التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

أمور قانونية . الفشل

2014 لنسامح التصميم

هنري بيتروكسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة

ليست انهيارات جسور السيئة الصيت هي الحوادث المدمّرة الوحيدة التي تثير النقاش حول أسبابها. مباشرة في أعقاب أي فشل كارثي، وبالأخص ذلك الذي ينتج منه خسارة في الأرواح، يكون هناك دائماً نغمات متنافرة من التكهّنات حول ما حصل فعلاً ومن المُلام، وما لم يكن هناك حالة مستمرّة مرتبطة بالكارثة، مثل تسرّب مستمر للبترول في موقع حساس بيئياً، يتحوّل الاهتمام مباشرة من الفشل إلى مسبباته، وعادة، وقبل مرور وقت طويل، تظهر نظرية مفضلة قد تكون أو قد لا تكون صحيحة، مع ذلك تصبح مركز اهتمام الإعلام والعموم – ما لم تظهر نظرية مفضلة أخرى لتزيحها، وإذا قامت لجنة أو هيئة بدراسة الفشل، خلال الوقت الضروري لجمع المعلومات الخلفية، وغربلة الحقائق، ودراسة النظريات، تتلاشى قصة الفشل ويتحوّل الاهتمام إلى أخبار أكثر حداثة، لتعود وتظهر بعد ذلك بدرجة رئيسية في المناسبات التي تؤرّخ لهذه الحوادث، وإذا كان للمجلس الوطني لسلامة المواصلات، أو أي وكالة مماثلة علاقة بالحادث، عند ذلك قد تعقد مؤتمرات صحفية دورية لتوفير التحديثات حول التقدّم، وخاصة إذا كانت ظهرت بعض الأمور المهمة المتعلّقة بالتصميم خلال عملية التحقيق؛ والهدف من إشعار العموم هو نشر دروس مؤقتة مستقاة بأسرع وقت ممكن، لكي يُنظر بهياكل أو نظم مشابهة، أو حتى متناظرة، مع ذلك الفشل لاحتمال وجود نفس الأخطاء التصميمية، تحاشياً لفشلها أيضاً. هذا النوع من الإنذار المسبق مهم وخاصة، على سبيل المثال، إذا اكتشف المحققون حالات سابقة من مشاكل التعب المعدني غير المعروف.

عندما يصدر التقرير النهائي في آخر المطاف حول الفشل، قد لا ينهي ذلك التكهّنات والنقاش والتحديات القانونية. كما رأينا، إن حالات الفشل للجسور، والتي حدثت قبل أكثر من قرن مضى، ما زالت موضوعاً للنقاش كلما ظهرت مصادر جديدة معاصرة للمعلومات وأدوات جديدة للتحليل تلتقي لتوفر رؤىً جديدة [ناضرة] في الأسباب والسيناريوهات المحتملة. ولكون أن الهيكل الأصلي لم يعد قائماً، ولا يمكن توقّع إعادة بنائه كحالته الأصلية – عدا حقيقة الاحتمال الصعب في أن يتمّ تحميله بنفس الطريقة التي حدث فيها الفشل – لا يمكن اختبار أي نظرية لكيفية حدوث الفشل بأي حسٍّ صارم. ولأن التكهّنات ستستمر، لذا يجب ألّا تأتي كمفاجأة، وهذه هي الطريقة المعروفة، حيث يتطوّر ويدار تحقيق عن فشل حصل في سحبة الزمن بعد انهيار جسر في مينيسوتا عام 2007.

الطريق السريع 35 ما بين الولايات، الذي يمتدّ من لاريدو (Laredo) في تكساس، إلى دولوث (Duluth) في مينيسوتا، هو الشريان الشمالي الجنوبي الرئيسي الذي يمتدّ في مناطق قلب الأمة. عند التوجّه شمالاً، يمر الطريق خلال سان انتونيو (San Antonio) في أوستن (Austin) وواكو (Waco)، قبل أن يتفرّع إلى فرعين شرقاً وغرباً، على التوالي، يمرّ عبر دالاس (Dallas) وفورت وورث (Fort Worth)، وبعد مغادرة منطقة المدينة، يعود الطريقين إلى الالتقاء لتحمّل حركة المرور عبر أوكلاهوما سيتي (Oklahoma City) وويتشيتا (Wichita) ومدينة كنساس (Kansas City) ودي موين (Des Moines)؛ وبعد ذلك ينقسم مرّة أخرى إلى زوج طرق هما (I-35E)  و (I-35W) لخدمة المدينتين التوأمين، سانت بول (St. Paul) ومينيابوليس، حيث انهار الجسر.

منذ ما قبل السنتين وطريق (I-35) تكساس تُستحضر بالنسبة لي. ففي مطلع السبعينات من القرن الماضي، عندما كنا نعيش في أوستن، كان هذا هو الطريق الذي أسلكه وعائلتي جنوباً إلى لاريدو لقضاء يوم من النزهة في أسواق نويفو لاريدو (Nuevo Laredo) في مكسيكو، أو شمالاً إلى دالاس لغرض التغيير، وكان معروفاً في المنطقة على أنه الطريق بين المناطق (Interregional Highway) – وكانI-35  بمثابة جرح بليغ من صنع الإنسان ضمن، ماعداه، شبكة عادية من الطرق لخدمة مدينة بطيئة وهادئة بأبعاد متواضعة حيث من خلالها يمرّ نهر كولورادو الأقل شهرة، وفيما عدا النهر، هناك شرخ بالكونس (Balcones Escarpment) – تجسيد مرئي لصدع [زلزال] بالكونس (Balcones Fault) – وهو بقايا آثار الجرح الطبيعي الرئيسي في التضاريس المحلية ويحدّد بالضبط التحوّل ما بين السهول إلى الشرق وتكساس هيلز كاونتري(Texas Hills Country) إلى الغرب. امتداداتI-35  شمال أوستن توازي الصدع تقريباً، وعندما كنا نسوق في منطقتنا في الإجازات، كنا نتركI-35  عند أوكلاهوما لطريق انترستيت [ما بين الولايات] الذي يمتدّ شمالاً وشرقاً، وعندما زرنا أوستن قبل سنوات قليلة، بعد انقطاع ثلاثة عقود، اكتشفنا أن حركة المرور على I-35  خلال المدينة التي نمت بشكل كبير كانت موجهة إلى المستوى العلوي لطريق سريع ذي طابقين [مستويين]، وجسم طريق مرتفع كهذا هو عبارة عن سلسلة من مجازات لجسر، وبالطبع نميل إلى نسيان ذلك عندما نسوق أميالاً وأميالاً فوقه، وفي جميع أسفاري مع عائلتي علىI-35  وطرق سريعة أخرى ما بين الولايات، قلما فكرت باحتمال أن أحد مجازات الجسر هذه يمكن أن تسقط من تحتنا.

تغيّرت النقطة المرجعية بالنسبة لي فيI-35  من تكساس إلى مينيوسوتا في 1 آب/ أغسطس 2007، عندما انهار الجسر الذي يمدّ I-35 W فوق نهر المسيسيبي فجأة عند مينيابوليس خلال فترة الازدحام المسائية، وقد قتل 13 شخصاً وجرح 145 آخرون في أكثر من مائة عجلة كانت على الجسر وقت حدوث الفشل الهيكلي الذي صدم البلد والعالم، لا يجوز للجسور التي تمدّ طرقات سريعة كبيرة أن تتداعى فجأة، على الرغم من أن الجميع يعلم أن هذا يحصل بعض الأحيان. لقد حصل ذلك لجسر سيلفر عام 1967، وفي عام 1983 لجسرI-95  فوق نهر ميانوس (Mianus River) في كونكتيكات، وفي عام 1987 لجسر ولاية نيويورك ثروواي (Thruway) (I-95) فوق غدير سكوهاري (Schoharie Creek). وعندما حدث [الانهيار] في مينيابوليس في 2007، لم يتسنّ للساقة الذين كانوا على الجسر ذلك الوقت، من دون ذكر ركابهم، تلقي أي تحذير، بل لم تكن لديهم فرصة للقيام بعمل أي شيء حول انهيار الهيكل تحتهم، وكان ملفتاً للنظر أن عدد الضحايا لم يكن أكبر مما حصل، ويعود ذلك لكيفية بناء الجسر وكيف سقط. فلقد صُمِّم التنظيم المثلّثي لقطع الفولاذ التي تكوّن الجملون لتكون مجازاً فوق النهر وتدعم جسم الطريق من الأسفل قد تصرفت بشكل فعّال كمناطق التجعيد (Crumple Zones) في السيارة، امتصت الطاقة وهي تتجعّد، وتلتوي وتنسحق، وعدا ذلك تشوهت بينما كانت تسقط وترتطم بالأرض، أو الماء أو قعر النهر، وقد أبطأت الميزة التصميمية غير المقصودة هذه سرعة هبوط جسم الطريق إلى وتيرة أفضل للنجاة، ما جعل ما كان يمكن أن يكون هبوطاً قاسياً مهدّداً للحياة إلى [هبوط] ليّن نسبياً لمعظم المسافرين الذين كانوا في المركبات فوق الجسر في اللحظة الحرجة، من ضمنها ذلك الباص المدرسي المليء بالصغار، الذين نجوا جميعهم. لكن سيكون تصميم الجملون الفولاذي مركز اهتمام المهندسين القضائيين وغيرهم من المحققين الذين كانوا يفتّشون عن تبرير عن، ولماذا، فشل الجسر بعد عقود أربعة من تحمّله حركة المرور من دون حادث.

كنت أسوق مع زوجتي على طرق سريعة أخرى ما بين الولايات إلى الشمال خلال الوقت الذي حصلت فيه حادثة مينيابوليس. وسلكنا [طريق]I-95  لمعظم الطريق من بيتنا في درهام (Durham)، في نورث كاليفورنيا، إلى خلوتنا الصيفية في آروسيك (Arrowsic) في مين. ولأننا كنّا نتكلّم [مع بعضنا] بدلاً من سماع الراديو عندما السياقة لمسافات طويلة، لذا لم أعلم عن انهيار الجسر حتى اليوم التالي لحدوثه، وعندما وصلنا مين، وصلتنا الأخبار على شكل رسائل تليفونية وبريد إلكتروني من مراسلي صحف ومنتجي برامج للراديو والتفزيون طالبين القيام بمقابلات. جعلني نداءٌ هاتفي من مدير تحرير صفحة الآراء الشخصية لصحيفة لوس أنجليس تايمز أكتب ذلك المساء حول حالات فشل الجسور بصورة عامة، مع أمثلة تاريخية، وهو أمر شعرت أنني قادر على القيام به من دون معرفة الكثير عن جسر مينيابوليس الذي كان في الأخبار.

لم يكن الإعلام والمجلس الوطني لسلامة المواصلات (NTSB) المؤسسات الوحيدة المهتمة بالتصريح عن، والتحقيق في، حادث مينيابوليس. لقد أرادت ولاية مينيسوتا وإدارتها للمواصلات من دون شك معرفة ما حصل، وأرادت مينيسوتا، وولايات أخرى، أن تعرف أيضاً إن كان هناك حاجة جسور أخرى لإجراءات فورية واختبار – وإغلاق. لقد صُمِّم وبُني جسرI-35W  في ستينات القرن الماضي، وكان هناك مؤكداً مئات الجسور الأخرى بتصاميم وأعمار مماثلة في أنحاء البلاد. هل كان هناك شيء ما في التصميم نفسه أدّى إلى فشل الجسر؟ هل هناك شيء حول كون عمره 40 عاماً؟ هل هناك سوابق تاريخية؟

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى