البيئة

القحط: تعريفه وكيفية التنبؤ به والتكيّف معه

2013 دليل الصحارى

السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

يمكن أن يوصف القحط، كما يُفهم بطريقة بسيطة، على أنه دائم وحاد في الصحارى شديدة الجفاف.

ولكن فهم «القحط» بتلك الطريقة ليس تعبيراً مفيداً جداً. وعلى أي حال لايتوقع الناس هطول المطر في الأماكن التي تكون جافة بصورة دائمة تقريباً. ويُفهم القحط بشكل أفضل على أنه فترة جفاف في منطقة أو فصل يكون عادة أكثر رطوبة.

والقحط -ضمن هذا المفهوم- سمة لمناطق شبه جافة حيث تعتمد المراعي والمحاصيل الزراعية على هطول المطر في موسم واحد على الأقل.

ويخشى القحط كل من يعمل في تلك المناطق، ولذلك فإن من الغريب أن يكون التعريف العلمي على هذا القدر من الصعوبة. ولكنه كذلك حقاً. وقد يكون القحط مجرد «أمطار أقل من المتوقع» ولكن بأي معدل؟ وما هي المدة الزمنية لذلك؟

وقد تتمكن بعض المحاصيل من تجاوز القحط الذي يُهلك الأنواع الاخرى، وتقوم أنواع من التربة بتخزين أو طرح المياه الى محاصيل بصورة أكثر فاعلية، وبعض أجزاء معالم الأرض تجمع المياه، والبعض الآخر يطرحها.

هل يتعين أن يكون تعريف القحط محدداً لمحصول معين أو لتربة أو لموقع في الأرض؟ التعريف مهم بالنسبة الى اولئك الذين يطالبون بنوع من تعويضات القحط، أو الى الوكالات التي تسعى الى الحصول على مساعدات الى مناطق أصابها القحط.

 

التنبؤ بالقحط

القحط (أياً كان تعريف العلماء له) يحدث بصورة غريبة وغير معروفة السبب، وهو ما يجعل التخطيط لمواجهته في غاية الصعوبة. وقد حدث القحط في استراليا في 1902 و 1915-12 و 1967-65 و 1972، وبدأ أسوأ قحط خلال قرنين في عام 1983.

وفي أوائل التسعينات من القرن الماضي تعرضت الأجزاء الشمالية الشرقية من البرازيل الى أسوأ قحط منذ عام 1583، وتعرض جنوبي أفريقيا الى قحط فظيع في 1992 وفي اقليم الساحل من أفريقيا استمرت «فترة جفاف» طوال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، ولكن الأمطار نزلت بقوة أكبر في مطلع السبعينات وفي عام 1984.

وبوسع كل مزارع سواحلي إعطاء تاريخ يراوح بين 20 سنة أو 30 سنة من القحط في قريته، ولكل قحط اسمه الخاص به، مثل «القاتل» وأسماء غير مبالغ فيه: آلاف وحتى مئات الآلاف ماتوا نتيجة القحط السواحلي، وفي السودان هاجر العديد من القرى بعد قحط عام 1984، وحتى في السنوات الجيدة التي أعقبته لم يرجع سكانها اليها، ويتحدث القرويون في السودان عن الأوقات التي سبقت وأعقبت ذلك القحط، والفوضى العارمة التي سببها.

وسوف يحدث المزيد من القحط ولفترات طويلة أو قصيرة. وعلى الرغم من أن خبراء الأرصاد الجوية لا يعلمون موعد حدوثه إلا أن بعض الأدلة بدأت بالظهور: يرتبط القحط حتى في أفريقيا، وبقدر أكبر من اليقين في استراليا بإيقاع «إنسو» المتعلق بالتغير في توزيع المياه الدافئة والباردة في المحيط الهادى الإستوائي والمزيد المزيد من الأدلة بدأت بالظهور وبصورة يمكن معها التنبؤ بموعد حدوث القحط.

 

التكيف مع القحط

إضطر الناس في الأراضي الجافة الى تعلم كيفية العيش مع أحوال القحط من خلال ادارة الموارد بصورة حذرة ومتأنية. وقد اعتمد معظم الرعاة طريقة البداوة، وهم يبحثون عن الأماكن التي هطلت فيها الأمطار وينقلون مواشيهم اليها.

ولو كانت لديهم قواعد أفضل في الزراعة، في وديان أفضل من حيث الري أو في مناطق شبه جافة حيث تكون الزراعة المعتمدة على المطر ممكنة على سبيل المثال، لكان في وسعهم المشاركة في عملية يطلق عليها «ترانسهيومانس» (Transhumance) تتضمن نقل مواشيهم في رحلة سنوية الى مراعي أفضل تغطيها الثلوج في فصل الشتاء، أو ربما كانت جافة جداً في موسم الجفاف.

والرعاة من كل الأنواع على اطلاع جيد على ما يحدث وخاصة ما يتعلق بهطول المطر في منطقة واسعة جداً –لأنهم يجب أن يعلموا ذلك- والزراعة التي يغذيها المطر صعبة في الصحارى مع إستثناءين: الأول هو الزراعة بماء المطر الجاري الذي يتجمع في جوانب الوادي الى القاع بُغية ري المحاصيل.

وقد تزدهر أحوال هؤلاء الناس في الحقيقة خلال القحط الذي يُعرّي الصخور في تلالهم، لأن مياه الأمطار ربما تغذي المنحدرات بدون عوائق. والمجموعة الاخرى من مزارعي الأرض التي يغذيها المطر تستفيد فقط من السنين الرطبة لزراعة محاصيلها.

وفي وسط السودان يستخدم أمثال هؤلاء الناس التربة الرملية الخفيفة التي يتخللها الماء، ولكنه لا يتبخر بسهولة. وهم يحصدون المحاصيل السنوية مرة واحدة كل ثلاثة أعوام أو أربعة أعوام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى