النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن مكونات “اللَّبَن” وكيفيه إدراره

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

اللَّبَن مكونات اللبن كيفية ادرار اللبن النباتات والزراعة الزراعة

اللَّبَنُ هو الإفرازُ الطَّبيعِيُّ لِلْغُدَدِ اللَّبَنِيَّةِ الّتي توجدُ في إِناثِ جميعِ الحيواناتِ الثَّدْيِيَّةِ ويوجدُ في العالَمِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ألفَ نوعٍ من هذه الحيواناتِ الرَّاقيَةِ، ومِنْها الإنْسانُ.

وتتميَّزُ هذه الحيواناتُ بأَنَّها تَلِدُ وتُرْضِعُ وليدَها هذا اللَّبَنَ. ويَعْتَمِدُ هذا الوليدُ علَى اللَّبَنِ كغذاءٍ وحيدٍ مُدَّةً تَخْتَلِفُ من حيوانٍ إلَى آخَرَ.

وقَدْ لاحظَ الإنسانُ مع بِدايَةِ استئناسِهِ للحيواناتِ الثَّدْيِيَّةِ، ومنذُ نحوِ عَشَرَةِ آلافِ عامٍ، أنَّ بعضَ هذه الحيواناتِ يدرُّ لبنًا أكثرَ من احتياجاتِ وليدِها.

 

ومِنْ هنا بَدَأَ الإنْسانُ في اسْتِخدامِ كَمِّيَّاتِ اللَّبَنِ الزَّائِدَةِ عَنْ حاجَةِ صغارِ الحيواناتِ الثَّدْيِيَّةِ في غِذائِهِ. ثُمَّ اهتمَّ الإنْسانُ بهذه الأَنْواعِ من الحيواناتِ، وقدَّمَ لها الغِذاءَ الوفيرَ وانتخبَ أَفْضَلَ أَفْرادِها إدرارًا لِلَّبَنِ، وداومَ علَى العنايَةِ بِها وإِكْثارِها.

ومِنْ أَهَمِّ الأَنْواعِ المُدِرَّةِ لِلَّبَنِ: البَقر والجاموس والغنم والماعز والإبل. وتَخْتَلِفُ كَمِّيَّةُ اللَّبَنِ الّتي يُدِرُّها كلُّ نوعٍ من هذه الأَنْواعِ.

وتُعَدُّ الأَبْقارُ أكثرَ الحيواناتِ المُنْتِجَةِ  لِلَّبَنِ انْتِشارًا في مُعْظَمِ دُوَلِ العالَمِ،  يليها الجاموسُ.

 

وتَحْظَى هذه الأَنْواعُ مِنَ الماشِيَةِ حتَّى الآنَ بالكثيرِ من العنايَةِ الفائِقَةِ، وتُجْرَى عَلَيْها الأبحاثُ المُتَطَوِّرَةُ لزِيادَةِ إِنْتاجِها من اللَّبَنِ وتَحْسينِ خَواصِّهِ.

ويُطْلَق علَى اللَّبَنِ في بَعْضِ البِلادِ العَرَبِيَّةِ اسمُ «الحليب» بَيْنَما تُعَبِّرُ كلمةُ اللَّبَنِ في هذه البلادِ عَنْ بعضِ أَنْواعِ الأَلْبانِ المُتَخَمِّرَةِ «كاللَّبَنِ الرَّائِبِ» أو «الرُّوب» (الزَّبادي).

وكَلِمَةُ اللَّبَنِ هي الّتي ذُكِرَتْ في كتابِ اللهِ عَزَّ وجلَّ: ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ ) (النحل:66).

 

ويَدْخُلُ في تركيبِ اللَّبَنِ أكثرُ من مِئَةِ مُكَوِّنٍ غذائِيٍّ تضمُّ مجموعةً كبيرةً من البروتينياتِ والفيتاميناتِ والأَمْلاحِ والعناصِرِ المَعْدِنِيَّةِ، والدُّهونِ والسُّكَّرِيَّاتِ والإنْزيماتِ، وغَيرِها.

ومُتَوَسِّطُ تركيبِ لَبَنِ الأَبْقارِ، الأَكْثَرِ انْتِشارًا في العالَمِ: الماءُ 87%، الدُّهنُ 3,5%، البروتينُ 3,2%، سُكَّرُ اللَّبَنِ (اللاَّكتوزُ) 5%، الأَمْلاحُ والمَعادِنُ 1%.

وتوجدُ كلُّ هذه المكوِّناتِ في جميعِ أنواعِ أَلْبانِ الحيواناتِ الثَّدْيِيَّةِ، ولَكِن تختلفُ نِسَبُها من نوعٍ إلَى آخَرَ.

 

وقَدْ أَظْهَرَتْ الدِّراساتُ المُتَعَدِّدَةُ أنَّ الخالِقَ، عزَّ وجَلَّ، هيَّأَ لِكُلِّ وليدٍ غذاءَهُ المُتكامِلَ الّذي يتلاءَمُ مَعَ احْتياجاتِهِ.

فالحيواناتُ الثَّدْيِيَّةُ الّتي تعيشُ في المناطِقِ شديدةِ البُرودَةِ تحتاجُ إلَى غذاءٍ يحتوِي علَى مكوِّناتٍ غِذائِيَّةٍ غَنِيَّةٍ بالطَّاقَةِ، وخاصَّةً الدُّهونَ.

ولِذَلِكَ نجدُ أَنَّ مُحْتَوَى الدُّهْنِ في لَبَنِ أُنْثَى الدُّلفينِ يزيدُ علَى 40%، وفي الحوتِ يزيدُ علَى 20%.

والحيواناتُ الّتي تتميَّزُ صغارُها بِسُرْعَةِ النُّمُوِ مثل الأَرانِبِ والفِئْرانِ والقِطَطِ، تحتاجُ إلَى غذاءٍ يَحْتَوِي علَى نِسْبَةٍ عالِيَةٍ من مادَّةِ بناءِ الأَجْسامِ، وهي البروتينياتُ فتتراوَحُ هذه النِّسْبَةُ في لَبَنِ إِناثِ هذه الحيواناتِ بينَ 10 و 15%.

 

ونظرًا لاحْتواءِ اللَّبَنِ علَى كافَّةِ العناصِرِ الغِذائِيَّةِ، فإنَّه يُعَدُّ بيئةً مناسِبَةً جدًّا لِنُمُوِّ ونشاطِ الكثيرِ من أَنْواعِ المَيكروباتِ الّتي قَدْ يكونُ بعضُها مُمْرِضًا للإنْسانِ أو مفرزًا للسُّمومِ، أو مُتْلِفًا لِلَّبَنِ وعناصِرِهِ الغِذائِيَّةِ.

ولِذَلِكَ نَهْتَمُّ بِعَدَمِ تَلَوُّثِ اللَّبَنِ بهذهِ المَيكروباتِ، وحِفْظِهِ تحتَ ظروفٍ لا تسمحُ بنُمُوِّها أو نشاطِها، كالتبريدِ. كذَلِكَ تُسْتَخْدَمُ الوسائِلُ الفَعَّالَةُ لِلْقضاءِ علَى ما قَدْ يَصِلُ إلَى اللَّبَنِ من هذه الميكروباتِ.

وأَهَمُّ هذه الوسائِلِ المُعامَلاتُ الحَرارِيَّةُ، ويقصدُ بها تَعْريضُ اللَّبَنِ لِدَرَجةِ حرارةٍ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ تكفي للقضاءِ علَى ما قَدْ يكونُ بهِ مِنْ ميكروباتٍ ضارَّةٍ. ومِنْ تِلْكَ المُعامَلاتِ الحرارِيَّةِ «البَسْتَرَةُ» والإغلاءُ والتّعقيمُ.

 

وقَدْ لاحَظَ الإنْسانُ مَعَ بِدايَةِ اسْتِخدامِهِ لِلَبَنِ الحيواناتِ الثَّدْيِيَّةِ غذاءً له، أَنَّه سريعُ التَّلَفِ ولا يمكنُ تخزينهُ لِفَتْرَةٍ طويلَةٍ، بَلْ يَعْتَرِيهِ الكثيرُ من التَّغَيُّراتِ غيرِ المَرغوبَةِ، مثل زيادَةِ حُموضَتِه وتَخَثُّرِهِ وتَلَفِ مَذاقِهِ ورائِحَتِهِ، وبخاصَّةٍ في الأَجْواءِ الحارَّةِ.

ومِنْ هُنا أَصْبَحَ حِفْظُ اللَّبَنِ تَحْتَ التبريدِ هو أَفْضَلَ وَسيلَةٍ لِخَزْنِهِ، ولَكِنْ لمددٍ محدودَةٍ.

ومَعَ اسْتمرارِ تَعامُلِ الإنْسانِ مَعَ اللَّبَنِ، تَمَكَّنَ من تَحْويلِهِ مِنْ صُورَةِ غذاءٍ سائِلٍ إلَى مُنْتَجاتٍ غذائِيَّةٍ أُخْرَى يمكنُ حِفْظُها مُدَدًا طويلَةً، بجانِبِ إِضافَةِ بَعْضِ الموادِّ الغذائِيَّةِ إِلَيْها لِتزيدَ مِنْ مُدَّةِ بقائِها دُونَ تَلَفٍ، مثل إضافَةِ مِلْحِ الطَّعامِ أو السُّكَّرِ.

ثمَّ تَعَلَّمَ الإنْسانُ الطُّرَقَ المختلِفَةَ لتحويلِ اللَّبَنِ السَّائِلِ سريعِ التَّلَفِ إلَى لَبَنٍ مُتَخَمِّرٍ يمكنُ حِفْظُهُ مُدَدًا أطولَ من اللَّبَنِ السَّائِلِ.

 

كَذَلِكَ تعلَّمَ الإنْسانُ تحويلَ اللَّبَنِ السائِلِ إلَى أنواعٍ مُتَعَدِّدَةٍ من الجُبْنِ (حاليًّا يصنعُ في العالَمِ أكثرُ من 500 نوعٍ مُخْتَلِفٍ من الجُبْنِ).

كذَلِكَ تمكَّنَ الإنْسانُ مِنْ تركيزٍ بَعْضِ مُكَوِّناتِ اللَّبَنِ في مُنْتَجاتٍ لَبَنِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ ذاتِ مُدَدِ حِفْظٍ طويلَةٍ، مثل تركيزِ الدُّهونِ في جزءٍ من اللَّبَنِ لإنْتاجِ القِشْدَةِ (القيمر)، أو تحويلِ القِشْدَةِ إلى زُبْدٍ أو إلَى سَمْنٍ

وكذَلِكَ فَكَّرَ الإنْسانُ في حِفْظِ اللَّبَنِ بالتَّرْكيزِ والتَّجفيفِ، وبَدَأَتْ التَّجارِبُ في هذا المجالِ مَعَ بِدايَةِ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ، حيثُ نَجَحَتْ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِتَبْخيرِ جزءٍ كبيرٍ من الماءِ الموجودِ في اللَّبَنِ والحُصولِ علَى ما يُعْرَفُ باللَّبَنِ المُرَكَّزِ أو المُكَثَّفِ.

 

مَعَ إِضافَةِ السُّكَّرِ لهذا اللَّبَنِ المُرَكَّزِ كوسيلةِ حِفْظٍ، أو بدونِ إِضافةٍ. كذَلِكَ أَمْكَن تبخيرُ كلِّ الماءِ الموجودِ في اللَّبَنِ السَّائِلِ وتحويلُهُ إلَى صورَةِ مادَّةٍ غذائِيَّةٍ مُجَفَّفَةٍ يُعْرَفُ باللَّبَنِ الجافِّ أو اللَّبَنِ المسحوقِ.

إضافةً إلَى ذَلِكَ، أَمْكَنَ استخدامُ اللَّبَنِ وبَعْضِ مُنْتَجاتِهِ لإنْتاجِ الكثيرِ من المُنْتجاتِ الغِذائِيَّةِ الأُخْرَى، مثل المُثلَّجاتِ اللَّبَنِيَّةِ (الأَيس كريم)، والبُودِنْج والكاسْتَرْد، وذَلِكَ باسْتِخدامِ بَعْضِ المُضافاتِ الغذائِيَّةِ كالسُّكَّرِ والمُطَعِّماتِ كالفَواكِهِ والمُكَسَّراتِ والموادِّ الرَّابِطَةِ كالنَّشَا والجيلاتينِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى