علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول ظاهرة “تطبق الصخور”

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الرابع

KFAS

ظاهرة تطبق الصخور علوم الأرض والجيولوجيا

توجد الصخور الرسوبية عادة على هيئة طبقات تعلو الواحدة منها الأخرى، والطبقة هي وحدة صخرية تتميز بتركيب كيميائي ومعدني ونسيجي خاص، كما أن لها لوناً خاصاً، وظاهرة وجود الصخور في طبقات بعضها فوق بعض تعرف «بالتطبق».

ويحدد كل طبقة سطحان أحدهما علوي والآخر سفلي، والسطح الفاصل بين طبقتين متتاليتين يعرف باسم «مستوى التطبق».

وقد يصل سمك الطبقة الواحدة إلى أقل من 1 سم، فتسمى بالرقيقة وجمعها «رقائق» وينشأ عن ذلك تركيب أولي يعرف «بالترقق».

و

أحياناً يتضاءل سمك طبقة ما تدريجياً في اتجاه معين حتى تتلاشى تماماً (شكل 1) وفي كثير من الحالات يقل سمك الطبقة تدريجياً في جميع الاتجاهات مما يجعلها تأخذ الشكل العدسي (شكل 2).

 

 

وينشأ التطبق في الصخور الرسوبية نتيجة عاملين مشتركين:

الأول: مجموع العمليات المؤثرة أثناء ترسيب حبيبات الرواسب (سواء كانت معدنية أو مفتتات) والتي تعمل على ترتيب هذه الرواسب في هيئة طبقات يختلف بعضها عن بعض في البنية، أو الوضع الذي تأخذه في الطبيعة، كما تختلف في النسيج والتركيب المعدني.

الثاني: مجموع العمليات التي تعمل على تماسك الرواسب أو الحبيبات المفككة لتكون صخوراً صلبة، وكذلك التغيرات الكيميائية التي تطرأ عليها بعد الترسيب بحيث تتميز كل طبقة عن الطبقات التي تليها ويفصل بينهما مستوى واضح هو مستوى التطبق.

 

وقد كان من المعتقد أن الطبقات الرسوبية لا تتكون بالضرورة في وضع أفقي عند تكونها إلى أن جاء العالم الجيولوجي «نيكولاس ستينو» (Nicholas Steno) عام 1669م وأعلن قانونه المعروف بقانون الأصل الأفقي للطبقات الرسوبية، الذي ينص على أن وضع الصخور الرسوبية في الأصل كان على شكل طبقات أفقية.

إلا أنه من الملاحظ أن معظم الطبقات الرسوبية في الطبيعة تميل عن الوضع الأفقي بشكل أو بآخر نتيجة لتأثرها بقوى وحركات أرضية متلاحقة عملت على ميلها أو ثنيها أو كسرها.

 

وفي بعض الحالات تعمل على قلبها، بحيث يصبح السطح العلوي للطبقات إلى أسفل، وسطحها السفلي إلى أعلى كما هو الحال في البنية الجيولوجية المعروفة باسم (الطية المضطجعة).

وفي مثل هذا الحال يمكن التعرف على الوضع الصحيح بدراسة تفصيلية لبعض التراكيب الأولية مثل علامات النيم، والتطبق المتقطع أو الكاذب والتطبيق المتدرج.

 

التطبق المتدرج

في بعض الحالات ينشأ التطبق في الصخور الرسوبية نتيجة للتغير المفاجئ في ظروف الترسيب.

ومن أمثلة هذا التغير ترسيب طبقة رقيقة من الغرين على السهول الفيضية للأنهار أثناء الفيضان، أما خلال فترات ما بين الفيضان فتترسب رواسب أخرى مختلفة الأحجام وتختلف تماماً عن رواسب الغرين.

ومثال آخر على التغير المفاجئ في ظروف الترسيب هو نقل الرمل من شاطئ البحر بفعل عاصفة هوجاء ليترسب في أماكن أكثر عمقاً على الرف القاري، في حين أن ما بين أوقات هذه العواصف تترسب عادة رواسب دقيقة جداً من الطين والغرين.

 

وعلى قيعان البحار العميقة تتجمع عادة الرواسب الدقيقة كحبيبات الطين والغرين أو الردغات العضوية، وبمعدلات قليلة جداً تقارب بضعة سنتمترات كل ألف سنة. 

ولكن من وقت لآخر قد تترسب طبقة من الرمال في هذه الأعماق بفعل التيارات المائية (تيارات التعكير) بحيث تتدرج أحجام حبيبات الرمل، وتكون الرمال الخشنة على القاع يتبعها إلى أعلى الحبيبات الأصغر حجماً ثم الأصغر…. وهكذا.

ونتيجة لذلك تتكون طبقات مختلفة في حجم الحبيبات ومتدرجة، ومثل هذا النوع من التطبق يعرف بالتطبق المتدرج (شكل 3).

 

ونظراً لأن الطبقات المتدرجة في حجم حبيباتها تترسب نتيجة لتناقص سرعة التيارات المائية السريعة والمحملة بالرواسب المعلقة في الماء، فإن هذا النوع من التطبق يتميز عادة بأساس صخري يظهر فيه أثر عوامل التعرية بشكل واضح.

كما يتميز بتتابع منتظم لبعض الأشكال أو التراكيب الداخلية مثل الثقوب أو الممرات التي كونتها بعض الكائنات الحية القديمة، وأثر زحف الرواسب، وهي عبارة عن انخفاضات طولية أو حزوز متوازية في اتجاه التيار تكونت نتيجة لاحتكاك الصخور الكبيرة التي يحملها التيار بصخور الأساس.

 

التطبق المتقطع (أو الكاذب)

هو نوع من التطبق لا ينتج عن تغير مفاجئ في ظروف أو معدل الترسيب، بل ينتج عن انتقال التموجات الرملية بفعل حركة الأمواج والتيارات المائية.

حيث تنقل هذه التيارات الرواسب من جانب اتجاه التيار (Stoss) لترسبها على الجانب الدابر أو المحجوب عن التيار (Lee) على شكل رقائق (شكل 4).

ونتيجة لذلك تتكون مجموعة من الرقائق من هذا النوع تعرف بالنسق المتقاطع، وهو عبارة عن مجموعة من الرقائق المائلة على مستويات التطبق الأصلية التي تليها إلى أسفل أو إلى أعلى، وتنفصل عنها بوساطة سطح تعرية أو توقف عن الترسيب أو تغير مفاجئ في طبيعة الصخر (شكل 5).

ويمكن أن يتوالى أكثر من نسق تطبقي متقطع، في شكل طبقات متوافقة فيما بينها، وتنفصل عن المجموعات الأخرى بسطح فاصل، وتسمى حينئذ بمجموعات الطبقات المتقاطعة (Cosets) (شكل 6).

ويختلف سمك الطبقات المتقاطعة من مكان لآخر، إذ يتراوح سمك الطبقة الواحدة ما بين 1 سم إلى أكثر من 20 متراً، وتنشأ الطبقات المتقاطعة الرقيقة (أقل من 5 سم) عادة من انتقال أو هجرة التموجات الرملية الصغيرة.

 

في حين تتكون الطبقات المتقاطعة ومتوسطة السمك (ما بين 5 سم إلى 1 متر) من انتقال الكثبان الرملية الواقعة تحت سطح الماء في البحار والشواطئ الضحلة، والتي يبلغ ارتفاعها ما بين 0.2 – 2 متر، وطول الكثيب الواحد يتراوح ما بين 1 – 10 متر.

أما الطبقات المتقاطعة الضخمة فإنها تتكون من الكثبان الرملية التي شكلتها الرياح أو نتيجة لنمو واتساع الدالات النهرية.

إن طبيعة وشكل الأسطح الفاصلة بين مجموعات الطبقات المتقاطعة وكذلك الشكل الهندسي للطبقات المتقاطعة في كل مجموعة، يعتمدان على الهيكل الهندسي للتموجات الرملية، وكذلك على معدل تجمع الرواسب بالنسبة لمعدل هجرة أو حركة التحوجات الرملية.

 

إن غالبية التموجات الرملية الصغيرة والمتوسطة التي تكونها التيارات المائية في الأنهار، وتيارات المد والجزر في البحار تنتقل عن طريق نحت الرواسب من الجهة المقابلة للتيار وترسيبها على قمة الموجة الرملية.

ونتيجة لذلك يصبح الجانب الآخر من الموجة الرملية شديد الانحدار، مما يؤدي إلى انهيار الرواسب من القمة إلى هذا الجانب، لأن درجة انحدار هذا الجانب تكون أكبر من زاوية استقرار الرمل (35º) ولهذا السبب تكون التموجات الرملية الصغيرة والمتوسطة التي تتكون بفعل التيارات المائية غير متماثلة.

 

أما التموجات الرملية التي تكونت بفعل الأمواج تكون أحياناً متماثلة، وفي حالات أخرى غير متماثلة. وذلك حسب درجة انحدار سطح هذه التموجات بالنسبة لزاوية استقرار الرواسب الرملية التي تتكون منها هذه التموجات.

وتعمل هجرة أو انتقال التموجات الرملية المستقيمة ذات القمم والقيعان المنتظمة على تكون طبقات متقاطعة منتظمة صفائحية الشكل، أما التموجات الرملية المقعرة من أحد جانبيها وغير المنتظمة فإنها تعمل عند انتقالها إلى بناء طبقات متقاطعة مقعرة أو على شكل أخاديد.

 

وتتكون الطبقات المتقاطعة المكونة لدلتاوات الأنهار من ثلاثة أنساق كالتالي (شكل 7).

(أ‌) نسق القمة: ويتكون من طبقات أفقية وشبه أفقية، إذ أنها ترسبت على سطح اليابس من الدلتا المعرض للهواء.

(ب‌) نسق المواجهة: وتتكون من طبقات مائلة ترسبت بالنهر على الحافة الخارجية للدلتا.

(ت‌) نسق القاع: ويتكون من الغرين والطين الذي ينتشر في وضع أفقي تقريباً على أرضية البحر أو البحيرة التي تكونت فيها الدلتا.

 

المنظومات الرسوبية

يتكرر التطبق في بعض الرواسب نتيجة للترسيب البطيء المنتظم بشكل مرتب بتكرار فصول السنة، حيث يترسب في كل فصل نوع من الرواسب تختلف في الشكل والحجم واللون عن رواسب الفصول الأخرى مكوناً ما يعرف بالمنظومات الرسوبية.

ومن الأمثلة الشائعة للمنظومات الرسوبية ما يشاهد في رواسب البحيرات التي تغذيها المياه بعد ذوبان الثلاجات أو المثالج، إذ تحمل هذه المياه إلى البحيرة في فصلي الربيع والصيف رواسب خشنة مختلفة الأحجام فاتحة اللون عادة.

أما في فصل الشتاء فيصل إلى البحيرة رواسب دقيقة من الطين الناعم، بالإضافة إلى بعض المواد العضوية داكنة اللون.

 

وبذلك تظهر هذه الرواسب على شكل طبقات مختلفة الألوان والنسيج ومتكررة تكراراً فصلياً أو سنوياً مميزاً.

وقد يكون تغير الرواسب نتيجة للتغير المنتظم والمتكرر في الظروف الكيميائية أو البيولوجية لمياه البحيرات.

 

عمليات ما بعد النشأة: Diagenesis

تطلق عمليات ما بعد النشأة على جميع التغيرات التي تحدث في المواد المترسبة أو في الصخور الرسوبية بعد ترسيبها بوساطة عمليات كيميائية وفيزيائية وحيوية. 

ولا يدخل في ذلك التحولات الناشئة عن زيادة الضغط والتي تؤدي إلى عمليات التحول. وتؤدي هذه التغيرات بعد الترسيب إلى ظهور التطبق في هذه الصخور.

 

ومن أمثلة هذه التغيرات ما يحدث في الرواسب المكونة من خليط من الطين القاري والحجر الجيري العضوي (كالسيت + أراجونيت)، أو الأوبال (SiO2) حيث تقوم المياه الأرضية بالتفاعل مع حبيبات المعادن المكونة لهذه الرواسب لتكون محاليل.

ثم تعمل هذه المحاليل على ترسيب طبقات منفصلة من الكالسيت وطبقات أخرى من الشيرت، ومثل هذه الطبقات قد تختلف في السمك أو تتغير جانبياً إلى مجموعات غير مترابطة من العقد أو الدرنات الصخرية.

 

تشوه نظام التطبق بفعل الكائنات الحية:

في البيئات الترسيبية الغنية بالكائنات الحية القاعية، يكون للحيوانات التي تحفر لنفسها جحوراً وكذلك يكون لجذور النباتات تأثير عكسي على نظام التطبق في الصخور الرسوبية جزئياً أو كلياً إذ تقوم هذه الكائنات الحية بهدم النظام الطبقي للصخور.

وتوصف الصخور بأنها كتلية عندما لا يظهر فيها نظام التطبق واضحاً. وتعرف الطبقة في المصطلح العربي بالساف والجمع سافات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى