الطب

نبذة تعريفية عن مرض شَلَلُ الأَطْفَال

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مرض شَلَلُ الأَطْفَال الطب

هل لاحَظْتَ طفلاً يَلْبَسُ أَحْذِيَةً منظرُها مختلفٌ عن الأحذِيَةِ الّتي يَلْبَسُها غيرُه من الأَطْفالِ؟ إنّها أَحْذِيَةٌ طِبِّيَّةٌ ذاتُ نَعْلِ سَمِيكٍ في إحدَى القَدَمَيْنِ.

وإضافةً إلى ذَلِكَ هو يسيرُ بصُعوبَةٍ، وبِطَريقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ عن طريقَةِ سَيْرِ مَنْ هُمْ في مِثْلِ عُمْرِهِ، ولا يستطيعُ الاشتراكَ في الألعابِ الرِّياضِيَّةِ بالمَدْرَسَةِ أو في الأَنْدِيَةِ الرِّياضِيَّةِ.

إن هذا الطفلَ مصابٌ بِمَرَضِ شَلَلِ الأَطْفَالِ. فَمَا قِصَّةُ هَذا المَرَضِ؟ ولماذا يَحْدُثُ بينَ الأطفالِ؟

 

شَلَلُ الأطفالِ مَرَضٌ يَسَبِّبُهُ فَيرُوسٌ يصيبُ الطِّفْلَ عن طريقِ الطَّعامِ أو الشَّرابِ. وهو يَتَكَاثَرُ في النُّسُجِ اللِّمْفاوِيَّةِ المُرْتَبِطَةِ بالجهازِ الهَضْمِيّ، وفي اللّوزتيْنِ، ويَصِلُ منها، عن طريقِ الدَّمِ، إلى الجِهازِ العَصَبِيِّ المَرْكَزِيِّ.

وهناكَ يَتَسَبُّبُ الفيروسُ في إتْلافِ بَعْضِ الخَلايا العَصَبِيَّةِ الّتي تُحَرِّكُ مجموعَةً من العَضَلاتِ، فتصبحُ هذه العضلاتُ عاجِزَةً عن الحَرَكَةِ أَيْ مَشْلُولَةً.

وبقَدْرِ التَّلَفِ الّذي يَحْدُثُ في الجِهازِ العَصَبِيِّ المركزِيِّ، يكونُ مِقْدارُ الشَّلَلِ الّذي يصيبُ العضلاتِ.

 

وإذا كانَ الشَّلَلُ في مجموعَةِ العَضَلاتِ الّتي تحرِّكُ أَحَدَ الأطرافِ، أصبحَ هذا الطَّرَفُ عاجزًا عن الحَرَكَةِ.

ولكنْ يلاحَظُ أن الإحْسَاسَ يبقَى سليمًا في الطرَفِ المصابِ، وذلك لأن الفيروسَ لا يصيبُ الخلايا العصبيَّةَ الحسِّيَّةَ.

ويَخْرُجُ الفيروسُ من جِسْمِ المُصابِ مع البِرَازِ، وعِنْدَمَا يَصِلُ هَذا البِرازُ إلى ماءِ الشُّرْبِ أو إلى الطَّعامِ، تتكرَّرُ قِصَّةُ المَرَضِ مع أطفالِ آخرينَ. ولكنْ هل يَحْدُثُ شَلَلٌ لِكُلِّ من يُصاب بالفيروسِ؟

 

 مِنْ رَحْمَةِ الله بالنّاس أنَّ الإصابَةَ بالشَّلَلِ أَمْرٌ قليلُ الحدوثِ بَيْنَ الأطفالِ الّذينَ يُصابون بالفَيروسِ. أمّا أَغْلَبُ الإصاباتِ فتكونُ في شَكْلِ حُمَّى تَخْتَلِفُ في شِدَّتِها من مريضٍ إلى آخرَ.

وقَدْ تَحْدُثُ بعضُ الأَعْراضِ الّتي تَدُلُّ الطبيبَ علَى حدوثِ التهابٍ في الجِهازِ العَصَبِيِّ المَرْكَزِيِّ.

ولا يوجدُ علاجٌ للطِّفلِ المصابِ بشلَلِ الأَطْفَالِ، ولكنْ يمكنُ أنْ نُقَلِّلَ مقدارَ التَّلَفِ الّذي ينشأُ عن الإصابَةِ بهذا المَرَضِ بالعلاجِ الطَّبيعِيِّ، حيثُ يتَولَّى أطِبَّاءٌ متخصِّصونَ تقديمَ الرِّعايَةِ اللاَّزِمَةِ للطِّفلِ حتَّى لا تَتَسَبَّبَ الإصابَةُ في شَلَلٍ لمجموعاتٍ كَبيرَةٍ من العَضَلاتِ.

 

وهناكَ لَقاحَان للوِقَايَةِ من المَرَضِ. ويُعْرَفُ كلُّ لَقَاحٍ منهُما باسمِ العالِمِ الّذي أَنْتَجَهُ: الأَوَّلُ يُعرفُ بلَقَاحِ سُوْلك، ويكونُ التَّحْصينُ بهذا اللَّقاحِ بالحَقْنِ. والآخَرُ هو لَقَاح سابِينْ، ويكونُ التَّحصينُ بهذَا اللَّقَاحِ عَنْ طريقِ الفَمِ.

وفي الحَالَيْنِ يَحْصُلُ الطِّفلُ علَى ثلاثِ جُرْعاتٍ من اللِّقاحِ في سِنِّ شَهْرَيْن، وأربعةِ شهورٍ، وسِتَّةِ شهورٍ، ثمّ يحصلُ على جُرعَةٍ مُنَشِّطَةٍ في سِنِّ عامَيْن، وينتجُ عن التحصينِ مَنَاعَةٌ تستمِرُّ طُولَ العُمْرِ. والتَّحْصينُ ضِدَّ المَرَضِ إجبارِيٌّ.

ونتيجةً للتَّحصين، أَصْبَحَتْ الإصابَةُ بالمَرَضِ نَادِرَةً جدًّا فلا يصيبُ المرضُ إلا الأطفالَ الذين لم يَتَحَصَّنُوا ضِدَّ المَرَضِ، أو لَمْ يَحْصُلوا على التَّحْصينِ الصَّحيحِ.

 

ففي حالَةِ التَّحصينِ بلَقَاحِ سابين مثلاً، لابُدَّ للطفلِ أن يَبْتَلِعَ اللَّقَاحَ، أما إذا بَصَقَ اللَّقاحَ أو تقيَّأَه فلا يُعتَبَرُ هذا تَحْصينًا.

وهناكَ الآن خُطَّةٌ لِكَيْ تنشُرَ هيئَةُ الصِّحَةِ العالميّةُ التحصينَ في البلادِ الفقيرةِ في أفريقيا وآسيا، حتَّى تقضِيَ على المرَضِ قبلَ بدايَةِ القرنِ الحادِي والعِشْرين.

 

ولأنَّ هذا المرضَ يَنْتَقِلُ عن طريقِ الشَّرابِ والطَّعامِ، تكونُ الوِقَايَةُ منهُ بعَدَمِ أَكْلِ الأطعمةِ المُعَرَّضَةِ للتلوُّثِ أو المَكْشُوفَةِ للذبابِ وغيرِه من الحَشَراتِ، وكذلك بعَدَمِ شُرْبِ المِياه المُلَوَّثَةِ، خصوصًا وأن مياهَ الشُّرْبِ النقيّةَ متوفرةٌ في مُعْظَمِ الأماكِنِ.

أمّا إذا كانَتْ المياهُ الصالِحَةُ للشُّرْبِ غَيْرَ متوفِّرَةٍ، فيجبُ علَينا أَن نُعَقِّمَ المياهَ بالغَلْيِ لقَتْل ما بها من مُسَبِّباتِ الأَمْراضِ، مثلِ الفَيروساتِ والبكتيريا. وتَذَكَّرْ دائمًا أنَّ الوِقَايَةَ خَيْرٌ من العِلاَجِ، والتحصينُ هو الوِقايةُ المُثْلَى.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى