علم الفلك

إسهامات العالم “الطوسي” في مجال الفلك

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

الطوسي واسهاماته في مجال الفلك علم الفلك

كان الطوسي فلكيا فذا، كما كان كذلك في الفيزيقا والرياضيات. وقد أُسند إليه أمر المرصد الفلكي في "مراغة"، وهو مرصد عظيم اشتهر بدقة آلاته وضبط أرصاده وضخامة مكتبته وكثرة زواره من الفلكيين الذين كانوا يقصدونه من شتى أنحاء المعمورة من مثل : فخر الدين المراغي من الموصل ، ومحيي الدين المغربي من الأندلس، والقزويني من قزوين ، وغيرهم .

ويمكننا تلخيص جهود الطوسي في الفلك في اتجاهاتٍ ثلاثة : مراجعته أعمال السابقين ، وإضافاته الشخصية ، وتجميعه العلماء.

 

ففي الاتجاه الأول: بذل عالمنا جهدا كبيرا في دراسة مخطوطات علماء الفلك المسلمين من قبله ، وخاصة تلك المخطوطات التي تدرس الأجرام السماوية وحركاتها والمسافات بينها وبين الأرض.

كما راجع أعمال بطليموس منتقداً ما قدَّمه في كتابه المجسطي حيث اقترح نظاماً جديداً للكون يغاير النظام الذي وضعه بطليموس ، حيث كان الطوسي يعتقد أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية خلافا لبطليموس ومعاصريه الذين كانوا يرون أن الأرض هي المركز وبقية المجموعة الشمسية تدور حولها.

ويرى سارتون في كتابه "مدخل إلى تاريخ العلوم" أن انتقاد الطوسي هنا لبطليموس كان خطوة تمهيدية لا بد منها للإصلاحات الكبرى التيقام بها كوبرنيكوس، وتفجيره الثورة الفلكية في العصر الحديث.

 

وفي الاتجاه الثاني : كان للطوسي باع طويل وإضافات فلكية مهمة. فقد أعد الزِّيج الإيلخاني وهو من المصادر التي استندت عليها أوروبا في إحياء العلوم، وهو يحتوي على مقالات أربع أساسية: الأولى في التواريخ، والثانية في سير الكواكب، والثالثة في أوقات المطالع، والرابعة في أعمال النجوم. كذلك له كتاب "التذكرة"، وقد وضع فيه كثيراً من النظريات الفلكية وإن كان بشكل صعب نسبيا لذا كثرت الشروح عليه.

وفي الاتجاه الثالث: كان الطوسي دائم الصلة بالعلماء يناقشهم ويحاورهم يفيدهم ويستفيد منهم. وهو أول من عقد مؤتمرا علميا بالمعنى الدقيق للكلمة في مرصده بمراغة ، حيث اجتمع فيه علماء من شرقٍ ومن غربٍ ومن غربٍ لمدارسة نتائج الأرصاد الفلكية التي توصلوا إليها.

 

ومن مؤلَّفات الطوسي الأخرى في الفلك : ظاهرات الفلك ، في علم الهيئة، زيج الزاهي، الطلوع والغروب لأوطولوقس ، تحرير الأيام والليالي لثاوذوسيوس، جرما الشمس والقمر وبعدهما لأرسطرخس، التسهيل في النجوم، مقالة في أعمار النجوم ، مقالة عن أحجام بعض الكواكب وأبعادها.

وهكذا تمكن العالم العلاَّمة والمحقَّق الثقة، نصير الدين الطوسي ، من أن يجعل من بلده "مراغة" موطنا للعلم وكعبة للعلماء ، حيث أقام بها مرصدا، وأسس مكتبة ، وعقد فيها مؤتمرات ، ووضع اللبنة الأولى في صرح النظام الفلكي الصحيح الذي تدور فيه الكواكب حول الشمس، وكتب أول مؤلف في حساب المثلثات "شكل القطاع"، وقدَّم للإنسانية تراثاً خالداً في الطبيعيات والفلك والرياضيات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى