الاماكن والمدن والدول

صحراء أتاكاما

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الاماكن والمدن والدول علوم الأرض والجيولوجيا

ينسب الجفاف في ساحل المحيط الهادىء الى «تيار هامبولت» الذي يجلب الماء البارد من المنطقة القطبية الشمالية ويعمل على تبريد سطح المحيط ويسبب الضباب وغيوم الرهج (Stratus Clouds) الأفقية الخفيضة، ولكن من دون أمطار بشكل تقريبي.

وتعتبر صحراء أتاكاما في تشيلي وصحراء سيشورا في بيرو من المناطق الشديدة الجفاف. وفي صحراء بيرو ينتج الاتصال المباشر مع البحر مناخاً غائماً مع ضباب ليلي.

ويتراجع التأثير الساحلي بسرعة في الداخل الى سلاسل من جبال تعلو الثلوج قممها وأحواض متداخلة.

 

– الأحواض والأغوار

تحتل صحراء أتاكاما الواقعة بين أريكا وفاينار حزامان طوليان: منحدر «انترمونتان» الطولي وسلسلة الجبال الساحلية أو (تانغ) ولكن من «تشانارال» الى الحد الجنوبي يتطور الى أحواض مستعرضة.

وينقسم هذا المنحدر الى ثلاثة أجزاء: بين أريكا وكويبرادا دي تانا هو سهل من رواسب تراكمت عند سفح الأنديس (Andes). وبالقرب من السهل الساحلي تتجمع هذه الترسبات مع رواسب ملحية.

والسهل مشقق بعمق بوديان تعرف بإسم «كويبراداس» التي تصب أنهارها في البحر، غير أنها متقطعة للغاية. ومن كويبرادا دو تانا الى نهر «لوا» يغلق المنحدر ويحتوي «بامبا دل تاماروغال».

وأخيراً وبين نهر «لوا» وحوض «تشانارال» توجد أحواض محددة بصورة جيدة من دون مياه جارية ولكنها مفتوحة على البحر حيث توجد منحدرات ملحية تعرف بإسم «سالارز».

وأحد المعالم النموذجية للإتصال بين السفح الداخلي للسلسلة الساحلية والمنحدر الطولي توجد طبقة خارجية من نترات الصوديوم التي لا يزال أصلها غامضاً.

 

– مناخ الصحراء

يوجد نوعان من المناخ في أتاكاما. ويشهد الحزام الساحلي الضيق حوالي 110 أيام غائمة في السنة وخاصة في فصل الشتاء. وتعتبر غيوم الرهج والضباب التي تعرف بإسم «كامانشاكاس» نموذجية.

وعلى الرغم من ذلك فان نقص الهطولات المطرية يكاد أن يكون مطلقاً وتهطل الأمطار فقط بعد عواصف متقطعة وحادة وتكون في الغالب متباعدة لسنوات عديدة.

ويدعم الضباب غطاء العشب المتفرق في الشمال وسهول الصبار في الجنوب. وفي هذه المعالم التي تدعى «لوماس» توجد ثدييات مثل نوعين من الثعالب والخفاش مصاص الدماء اضافة الى نوعين من الثدييات المائية الزعنفية الأقدام.

ولا تزال فضلات (روث) الطيور البحرية التي تعرف بإسم «غوانو» تجمع من الحيد البحري قبالة الشاطىء والجزر وتستعمل على شكل سماد.

 

– «بامبا دل تاماروغال» (The Pampa del Tamarugal)

في منحدر»انترمونتان» تكون البيئة الصحراوية في أشد حالاتها حدة وقسوة، مع صفاء كبير في الجو ورطوبة متدنية وتفاوت كبير في درجات الحرارة وغياب شبه تام لهطول الأمطار.

وتعتبر أتاكاما صحراء معتدلة المناخ لأن درجات الحرارة المتوسطة تنخفض الى أقل من 18 مئوية (64 فهرنهايت) ولاوجود للنبات في هذه السهول ماعدا «كويبراداس» (quebradas) و «بامبا دل تاماروغال».

و«بامبا دل تاماروغال» منخفض مغلق توجد في الأجزاء السفلية منه «سالارز». وفي السفوح الشرقية تسمح المياه الجوفية لمجموعات من «تاماراغوس» (Tamarugos) بالازدهار.

وقد تعرضت «تاماراغوس» الى خفض شديد خلال فورة تعدين النيترات ولكن تم زراعتها مجددأً الآن في «سالار دو بنتادوس» بغية تطوير المنطقة لتربية الأغنام.

 

– تنمية أتاكاما

أمكن اقامة مستوطنات بشرية وزراعة في صحراء أتاكاما حول أربع مجموعات من الواحات فقط: «أريكا» بالقرب من حدود بيرو والطرف الشرقي من «بامبا دل تاماروغال» وأحواض نهري «لوا» و«كوبيابو».

وعندما وصل الإسبان وجدوا أن قيعان الوادي، أو «كويبراداس» في المنخفض الطولي بين «أريكا»

و«كويبرادا دو تانا» كانت خصبة بصورة استثنائية. وقد وصف المؤرخ «كريستوبال دو مولينا» جمال المزارع وأنظمة الري في المنطقة. وحسب السكان الأصليين فإن الأمطار لم تهطل قط، غير أن المنطقة لم تفتقر قط الى الماء. وقد مكنتهم الينابيع في كل وادي من ري حقولهم وحدائق خضارهم.

وليس بالإمكان اليوم القيام بعمليات ري إلا من خلال الآبار التي تتسم مياهها بصورة عامة بقدر قليل من الملوحة. وفي الزمن الحديث تعتبر الذرة ونبات الفصة (Alfalfa) من المحاصيل الرئيسية.

وبالنسبة الى القرى على طول الطرف الشرقي من «بامبا دل تاماروغال» كان الري ممكناً من خلال القنوات التقليدية تحت الأرضية المماثلة لـ «الفوغارا» في الصحراء الكبرى.

وفي وسط صحراء أتاكاما تم استخدام نهر «لوا» الذي يقع منبعه في أعالي الأنديس من أجل ري الفصة (Alfalfa). وينقل نهر «لوا» الماء الى «كالاما» وهو المركز القديم لإنتاج النترات والمركز الحديث لصناعة النحاس في تشيلي.

وتزرع الفصة أيضاً في وادي نهر «كوبيابو» وفي حوض «فالينار» في «نورت شيكو» شبه الصحراوية. وفي وادي «كوبيابو» بشكل خاص أفضى الأسلوب العصري في الزراعة الى تغيرات كبرى منذ الثمانينات من القرن الماضي. وتشمل تلك التغييرات نماذج جديدة لإستخدام الأرض، وتوسيع الأراضي المعدة للزراعة والانتاج المتزايد للفواكه.

 

– تعدين أتاكاما

في أعقاب اكتشاف الفضة من قبل الرائد الاسباني «جوان غودوي» على مقربة من «كوبيابو» في عام 1832، فتحت المناجم في أتاكاما.

وعلى أي حال، وحتى انشاء الخط الحديدي بين «كوبيابو» وخليج «كالديرا» – وهو أول خط حديدي في جنوبي نصف الكرة الأرضية – كانت الصادرات محددة بطاقة قوافل البغال. وفيما بعد تم اكتشاف الفضة على مقربة من «تشارانسيلو» وازداد عدد سكان وادي «كوبيابو» بصورة كبيرة.

وعلى الرغم من تهافت الناس على الفضة في القرن التاسع عشر فإن استثمار المعادن في أتاكاما يرجع الى الزمن ما قبل الكولومبي عندما قام المزارعون على طول الحدود الشرقية «بامبا دل تاماروغال» بإستخراج القشرة الكلسية المتشكلة على التربة الصخرية والتي تحتوي على نترات الصوديوم والمستخدمة في صنع السماد. وبعد وصول الإسبان ازدهرت عمليات تكسير وترشيح القشرة الكلسية التي تحولت الى صناعة محلية.

وخلال القرن التاسع عشر تم استثمار النترات التشيلية بكثرة في أعقاب استنزاف مخزونات الغوانو على طول الساحل وفي العديد من الجزر قبالة الشاطىء. وقد ازدهرت صناعة النترات في نهاية القرن ومكّن مد الخطوط الحديدية من تطوير العديد من مراكز الانتاج.

وفي ذروة تلك الصناعة وصل عدد المعامل العاملة الى 150، ولكن بعد اختراع الألمان للنترات الاصطناعية خلال الحرب العالمية الأولى عانت صناعة النترات التشيلية بشدة، وبدأت معالم سهول النيترات بالتغير.

ولا يوجد سوى عدد قليل من المعامل يعمل اليوم، ولا تزال البقايا المضمحلة للبلدات والقرى والسكك الحديدية منتشرة في الصحراء. وعلى الرغم من ذلك لا يزال الانتاج الحالي يوفر النترات واليود والبورق (مسحوق ابيض متبلر) وكبريتات الصوديوم التي تستخدم للعديد من الأغراض.

 

– تعدين النحاس

يرجع تعدين النحاس في صحراء أتاكاما الى القرن السابع عشر. ومع انخفاض عمليات تعدين النترات ازدادت أهمية النحاس. وعلى التلال الغربية من سلسلة الجبال الآندية (Andean) أنتج النشاط البركاني القديم والحركات الزلزالية طبقات حاملة للمعادن، بما في ذلك أكبر تركيز للنحاس الخام في العالم.

وقد تأسست أضخم المناجم بعد عام 1915 وبشكل رئيسي على مقربة من نهر «لوا» و «بوتريريلوس» في حوض «تشانارال». وفي «تشوكويكاماتا» تم نسف المصاطب باتجاه الأسفل بحيث أصبح المنجم الآن على عمق يقارب الـ 580 متراً (1900 قدم) تحت سطح الصحراء.

ومن 1938 الى 1975 تم طرح أكثر من 220 مليون طن من النفايات من مناجم النحاس في بورتريليروس والسلفادور على الساحل في خليج تشارانال ماأحدث تغيرات دراماتيكية في الشاطىء الذي تقدم بمعدل بلغ حوالي 25 متراً ( 80 قدماً ) في كل سنة.

وتمتد المنطقة الملوثة مسافة 16 كيلومتراً ( 10 أميال ) على طول الشاطىء، وتحتوي الشواطىء الآن على كمية عالية من النفايات. ويبدو أن الهبوط الدراماتيكي في التنوع البيولوجي قد ارتبط بالنحاس في الرواسب وبالملوثات في الماء.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى