علم الفلك

مملكة المجرات

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

مملكة المجرات

منذ ما يقل عن مائة عام، كانت نظرتنا ومعرفتنا ببنية الكون مختلفة تماما عما هي عليه اليوم. في مفهومنا آنذاك، شملت منظومة واحدة هائلة كل شيء، وهي مجرة درب التبانة، و لم تكن الشمس سوى نجما عاديا يميزها فقط وجود منظومة كوكبية من حولها، وبالطبع كان العالم قديما للغاية ولكن لم تكن لدينا أي فكرة محددة عن عمره وكيفية خلقه.

كان أهم تطور فلكي في القرن العشرين- ربما يكون الأهم منذ الثورة الكوبيرنكية- هو إدراك أن مجرة درب التبانة ليست فريدة من نوعها ولكنها مجرد واحدة من عدد مجرات لا حصر لها تقع معظمها على مسافات بضع الملايين من السنوات الضوئية. يرجع الفضل في ذلك لـإدوارد هابل (Edward Hubble) ولكن الموضوع بدأ قبل وقته بكثير.

إن فهرس شارلز ميسيه للأجسام السديمية الذي وضعه عام 1781 تَضَمَّن سدما من نوعين محددين بالإضافة إلى الحشود المفتوحة والكروية. بعضها مثل M42 في سيف الجبار بدت كسحب من الغبار والغاز وكانت كذلك بالفعل، ولكن البعض الآخر وبالأخص M31 من المرأة المسلسلة أعطت الانطباع أنها مكونة كليا من النجوم، ومن عام 1845 بيّن اللورد روس (Lord Rosse) ومساعدوه أن بعضها وليس كلها حلزونية الشكل. ولكن كان لا بد من الإجابة على سؤال واحد أساسي هو: هل كانت هذه السدم النجمية مجردة من المعالم البسيطة لدرب التبانة أم هي مجرات مستقلة بذاتها؟ ومن بين أبرز الفلكيين الرائدين في أمريكا، اعتقد هارلو شابلي الفكرة الأولى في حين اعتقد هابل الثانية.

كان شابلي هو أول رجل قام بأخذ قياس معقول لحجم منظومة درب التبانة. كان يعلم بالطبع أن الحشود الكروية متواجدة عند أطراف الجزء الأساسي من المجرة وقد وجد متغيرات قيفاوية هناك، وعندما عثر على دورات هذه النجوم المفيدة استطاع حساب مسافاتها. وقد أثبت أيضا أن الشمس لا تقع بالقرب من مركز المجرة، ونحن نعرف الآن أننا نبعد تقريبا 25,000 سنة ضوئية عن نواة المجرة.

وكان من الواضح أن الخطوة التالية هي العثور على متغيرات قيفاوية في السديم النجمي، ولكنه اتضح أن قول هذا أسهل من فعله. ولحسن الحظ كان العاكس هوكر ذو 2.5 متر (100 بوصة) قد اكتمل للتو في جبل ويلسون عام 1917، وكان يفوق كل المقاريب الموجودة في العالم قوة حينذاك. استطاع هابل استخدامه وفي عام 1923 كشف عن متغيرات قصيرة الدورة في مجرة المرأة المسلسلة وبعض المنظومات الأخرى. وحين قام بقياس دوراتها علم أنها بعيدة جدا على أن تكون منتمية لدرب التبانة وقال أن مسافة M31 على بعد 750,000 سنة ضوئية الذي اتضح أنه كان أقل كثيرا من مسافته الحقيقية ولكن على الأقل تم إزالة الشكوك حول وضع الأجسام الحلزونية.

عمل ميلتون هوماسون (Milton Humason)، الذي بدأ حياته المهنية كراكب بغال وأنهاها كواحد من أبرز الفلكيين في العالم، مع هابل زميلا له وتوصلا إلى اكتشاف هائل آخر. كان من المعروف حينها أن معظم ’السدم النجمية’ التي أعيد تسميتها للمجرات أظهرت انزياحا نحو الأحمر في أطيافها، ولو كانت هذه الانزياحات هي بالفعل من تأثير دوبلر كما كان الاحتمال الأقوى فهذا يعني بالتالي أن المجرات تبتعد عنا. إضافة إلى ذلك، كانت سرعة ابتعادها تزيد كلما ابتعدت المجرات عنا، فأشار هذا إلى وجود علاقة أكيدة بين المسافة والسرعة والتي تعرف الآن باسم قانون هابل تكريما له. نحتاج هنا إلى وقفة قصيرة: فالمجرات تتجمع في حشود أو مجموعات، وكل مجموعة تتسابق بعيدا عن المجموعات الأخرى وبالتالي فإن العالم كله يتمدد. ومنظومة درب التبانة تابعة لما نسميها بالمجموعة المحلية وأكبر عضو فيها هي مجرة المرأة المسلسلة والتي تقترب من مجرتنا وستصطدم بها في يوم من الأيام، ولكن عندما يحدث هذا ستكون الأرض قد انعدمت من الوجود.

نحن اليوم على الأقل نُقدِّر حجم الكون ولدينا ما نعتقد بأنها معرفة معقولة بتاريخه الماضي ولكن يظل هناك الكثير الذي لا نعرفه وبالأخص يبقى السؤال الجوهري الذي لم نتوصل إلى إجابته القاطعة بعد ألا وهو: كيف أتى الكون إلى الوجود؟

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى