الرياضيات والهندسة

مفهوم الفشل وأنواعه

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

الفشل (Failure). إن إدراك مفهوم الفشل [أو الإخفاق والانهيار] هو أمر محوري في فهم الهندسة وعملية التصميم الهندسي. وفي الواقع فإن تعريفاً تشغيلياً للهندسة يمكن أن يكون أن الهندسة هي ببساطة تجنّب الفشل غير المقصود. (والنعت "غير مقصود" هنا يمكن أن يؤخذ على أنه تذكير بأن المهندسين أحياناً يصمّمون أشياء يريدونها أن تفشل تحت بعض الشروط مثل الفاصمة في دارة كهربائية أو مطفأة النار في غرفة فندق). ونتائج الحسابات التي يجريها المهندسون والبيانات التي يجمعونها ويحللونها في التجارب ستكون واقعياً لا معنى لها من دون شعور بكيفية مقارنة هذه النتائج أو البيانات مع القيم المعيارية أو الحرجة للفشل. وفي كل مرة يتعامل المهندسون مع هيكل معدني أو جهاز إلكتروني أو نظام مجارير أو آلة، عليهم أن يعرفوا، مثلاً، الحمل الأعظمي التي يمكن للهيكل تحمّله [المجاري]، والتيار الأعظمي الذي يمكن أن يُستجر، وتساقط المطر الأعظمي الذي يمكن أن تستجيب له، أو درجة الحرارة العظمى التي يمكن أن تعمل عندها. ومن دون تلك المعرفة فلن يكون هناك فهم للحدود التي يمكن للنظام العمل ضمنها من دون أن يفشل.

معيار الفشل هو تصريح عن الظروف التي سيتوقف عندها نظام أو هيكل هندسي عن العمل كما هو مقدر له. ويمكن لمعايير الفشل أن تكون عبارة عن صيغ تحليلية يمكن بموجبها مقارنة قيم الاستجابات المحسوبة للأحمال، أو يمكن أن تكون بيانات كميّة عن كيف يمكن فعلياً لتصميم أن يؤدّي وظيفة ما. وفي الفئة الأخيرة يمكن أن تقع الرغبة في أن يكون استخدام أداة ما سهلاً. وعما إذا كان لتصميم هندسي أن يكون مقبولاً يعتمد على ما إذا كان يحقّق معايير الفشل التي غالباً ما تكون محدّدة في مستهل التصميم؛ ولأن التصميم هو عملية تعاد مرات ومرات فإن لمعايير الفشل أن تتغير مع تطوّر التصميم.

مع أنه غالباً ما يقترن بالانهيار المأساوي لهيكل أو التوقف الكامل لنظام ما فإن "الفشل" يمكن أيضاً أن يُعبّر ضمناً عن عدم قدرة تصميم ما على تحقيق الوظيفة المصمّم لها تماماً. وهكذا فإن ناطحة سحاب ما يمكن أن تكون كاملة هيكلياً، بمعنى أنه لا يوجد أي خطر لتصدّعها، ولكنها مرنة لدرجة أن قاطني الطوابق العليا يصابون بالغثيان عند هبوب ريح معتدلة في اتجاه ما، يمكن أن يقال عنها إنها فشل تصميمي. ومن المفروض أن المرونة الزائدة للهيكل تمّ توقعها وتمّ تعديل التصميم وفقاً لذلك.

هناك أيضاً متناقضةٌ ملحقة بالتصميم: وهي أن أنواع الفشل – وعبر الدروس المتعلمة منها – تقدّم معلومات ثمينة عن كيفية إنجاز تصاميم تالية ناجحة. وفترات النجاح الطويلة لنمط واحد من التصميم يمكن أن تقود غالباً إلى حسّ بالثقة المفرطة أو الرضى الذاتي، والذي بدوره يمكن أن يقود إلى الفشل [أو الإخفاق أو الانهيار]. وهذا ما سميَّ "بمتناقضة التصميم" (Paradox of Design) في عنوان فرعي من كتاب: Success Through Failure (Princeton, N. J.: Princeton University Press, 2006). ومثال عن الفشل الذي قاد إلى النجاح كانت الانهيارات المتكرّرة للجسور المعلقة في مطلع القرن التاسع عشر. وبدراسة هذه الانهيارات وأسبابها، فهمَ جون روبلينغ ما كان الواجب تصميمه لتحقيق جسور معلقة ناجحة، وهو ما فعل. وبالمقابل، فمثال النجاح الذي يقود إلى الفشل يمكن العثور عليه في برنامج الولايات المتحدة لإطلاق المركبة الفضائية. فالمشاكل المتكرّرة الناجمة عن الحلقات الدائرية المصممة لإحكام صواريخ الدفع الإضافية للمركبة الفضائية أصاب المهندسين بقلق كبير حول الحكمة من إطلاقها في طقس بارد. وهذا القلق قلّلَ الإداريون من أهميته على ضوء نجاحات أكثر من أربع وعشرين عملية إطلاق سابقة لذلك. ولكن العملية الخامسة والعشرين حدثت في صباح بارد لا مثيل له، وكانت النتيجة الفشل وانفجار المركبة الفضائية تشالنجر.

من الأعمال التقليدية عن الفشل الهندسي ما نجده في كتاب:Rolt Hammond, Engineering Structural Failures: The Causes and Results of Failures in Modern Structures of Various Types (New York: Philosophical Library, 1956) and Jacob Feld’s, Lessons from Failures of Concrete Structures (Ames: Iowa State University Press, 1964) and Construction fail­ure (New York: Wiley, 1968). A second edition of the latter Feld book has been published as Jacob Feld and Kenneth L. Carper, Construction Failure (New York: Wiley, 1997).

في الكتاب الذي حرّره نيل شلاغر (Neil Schlager) نجد مراكمةً لحالات فشل الهندسية بعنوان: When Technology fails: Significant Techno­logical Disasters, Accidents, and Failures of the Twenti­eth Century (Detroit: Gale Research, 1994) . وقد نُشرت طبعة بغلاف ورقي مختصرة منه بعنوان  Break­down: Deadly Technological Disasters (Detroit: Visible Ink Press, 1995). See also Steven S. Ross, Construction Disasters: Design Failures, Causes, and Prevention (New York: McGraw-Hill, 1984); John Lancaster, Engineering Catastrophes: Causes and Effects of Major Accidents, 2nd ed. (Boca Raton, Fla.: CRC Press, 2002); and Norbert J. Delatte, Jr., Beyond Failure: Forensic Case Studies for Civil Engineers (Reston, Va.: ASCE Press, 2009) .

أفكاري الموسّعة عن الفشل موجودة في كتبي الآتية:To Engineer Is Human: The Role of Failure in Success­ful Design (New York: St. Martin’s Press, 1985; Vintage Books, 1992); The Evolution of Useful Things (New York: Knopf, 1992; Vintage Books, 1994), Design Paradigms: Case Histories of Error and Judgment in Engineering (New York: Cambridge University Press, 1994); Success Through Failure: The Paradox of Design (Princeton, N.J.: Princeton University Press, 2006); and To Forgive Design: Understanding Failure (Cambridge, Mass.: Harvard Uni­versity Press, forthcoming).

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى