علم الفلك

كوكب المريخ

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

كوكب المريخ

ظل المريخ، وهو أول كوكب خارج مدار الأرض، محط اهتمام خاص، لأنه حتى وقت قريب نسبيًا كان هناك اعتقاد باحتمالية وجود أشكال متقدمة من الحياة عليه. فقبل أقل من قرن مضى، رُصدت جائزة هي (جائزة غوزمان) في فرنسا لأول رجل يجري اتصالاً مع كائنات من عالم آخر – وتم استثناء المريخ على وجه الخصوص لكونه شديد السهولة!

المريخ أصغر وأقل كثافة بكثير بالمقارنة مع الأرض، وحجمه متوسط بين الأرض والقمر. وسرعة الإفلات التي تبلغ 5 كيلومتر في الثانية )3.1 ميل في الثانية( عالية بما يكفي للاحتفاظ بغلاف جوي رقيق، إلا أنه اتضح حتى قبل عصر الفضاء أن ذلك الغلاف الجوي لم يكن كثيفًا بما يكفي لدعم حياة متطورة تشبه حياة الأرض، ولم تكن المحيطات لتوجد اليوم على سطحه. أما انحراف محوره فيشابه كوكبنا، لذلك فالفصول متشابهة بالرغم من أنها أطول بكثير. تبلغ الدورة المدارية للمريخ 687 يوم. أما مدة الدوران المحوري ، والتي من السهل قياسها من خلال مراقبة العلامات السطحية الطبيعية، فتبلغ 24 ساعة و37 دقيقة و22.6 ثانية، وهكذا تحتوي ‘السنة’ المريخية على 668 يوم مريخي أو ’sols‘.

إن مدار المريخ بلا شك منحرف عن المركز، ويتراوح بعده عن الشمس بين 249 مليون و 207 مليون كيلومتر (155 مليون إلى 129 مليون ميل) مما له تأثير مؤكد على المناخ المريخي. فمثلما هو الحال مع كوكب الأرض، يحدث الحضيض الشمسي خلال الصيف الجنوبي، لذلك تكون فصول الصيف الجنوبي على المريخ أقصر وأدفأ من تلك التي في الشمال، بينما تكون فصول الشتاء أطول وأبرد.

في أدنى مسافة له، قد يبلغ المريخ 59 مليون كيلومتر (36 مليون ميل) من الأرض، أي أقرب من أي كوكب آخر عدا الزهرة. وعندها ستظهر المقاريب الصغيرة تفاصيل سطحية دقيقة. فأولاً هناك القمم الجليدية القطبية التي تختلف باختلاف الفصول، إذ قد تمتد القمة الجنوبية في أقصى مدى لها حتى خط العرض °50، مع أنها في حدها الأدنى تصبح صغيرة جدًا. ونظرًا لتطرف المناخ بشكل أكبر في نصف الكرة الجنوبي، فإن التباينات في حجم القمة الجليدية أكبر من تلك التي في الشمال.

تعد المناطق المظلمة دائمة، بالرغم من حدوث تغيرات طفيفة؛ فمنذ زمن يصل إلى عام 1659، تم رصد أبرز المناطق المظلمة، وهي بقعة على شكل حرف ’V‘ تعرف باسم سيرتيس ميجور (Syrtis Major)، من قبل الفلكي الهولندي كريستيان هوجنز. وافترض في البداية أن المناطق المظلمة كانت بحارا، بينما المسالك المصفرة التي تغطي بقية الكوكب هي أراض جافة. وحين اكتشف أن الضغط الجوي منخفض لدرجة تمنع وجود الماء السائل، اعتبرت المناطق المظلمة قيعان بحار قديمة مليئة بالنباتات. ولقد حظي هذا الرأي بالقبول حتى أول مرور لمركبة مارينر 4، في عام 1965.

هناك عدد من المناطق الساطعة، أبرزها هي هيلاس وتقع في الجزء الجنوبي من الكوكب. ففي بعض الأحيان كانت شديدة السطوع بحيث اعتبرت خطأ قمة قطبية إضافية، وفي حين آخر هضبة تغطيها الثلوج، لكن الآن أصبح من المعلوم أنها حوض عميق.

يعتبر الغلاف الجوي للمريخ شفافًا بشكل عام ، إلا أنه من الممكن رؤية بعض السحب فيه، وهناك عواصف غبارية عرضية قد تنتشر فوق معظم الكوكب، فتغطي تضاريسه السطحية بالكامل. ويبدو أنه عندما تتجاوز سرعة الرياح 50 إلى 100 متر في الثانية (160 إلى 320 قدم في الثانية)، فتخفق حبيبات صغيرة من مواد السطح مما يجعلها تقفز في حركة تعرف علميًا بالوثب المفاجيء. وحينما تضرب السطح تقوم بدفع الحبيبات الأصغر بدورها إلى الغلاف الجوي، حيث تظل معلقة لأسابيع. وهذه العواصف الغبارية المنتشرة تكثر حين يقترب المريخ من الحضيض الشمسي، وتكون الرياح السطحية في أوج قوتها.

الخرائط الأولى التي يمكن الاعتماد عليها لكوكب المريخ تعود إلى ستينيات القرن التاسع عشر. وتم إعطاء المعالم المختلفة في المقام الأول أسماء فلكيين، فالخرائط القديمة تظهر أرض مادلر، وأرض لاسيل، وقارة بيير، وغير ذلك. (وهذا الاسم الأخير جاء تكريمًا لويلهلم بيير، رائد الرصد القمري والكواكبي الألماني الجنسية.

ثم في عام 1877، قام ج. ف. سكياباريللي (G. V. Schiaparelli) بوضع خريطة أكثر تفصيلاً وأعاد تسمية المعالم. على سبيل المثال، فإن أكثر التضاريس المظلمة بروزًا على المريخ، وهو شكل حرف V الذي رسمه هوجنز (Huygens) قبل زمن طويل، كان يعرف أصلا ببحر قيصر، فأصبح اسمه سيرتيس ميجور. ونظام التسمية الذي وضعه سكياباريللي، بعد تعديله وزيادته، هو نفسه الذي نستخدمه اليوم.

كما رسم سكياباريللي عبر الصحارى المصفرة خطوطًا غريبة تبدو مصطنعة، أطلق عليها اسم كانالي (canali) بمعنى سبيل اتصال، وتُرجمت حتما إلى ‘قنوات’. وتمت الإشارة إلى أن هذه التضاريس قد تكون ممرات مائية اصطناعية، الرأي الذي دافع عنه بيرسيفال لويل (Percival Lowell) ، الذي بنى مرصدًا ضخمًا في فلاغستاف في أريزونا لغرض رئيسي هو دراسة كوكب المريخ، وزوده بمقراب كاسر ممتاز يبلغ 61 سنتيمتر (24 بوصة). اعتقد لويل أن القنوات تمثل نظام ري ممتد في الكوكب أنشأه السكان المحليون لضخ الماء من القمم الجليدية عند القطبين إلى خط الاستواء. وللأسف، ثبت الآن أن هذه القنوات لا وجود لها، بل هي مجرد مناظر خادعة، وأصبح المريخيون الذين وصفهم لويل من نصيب قصص الخيال العلمي.


 

أما أفضل الخرائط التي سبقت عصر الفضاء لكوكب المريخ هي التي رسمها إ. م. أنتونيادي (E.M. Antoniadi) في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن العشرين. وكان المقراب الذي استخدمه هو مقراب ميودون الكاسر الذي يبلغ 83 سنتيمتر (33 بوصة)، واتضح أن خرائط أنتونيادي مدهشة في دقتها، إلا أن ‘السبق’ الحقيقي جاء مع مارينر 4 في عام 1965.

بشكل أساسي، تم الحفاظ على نظام تسمية أنتونيادي: فمثلاً بحيرة سوليس ليست ببحيرة، والذي أُطلِق عليه اسم بحر سيميريوم ليس ببحر. وقبل عصر الفضاء، كان يظن أن المريخ عالم لديه القليل من البروزات السطحية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى