العلوم الإنسانية والإجتماعية

نمطية “مجتمع المخاطر”

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

إن إيجاد برامج للرقابة هو وسيلة نموذجية [تسمح] للحكومات بالتعامل مع قلق الجمهور بشأن العواقب المحتملة في التغيّرات التكنولوجية.

فعلى الرغم من المراقبة المنتظمة للمؤشرات القابلة للقياس الكمي، إلا أن هناك أسئلة تحوم حول استحسان التطوّرات التكنولوجية يتم تحويلها إلى العلمائية.

فالمراقبة في كل مكان، تبدأ من أجهزة استشعار الإشعاع (Radiation Sensors) وتمرّ بأجهزة الإبلاغ عن الآثار الضارّة للعقاقير الدوائية، وإلى كشف التلوث في الهواء والماء.

فالوجود الظاهر لأجهزة المراقبة هو دلالة على ما سماه بيك (Beck 1992, 19). كما ذكرنا في وقت سابق، مجتمع المخاطر، ما يعني أن المجتمع الذي يواجه «المخاطر (Risks) والأخطار (Hazards) بشكل منظم كجزء من التحديث».

يتساءل كيف «يمكن أن تكون [هذه المخاطر] محدودة ولا تنتشر بعيداً بحيث لا تعيق عملية التحديث ولا تتجاوز حدود ما هو "مقبول"».

 

إن جاذبية مشاريع المراقبة مستمدّة، في جزء منها، من كون الكثير من المخاطر البيئية والصحية بعيدة عن الأنظار، مثل الإشعاع والتلوث بالمواد السُّميّة.

فالمخاطر المرتبطة بالعلم والتكنولوجيا المعاصرة«تحمل ضرراً ممنهجاً، غالباً ما يكون غير معكوس. وعموماً تبقى هذه المخاطر غير مرئية ومستندةً إلى تفسيرات تتعلق بأسبابها، وبذلك تكون في البداية لا وجود لها إلّا بما يتوفر عنها من المعرفة العلمية (أو المناهضة للعلم)، وبالتالي فإن [تلك المخاطر] يمكن أن تتغير أو تصبح درامية الوقع أو تتضخم، أو تصغر ضمن نطاق المعرفة، وضمن هذا الحد نراها أيضاً قابلة للتعريفات والبنى الاجتماعية (مصدر سابق22-23 ، التأكيدات أتت في النص الأصلي).

فالمراقبة ضمن هذا السياق، هي إحدى الأدوات الحاسمة لتحديد المخاطر غير المرئية الموجودة فعلاً. 

فعلى النحو الذي تصبح فيه المعرفة العلمية أكثر أهمية من أي وقت مضى لإثبات وجود مخاطر غير مرئية، يأخذ غير العلميين (Non-Scientists) دوراً متنامياً في إنتاج المعرفة الخاصة  بالتهديدات البيئية والصحية باستخدام أدوات مراقبة [مضحكة]، مثل أجهزة مراقبة الهواء (Air-Monitoring) بوسطة «سطل/ دلو» (Buckets) (O' Rourke and Macey 2003; Ottinger 2010; Overdevest and Mayer 2008)، وتقنيات «علم الأوبئة الشعبية» (Popular Epidemiology) (Brown 1987, 1992; Clapp 2002)(3).

فالمشاركة في أنشطة المراقبة هو أحد السبل التي تسمح بانخراط المواطنين العاديين في المناقشات السياسية العلمائية والطعن في ادعاءات الخبراء الخاصة بالمخاطر التكنولوجية.

 

تقترن أطروحة مجتمع المخاطر بتدقيق من العامة للعلم، في الفترة القريبة لأواخر الحداثة الصناعية(4). حتى الآن تدل البحوث المعروضة في العالم الجنوبي على «أن الاستياء العلني وفقدان الثقة بالمؤسسات ذات الخبرة هو ليس بالشيء الجديد، وليس سمة فريدة من نوعها من سمات الصناعة المعاصرة الغربية» (Leach and Scoones 2005, 20).

إن المجتمعات في جنوب الكرة الأرضية أخذت تتأقلم مع المشاكل الناتجة من التحديث العلمي، التي تبدأ من الانتقادات الموجهة إلى العلوم والتكنولوجيا الاستعمارية (Colonial Sciences) إلى المقاومة الشعبية لخطط التنمية مثل السدود الكبيرة والمشاريع للحفاظ [على البيئة الطبيعية].

فقد أشار عام 2005م كل من مليسيا ليتش وإيان سكونز (Ian Scoones)، الباحثين في التنمية إلى أن عمليات العولمة قد قللت من التمييز ما بين الجنوب والشمال في ما يخص إدراك المخاطر (Fairhead and Leach 2003).

 

فقد أعرب ليتش وسكونز (Leach and Scoones 2005, 31) أنه «ليس من المناسب توصيف المجتمع الصناعي المتأخر (Late Industrial Society) بأنه محدود جغرافياً بأماكن معينة، [حين النظر إليه] في سياق العولمة المعاصرة»، لكون تعريفات المخاطر هي «بشكل جوهري مرتبطة بالعولمة العلمية والمجالات السياسية» التي تتجاوز الانقسامات ما بين الشمال والجنوب.

وقد استنتج ليتش وكونز (مصدر سابق، 36) أن «التجارب البالغة الهشاشة والتهميش من قِبل السياسات [المتبعة] والعلم لمجموعات من الناس هو أمر شائع في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ولعله بقدر ما هو شائع في آسيا وأفريقيا.

في حين أن مجموعات آسيا وأفريقيا لها أيضاً مجاميعها من «المواطنين العلميين» الذين يمكنهم الطعن في وجهات النظر الرسمية في أوروبا وأميركا، وهو ما يعكس نمطية «مجتمع المخاطر».

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى