البيئة

حياة النباتات في الصحراء

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

على الرغم من الغياب الظاهر لأشكال الحياة في الصحراء فإنها تحوي على تشكيلة مذهلة من الأنواع جيدة التكيف.

وقد أنتجت ملايين السنين من التطور بعض الطرق الإستثنائية من أجل التغلب على شدة الجفاف والحرارة.

وتختلف هذه من السيقان المنتفخة بشكل هائل لنباتات الصبار التي تكيفت لتخزين المياه وحفظها الى الكليتين اللتين تكيفتا بشكل خاص لحفظ الماء لدى بعض الثدييات. والصحارى موطن للحشرات الصغيرة وللثدييات الكبيرة، بما في ذلك تلك التي تمثل معظم المجموعات الرئيسية – وحتى البرمائيات.

وعلى الرغم من ذلك فإن تخصيص مثل هذه الحياة النباتية والحيوانات يجعلها عرضة لتغيرات في بيئتها.

 

قدرة النبات على البقاء:  تنطوي الحياة في البيئة الصحراوية على العديد من المشاكل بالنسبة الى النباتات. ويمكن للضوء الشديد أن يؤذي الخضاب (Pigment)، وبوسع درجات الحرارة العالية أن تعطل الكيمياء الحيوية للخلايا، ولكن المشكلة الأشد خطورة من الكل تتمثل في التجفف. وتكون كمية المياه قليلة عادة وسبل التكيف التي تساعد في حفظها شاملة وعامة بين نباتات الصحراء.

والمشكلة الرئيسية بالنسبة الى النباتات هي أن التمثيل الضوئي – انتاج السكريات الأساسية باستخدام طاقة الضوء – يتطلب ثاني اكسيد الكربون.

ولضمان نيل كمية كافية من ثاني اكسيد الكربون يوجد لدى أوراق النباتات مسام، غير أن هذه أيضاً تسمح بالتبخر وانتشار تبخر الماء، وهي عملية تحدث بسرعة في الصحارى.

 

الحفاظ على الماء:  الإختيار الطبيعي في الصحراء يميل الى أشكال النباتات التي خفضت مناطق السطح التي قد تفضي الى فقدان الماء. واتخذت بعض نباتات الصبار أشكالاً غريبة.

إذ ليس لها أوراق ولا سيقان وتكاد أن تكون كروية الشكل وتوفر أقل مساحة ممكنة من السطح. وقد انخفض أيضاً عدد المسام ويتمثل أحد التأثيرات هنا في خفض امتصاص ثاني اكسيد الكربون وبالتالي فإن معدلات نمو هذه النباتات تكون بطيئة للغاية. وتتجنب الأنواع الاخرى من النباتات التعرض الزائد الى أشعة الشمس وريح التجفيف من خلال النمو الكبير تحت سطح الأرض.

وبصورة عامة لدى نباتات الصحراء كثافة من المسام في أوراقها أقل من غيرها من الأنواع الاخرى. ويساعدها ذلك على حفظ الماء. غير أن نبتة واحدة تدعى «تري تمبو»  Welwitschia Mirabilis (Tree Tumbo المعمرة وقصيرة الساق توجد في صحارى ناميبيا لديها كثافة عالية جداً من المسام.

وتأتي الكمية الأكبر من الماء في هذه المنطقة من الضباب الخفيف والندى. والكثافة العالية للمسام يمكّنها من جمع هذه الرطوبة القيمة.

 

وقد أمكن التغلب بشكل جزئي على مشكلة التوازن بين امتصاص ثاني اكسيد الكربون وفقدان الماء من خلال النباتات كثيرة العصارة التي تفتح مسامها أثناء الليل فقط، عندما تكون درجة الحرارة أقل، وبالتالي فهي تفقد كمية أقل من الماء عبر التبخر.

وعلى أي حال، لا يتوافر الضوء اللازم من أجل التمثيل الضوئي خلال الليل. وبدلاً من ذلك فإن ثاني اكسيد الكربون الذي تم امتصاصه يخزن بصورة مؤقتة على شكل حمض عضوي يستخدم أثناء النهار. وتُدعى هذه العملية بأيض حمض التكيف – [ (Crassulacean Acid Metabolism (CAM] نسبة الى عائلة نبات كثير العصارة «كراسيولاسيا» (Crassulaceae) التي وصفت العملية فيها لأول مرة.

تمكن العديد من أعشاب الصحراء من تطوير اسلوب فعال لإمتصاص ثاني اكسيد الكربون. ومثل نبات (CAM) تقوم تلك النباتات أيضاً بتثبيته على شكل حمض عضوي، ولكنها تعمد بعد ذلك الى نقله الى خلايا متخصصة في عمق أوراقها حيث يُختزن ثم يُستعمل عند الحاجة اليه في عملية التمثيل الضوئي.

وتضمن هذه الطريقة –ولحد معين من النمو– أن تضطر هذه النباتات الى فتح مسامها (Stomata) لفترة قصيرة فقط.

تكون أنظمة الجذور في نباتات الصحراء عميقة للغاية في أغلب الأحيان، وتسحب الماء من عمق يصل الى عدة أمتار من تحت السطح من أجل تعويض ما فقدته من ماء. ومن بين مثل تلك النباتات القاوون «الشمام» (من عائلة Cucurbitaceae).

 

والقرع ويقال عن شجرة بروسوبيس سينيراريا (Prosopis) وهي شجرة صحراوية في سلطة عمان والهند، إن جذورها تمتد عشرة أمتار (33 قدم) تحت السطح. غير أن عدداً كبيراً -يصل إلى حد الدهشة- من نباتات الصحراء ليس لها أنظمة جذور عميقة.

والصبار، مثل التين الشوكي، الذي يستوطن الأجزاء الجافة من أميركا الشمالية (وهو منتشر على نطاق واسع الآن في الصحارى) لديه جذور ضحلة ليفية تقتصر الى حد كبير على السنتيمترات القليلة العلوية من التربة. وتسمح هذه الجذور للصبار بالتقاط الماء من الندى أو من المطر الخفيف القصير.

وقد يكون التكيف الأكثر اثارة بالنسبة الى نبتة صحراوية هو الغياب التام للجذور الموجودة في تلاندسيا لاتيفوليا «كرة الأشنة» (Tillandsia lolia) من صحراء أتاكاما.

ولهذه النبتة أوراق قاسية شوكية مرتبة على شكل نجمة ولكنها من دون جذور. وتشكل هذه النبتة كرة تتدحرج عبر الصحراء وتعصف بها الريح. وعندما تكون الظروف رطبة فإنها تمتص الرطوبة من الهواء.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى