر من خلال إبراز كل المعلومات ذات الصلة. ولكن الحيازات الواسعة للمشتقات المعقدة (وغالباً ما تكون مرتبطة) من مختلف الأنواع تعني بأنه ما بدأ كأزمة في سوق صغير ومتمركز انتقل بسرعة في كل الاقتصاد العالمي.

طاولت آثار الأزمة أيضاً ما وراء الأسواق الاقتصادية بحد ذاتها. فعقدان من الخصخصة والتسويق مرفقان بانتشار التمويل عنيا بأن مجموعة من الخدمات الاجتماعية والمؤسسات العامة أيضاً مهددة.

في البلاد الرأسمالية المتقدمة، وجدت الحكومات المحلية التي استثمرت الأموال العامة في الأسواق الاقتصادية مع أمل تحقيق أرباح عالية، الفوائض تختفي. وأفلس مقدمو الخدمات من القطاع الخاص الذين كان يعتمد نموذج الأعمال الخاص بهم على الأدوات المالية المعقدة.

ردت العديد من الحكومات بصورة أولية من خلال حزمة إنقاذ مالي على نمط الكينزية مصمم لتحفيز الطلب عبر ضخ الأموال في الاقتصاد. لقد ضمنت أيضاً قيمة الايداعات المصرفية وفي بعض الحالات، أممت المصارف لمنع انهيارها. كما صُممت قواعد جديدة للقطاع المالي العالمي، تهدف إلى تقليض تعريض المصارف الكبرى إلى منتوجات مالية خطرة وتخمينية. ولكن بحلول سنة 2010، اتضح أن الغزل مع الكينزية لم يعش إلا لوقت قصير لأن السياسات الليبرالية الجديدة التي ميزت سنوات ما قبل الأزمة عادت لتصبح النموذج المعياري من جديد.

سعت الحكومات لإعادة ميزانياتها إلى الفائض من خلال تقليص الإنفاق. في بريطانيا فرضت  الحكومة الائتلافية الجديدة تخفيضات واسعة للخدمات العامة. هدفت اليونان وروسيا لتعزيز ميزانياتهما من خلال برامج واسعة للخصخصة. إلا أن  الممارسات التقشفية أدت الى مظاهرات وتوجه الانتقاد للحكومات التي فرضت عبء التكيف الاقتصادي على مواطنيها بينما استفادت الشركات من اعانات حكومية كبيرة جداً وحزم إنقاذ. ففي الولايات المتحدة غالباً ما قيل إن الحكومة تتجاهل "الشارع العادي" أي عامة الناس بسبب اهتمامها بــ"وال ستريت". وتبنت حركة "احتلوا وول ستريت" هذه القضية ورفعت لواءها عالمياً.

يبني الاقتصادي السياسي الماركسي جون بيلامي فوستر (John Bellamy Foster) (2007) على هذه الأفكار. ويعتقد بأن هيمنة الشركات الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية قد غيرت طبيعة الاقتصاد الرأسمالي من خلال زيادة الإنتاجية والربح. ولكن طلب المستهلك وفرص الاستثمار الجديدة تخلفت عن المواكبة. وكانت النتيجة بركة كبيرة من المال الفائض الذي قاد ازدهار الأسواق الاقتصادية. ينشئ قطاع المال أدوات وسلعاً جديدة ولكنها غالباً ما تكون مضاربة َبهدف الاستثمار، ما يؤمّن نشاطاً صغيراً جديداً ومنتجاً. تحدث المضاربة ازدهاراً مؤقتاً في قيمة الأصول الاقتصادية، لكنها تؤدي حتماً إلى أزمة اقتصادية تسبب عدم استقرار كبير.

رفع التوفر الكبير للائتمان المرتبط بالسلع الاقتصادية الجديدة ديّن الأسرة بشكل كبير. ورغم أن بعض هذا الديّن متعلق ببطاقات الائتمان فإن أغلبيته ناتج عن الرهن الذي تم استعماله لشراء المنزل. ولكن إن استعمل المال لشراء الأصول الموجودة فسيوقع تضخم الأسعار الأشخاص تحت وطأة رهن عقاري كبير جداً وسيجعلهم عاجزين أمام زيادات معدلات الفوائد. وهذا ما حصل خلال أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة. تم إنشاء أدوات اقتصادية جديدة سمحت  لمستثمرين مؤسساتيين بإقراض المال لمشتري المنازل من الأفراد من خلال الرهن العقاري ذي الائتمان المنخفض. وفي نفس الوقت تم تسهيل شروط الاقتراض ما أدى الى زيادة في ديّن الأسرة وضخّم أسعار المنازل ورفع العوائد (المؤقتة) للمستثمرين.

ارتبط عدم المساواة في زيادة نموّ القطاع المالي. وقد أظهر بول كروغمان (Paul Krugman) (2007) أن ازدهار القطاع المالي مرتبط بزيادات كبيرة في الأجور وفي العلاوات. وفي نفس الوقت، زادت كلفة الأصول كالتأمين والسكن من كلفة ضغوطات المعيشة. وبحسب اليزابيت وارن (Elizabeth Warren)  (2007) تنفق العائلات المتوسطة الدخل في الولايات المتحدة على منتوجات الاستهلاك كالطعام واللباس أقلّ ممّا تنفق على السكن والتأمين الصحي بما أن الأسعار في هذه القطاعات تزداد بسرعة كبيرة (فصل 8). ولذك أدت الأزمة المالية العالمية إلى شلّ العديد من الولايات الأميركية والمواطنين (المربع 3.6).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى