الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن مدينة مكة المكرمة

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مدينة مكة المكرمة الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

مكة المكرمة هي أشهر المدن الإسلامية على الإطلاق، وأعظمها قداسة.

إليها يتجه المسلمون في صلواتهم، ويقصدونها بالزيارة، ولو مرة في العمر، في فريضة الحج، وتتكرر هذه الزيارة لمن شاء في عبادة العمرة.

ومكة هي مولد الرسول الخاتم: محمد بن عبد الله، عليه الصلاة والسلام، وموطن نشأته، ومنزل الوحي.

 

وهي منشأ سيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما السلام، حيث تفرع العرب من نسله.

فمكة مدينة الإسلام، ومعدن النبوة الإبراهيمية الإسماعيلية المحمدية: الملة السمحة، القائمة على التوحيد الخالص لله رب العالمين.

تكرر في القرآن الكريم ذكر مكة باسمها هذا (الفتح: 24) أو باسم بكة (آل عمران: 96).

 

وسجل القرآن منزلتها وأنها سيدة المدن وأعظمها شأنا، فسماها «أم القرى» (الأنعام: 92؛ الشورى: 7) وهي «البلد الأمين» (التين: 3) و«البلدة الحرام» (النمل: 91) و«الحرم الأمين» (القصص: 57).

يضاف إلى ذلك أن القرآن ذكر كثيرا من معالمها، كالكعبة، والمسجد الحرام، والصفا، والمروة، والمشعر الحرام.

هذا، ومنذ نشأة مكة، ظلت تكتسب أسماء جديدة، تضيفها الأجيال المتعاقبة، وهذه الأسماء في حقيقتها صفات تكشف عن خصائص مكة، ومكانتها، وموقعها في النفوس.

 

وقد بلغت هذه الأسماء خمسين، منها: الباسة والناسة والنساسة والناشة (وهذه الأسماء كلها معناها أن من ألحد واعتدى في مكة ينحطم ويهلك) ولذلك سميت أيضا: الحاطمة.

وسميت «الرأس» لأنها أشرف مكان في الأرض، كما أن الرأس أشرف ما في الإنسان.

وسميت «العذراء» لأنها لم تنل بمكروه، ولكونها دار السلام والصلاح والرحمة سميت: صلاح، وسلام، وأم راحم، وأم رحم، وأم الرحمات، وأم روح؛ والروح: الرحمة.

 

وقد بينت السنة النبوية ما لمكة من المكانة الموروثة، فقررت أن هذه البلدة حرم آمن، وليس الأمن فيها قاصرا على الإنسان، بل إنه يشمل الحيوانات والنباتات، فكما لا يسفك في مكة دم، لا تقطع شجرة، ولا يهيج حيوان أو طائر يصاد.

ومن وجد في جنبات مكة شيئا مفقودا من أحد، فلا يلتقطه إلا بغرض التعريف به.

 

ويحدثنا القرآن الكريم والأحاديث النبوية أن نشأة مكة كمركز من مراكز العمران البشري، مقترن بمولد سيدنا إسماعيل – عليه السلام – فقد أوحى الله تعالى لخليله إبراهيم أن يحمل الطفل الوليد ومعه أمه «هاجر» إلى البقعة التي فيها مكة.

ووصفها إبراهيم في دعائه الذي ورد في القرآن بأنها موجودة ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (إبراهيم:37).وتوالت على الأم وطفلها أحداث سريعة، كان منها انفجار الماء في هذه البقعة من بئر «زمزم».

 

وكانت بعض القبائل تسكن حول هذه البقعة، وقد لاحظوا أن هناك طيورا تحوم حولها، والطيور تفعل ذلك حول موارد المياه، فأرسلوا منهم من يكتشف لهم الخبر، وهناك وجد عين الماء وامرأة معها طفل رضيع، وبعد تفاهم سريع معها نزلت هذه القبيلة وأقامت في المنطقة.

وعندما بلغ إسماعيل مرحلة الشباب، جاء إبراهيم عليه السلام، وبدأ في بناء الكعبة بمساعدة ولده، وكان هذا أول بيت من بيوت العبادة يقام للناس في هذه البقعة.

ويعد هذا العمل البداية الحقيقية لاجتذاب الناس إليها، ونشأة الاستقرار البشري فيها، حيث أخذ في النمو بمرور السنين.

 

ومدينة مكة تهامية، تحيط بها الجبال التي تعد السفوح الدنيا الغربية لجبال السروات. وتقع مكة في الجهة الغربية من المملكة العربية السعودية، وبالقرب منها وعلى مسافة 75 كيلومترا تقريبا تقع مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، ومن الجنوب الشرقي وعلى بعد 80 كم تقريبا تحيط بها مدينة الطائف، وإلى الشمال منها تقع المدينة المنورة.

تقع مكة على درجة عرض 19 25 21 شمال خط الاستواء، وعلى خط طول 36 49 39 شرق خط جرينتش.

وترتفع عن سطح البحر بما يتراوح بين 200 و500 متر. ويسيطر المظهر الجبلي على مكة، وهذه التضاريس هي التي خلفت مجموعة من الأودية بروافدها المتعددة تشق المدينة، وعلى أساسها يتحدد نطاق الاستقرار البشري.

 

ومن أشهر جبال مكة أبو قبيس، وقعيقعان، وثبير، فضلا على جبل النور الذي به غار حراء المشهور، ويقع إلى الشرق من مكة، وجبل ثور الذي به غار ثور، بالناحية الجنوبية منها.

ومكة شديدة الحرارة في الصيف، وقد تصل درجة الحرارة نهارا إلى 50م (سيلزية) وفي الشتاء لا تقل الحرارة ليلا عن 10م (سيلزية).

وتشهد مكة سقوط أمطار غزيرة، خاصة في الشتاء. وقد تكثر الأمطار فتكون سيولا وفيضانات مدمرة، يمتد خطرها للكعبة والمنازل والأرواح والممتلكات.

 

ومكة اليوم قسمان أو قطاعان، أحدهما الحرم والمنطقة القديمة، والثاني يشمل مناطق التنمية العمرانية.

وتزخر مكة بمجموعة من المعالم، أكثرها ذو مكانة دينية وتاريخية لها في نفوس المسلمين رصيد ضخم من المشاعر والتقديس.

نذكر من هذه المعالم المسجد الحرام، والكعبة المشرفة، ومجموعة من المساجد التاريخية كمسجد الراية ومسجد الجن، ومسجد الإجابة، ومسجد أبي بكر الصديق ومسجد بلال بن رباح ومسجد حمزة بن عبد المطلب إضافة إلى مسجد نمرة ومسجد الخيف وجبل عرفات ومنى ومزدلفة وغيرها.

 

ولم يزل الموضع الذي كانت به دار السيدة خديجة رضي الله عنها قائما إلى اليوم في زقاق الحجر، حيث حل محلها دار لتحفيظ القرآن الكريم. وكذلك دار الأرقم بن أبي الأرقم، وتسمى دار الخيزران، وتقع بالقرب من الصفا، وهي الدار التي شهدت أهم بدايات الدعوة الإسلامية.

وتاريخ مكة منذ البداية وإلى اليوم مرتبط بالدين، ولم تزل الوظيفة الكبرى لمكة وظيفة دينية. وفي حديث المؤرخ اليوناني بطليموس عنها في القرن الثاني الميلادي سماها «ماركوابا» ومعناها: بيت الرب.

وفي بدايات مكة، تولى أمرها سيدنا إسماعيل، ثم ذريته من بعده. ثم آل الأمر إلى قبيلة جرهم اليمنية التي كانت تنتمي إليها زوجة إسماعيل، واستمر ذلك قرونا طويلة، حتى كان القرن الثالث الميلادي، فغلب على مكة قبيلة يمنية أخرى اسمها خزاعة.

 

واستمرت سيطرتها أكثر من 300 سنة، وفي عهدها بدأ التحريف والتبديل يدخل على ملة إبراهيم ودين إسماعيل، حيث أدخل عمرو بن لحي الخزاعي عبادة الأصنام، وانتشرت مجموعة من العقائد والتشريعات الشركية التي تخالف دين إبراهيم وإسماعيل.

(اقرأ سورة الأنعام: الآيات 136 – 145، والآية 130 من سورة المائدة، وحاول معرفة معانيها). ثم انتهى أمر خزاعة على يد «قصي بن كلاب القرشي، الذي جمع لقريش كل المناصب الدينية، والسياسية لمكة.

وفي عام 571م ولد بمكة خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأوحى الله تعالى إليه القرآن وهو في سن الأربعين، أو بعدها بقليل، وظل يدعو لربه إلى أن خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة، ثم عاد إلى مكة سنة 8هـ (630م).

 

ومنذ ذلك الحين ومكة تحت حكم المسلمين، يتعاقب عليها حكام من الدول الإسلامية، حتى كانت سنة 1343هـ (1924م) وآلت أمور مكة إلى حكومة آل سعود، وأصبحت مكة مركزا إداريا لمنطقة حملت اسمها: «إمارة مكة المكرمة».

وتوالت الإصلاحات على المدينة المقدسة بهدف راحة حجاج بيت الله الحرام، ومواجهة الزيادة المطردة في أعدادهم عاما بعد عام، وذلك بتوسعة المسجد الحرام، وبإنشاء شبكة من الطرق تخترق الجبال أو تكون أنفاقا تحت الأرض، مع مد توصيلات المياه بما يوفر للحجاج ولزائري مكة أقصى ما يستطاع من الخدمة. 

 

وكان هذا عملا مستمرا ولكنه بلغ في الآونة الأخيرة مدى بعيدا، بما يحقق اللقب الذي آثره الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، فهو بحق «خادم الحرمين الشريفين».

وفي هذه الموسوعة مداخل كثيرة تتعلق بمكة، منها: إبراهيم عليه السلام، إسماعيل عليه السلام، حج، الحجر الأسود، عمرة، غار حراء، غار ثور، الكعبة، محمد صلى الله عليه وسلم، هاجر… فراجعها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى