الطب

نبذة تعريفية عن مرض الدفتيريا وأعراضه والإجراءات المتخذة في علاجه

1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مرض الدفتيريا أعراض مرض الدفتيريا الإجراءات العلاجية لمرض الدفتيريا الطب

الدفتيريا مرض من أمراض مرحلة الطفولة شديد العدوى، ينتشـر بطريقة وبائية، ويتسبب عن ميكروبات بكتيرية عصوية الشكل تسمى عصيات الدفتريا.

وهو يصيب الحلق واللوزتين، والأنف أحيانا، ويتميز بتكون ما يشبه الغشاء في الحلق، وإذا لم يعالج فإنه قد يؤدي إلى الوفاة الفورية لأنه يحدث تسمما دمويا وهبوطا في القلب.

وقد ظل هذا المرض زمنا طويلا واحدا من أعظم أمراض الطفولة فتكا. ولكن الإصابة به في المجتمعات المتقدمة قد اندثرت تقريبا بفضل نجاح الطرق الحديثة في الوقاية والعلاج.

 

ينتشـر مرض الدفتريا عن طريق الرذاذ الذي يتناثر من الفم أو الأنف أو الحلق، كما ينتشر المرض بوساطة المناديل والمناشف (الفوط)، وآنية الطعام، بل وكل ما قد يستخدمه الشخص المصاب بالعدوى، أو أي شيء تعرض للرذاذ المتناثر من سعاله أو عطسه. وقد ثبت أن جراثيم المرض تبقى حية بضعة أيام على لعب الطفل المصاب وأدواته.

ولا يقف الأمر في نقل هذا المرض عند هذا الحد ولكنه قد ينتقل بوساطة شخص يبدو سليما تماما ولكنه على الرغم من ذلك يكون حاملا للمرض، كما قد ينتقل بوساطة شخص في دور النقاهة، بعد شفائه.

ومما يزيد في خطورة هذا المرض أن المدة الكافية لظهور أعراضه بعد التقاط العدوى به (أي مدة الحضانة) تتراوح بين يومين وخمسة أيام، أو أكثر في بعض الأحيان.

 

تبدأ أعراض الدفتريا بوجع في الحلق، مع ارتفاع في درجة الحرارة وصداع وشعور بالغثيان. فإذا فحص الطبيب الحلق شاهد لطخا من الأغشية تضـرب إلى اللون الرمادي أو الأصفر المتسخ.

ومع الزمن تتجمع هذه اللطخ مكونة غشاء واحدا، هو الذي يطلق عليه اسم "الغشاء الكاذب".

ونتيجة لتكون الغشاء الكاذب ولتورم الحلق، يبدأ الطفل في الإحساس بصعوبة البلع أو التنفس نتيجة التعويق الذي أصيب به المسار التنفسـي والهضمي.

 

وقد يصل الانسداد أو التعويق إلى درجة كبيرة يصبح من الواجب تجاهها إجراء شق في القصبة الهوائية، وذلك من أجل استعادة القدرة على التنفس.

ولا تقف المشكلات الناجمة عن الدفتريا عند هذا الحد ولكن جراثيم الدفتيريا تنتج سما قوي المفعول (توكسينا) ينتشـر في جميع أنحاء الجسم. ولهذا السم قدرة كبيرة على إتلاف عضلة القلب والأعصاب بصفة خاصة، وقد ينشأ عنه تلف دائم في هذه الأعضاء.

وما تزال جرثومة الدفتيريا باقية. في كثير من المجتمعات حتى المتقدمة منها. ولا يمكن الحماية من هذه الجرثومة بدون التحصين الجيد الكفيل بمنع عودتها إلى إحداث المرض وانتشاره.

 

ويمكن اكتساب المناعة اصطناعيا بواسطة التحصين، وذلك بأن تحقن في الجسم نماذج موهنة (أي مضعفة) من التوكسين الذي تفرزه جراثيم الدفتيريا.

ويؤدي هذا الحقن إلى حفز جسم الطفل إلى أن ينتج "أجساما مضادة" قادرة على أن تتحد بالتوكسين الدفتيري لتوقف ضرره، تماما كما يحدث في المشاجرات الصبيانية حين نحتضن الصبي الثائر الشرير حتى نشل حركته وأذاه.

وفي كثير من دول العالم يبدأ التحصين ضد الدفتيريا في وقت مبكر من عمر الطفل: ما بين الأسبوع السادس والأسبوع الثامن من عمره، أي قبل أن يبلغ عمره شهرين.

 

ومن حسن الحظ أن الرضيع فيما قبل هذا التحصين يكون متمتعا بمناعة مؤقتة يرثها من والدته.

ولا تكفي جرعة واحدة للتحصين ضد الدفتيريا؛ وإنما يلزم إعطاء الرضيع ثلاث حقن، بين كل واحدة والأخرى فترة ثمانية أسابيع.

ومن الشائع الآن أن لقاح الدفتيريا لا يعطى بمفرده، وإنما يعطى مع لقاحين آخرين هما اللقاح الواقي من السعال الديكي و الكزاز (التتانوس)، ولذلك يعرف باسم "اللقاح الثلاثي".

 

ولا يكتفي الطب بهذه الجرعات الثلاث، ولكن الطفل يعطى حقنا داعمة في نهاية العام الأول من عمره ثم عند بلوغه سن الرابعة.

ويوصي بعض الأطباء بإعطاء حقن داعمة كل عامين (أو ثلاثة أعوام) حتى سن العاشرة (أو الثانية عشرة)

وقد يشك الأهل أو الأطباء أحيانا في مدى مناعة طفل ما تجاه الدفتيريا عندئذ يستعمل الأطباء اختبارا جلديا يسمى اختبار "شيك". وهكذا يمكن التفريق بين الأشخاص الذين يتمتعون بالمناعة ضد مرض الدفتيريا والأشخاص الذين لا يتمتعون بهذه المناعة.

 

ولا بد من نقل المريض إلى المستشفى، لان العلاج نفسه يحتاج إلى جهد كبير ويسبب مشقة على أهل البيت، كما أن بقاء المريض في المنزل يسبب خطرا شديدا على أفراد الأسرة الآخرين.

أما المستشفى ففيه المعدات الطبية الكفيلة بتوفير الرعاية المتواصلة وتيسير التصرف العاجل في اللحظة المناسبة.

ولكن في بعض الأحوال يكون العلاج في المستشفى مستحيلا نظرا لنقص الإمكانات، أو بعد المستشفى على سبيل المثال. وفي هذه الحالة فلا بد من أن تتبع في العلاج المنزلي نفس تفصيلات العلاج في المستشفى.

 

وأهم خطوة في العلاج هي إعطاء الطفل المريض "المصل العلاجي" في أسرع وقت ممكن. فإذا أعطي المصل في اليوم الأول للمرض لن تقل نسبة الشفاء عن تسعة وتسعين في المئة.

أما إذا تأخر إعطاء المصل إلى اليوم الخامس أو ما بعده فإن نسبة الشفاء لن تزيد على خمسة وسبعين في المئة.

ويختلف المصل العلاجي عن اللقاح الواقي في أنه يقدم للمريض الأجسام المضادة جاهزة، بينما اللقاح يحفز الجسم إلى إنتاجها.

 

ويحصل المختصون على المصل العلاجي من حيوانات حقنت باللقاح عدة مرات حتى تكثر في دمها الأجسام المضادة. ثم يحضـر المصل الحاوي لهذه الأجسام من تلك الدماء. (ولا فائدة طبعا في حقن الطفل الذي مرض فعلا باللقاح). كذلك يعالج الطفل بالمضادات الحيوية المناسبة. وقد يستمر العلاج ثلاثة أسابيع إلى ستة أسابيع، تبعا لشدة الحالة.

ومن المهم في علاج الدفتيريا إبقاء المريض في الفراش إلى أن تزول العدوى منه تماما، مهما طالت هذه المدة. ولا يكتفى بإبقاء المريض في حجرة النوم، أو حجرة المستشفى، وإنما يمنع من مغادرة الفراش لأي سبب.

إذا تم علاج أي مريض بالدفتيريا في المنزل فلا بد من تخصيص غرفة له وحمام مستقل، ولا يسمح بدخول أي أحد إليهما إلا من يقوم بتمريض المريض.

 

ويجب على هذا الممرض أو الممرضة (سواء أكان الأب أم الأم أم شخصا آخر) أن يرتدي "مريلة" وأن يخلع هذه المريلة وأن يغسل يديه غسلا جيدا قبل أن يغادر الغرفة.

أما ملابس المريض، وجميع ما يستعمل من أقمشة وفوط وأدوات المائدة وأطباقها، وكل أدواته الأخرى، فلا بد من غليها وعزلها عما عداها مما يستعمله أفراد الأسرة.

وبعد تمام شفاء المريض يجب تنظيف غرفته وتطهيرها جيدا. أما ألعاب الطفل المريض فمن الأفضل إبادتها تماما.

 

وبعد الشفاء، يدخل المريض في مرحلة "النقاهة"، حتى يسترد عافيته تماما.

وأهم عنصـر فيها هو وقاية القلب من الضـرر الدائم الذي قد يهدده إذا ما انتقل التوكسين إليه. ولهذا فإن النشاط المسموح به للمريض الناقه يتفاوت من شخص لآخر.

ولكن أي نشاط مجهد، مثل صعود السلالم، يجب أن يمنع تماما لمدة لا تقل عن شهر كامل بعد الشفاء. كذلك تمنع الألعاب الرياضية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى