البيئة

القواعد التشريعية الإسلامية لحماية البيئة والمحافظة عليها

2007 في الثقافة والتنوير البيئي

الدكتور ضياءالدين محمد مطاوع

KFAS

القواعد التشريعية الإسلامية لحماية البيئة والمحافظة عليها البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

1- حماية البيئة ومواردها والمحافظة عليها وتنميتها واجب ديني شخصي يلتزم به كل فرد بموجب مسئوليته تجاه ربه عن رعاية نفسه ومجتمعه، كما أنها واجب عام يقوم به ولاة الامور والمؤسسات الإدارية والمحليات بمقتضى المسئولية العامة المناطة بهم.

 

2- التوعية الدينية الإسلامية في هذا المجال أمر ضروري ليكون كل فرد عامل حماية وتنمية للموارد الطبيعية والبيئية.  فقد جاء في الأثر : "الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله" والله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ (الأعراف: 56)

ويقول عز وجل ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ (البقرة: 205).  باعتبار أن الضرر والإفساد للبيئة الطبيعية ومواردها نوع من الفساد المنهي عنه في الإسلام، بل نوع من السفه المذموم الذي يجب على المسلم اجتنابه، ويجب على ولي الأمر منعه وبخاصة إذا ترتب عليه ضرر عام والأثر يقول: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".

 

3- التوعية الدينية الإسلامية تشمل دعوة الأفراد بكل الوسائل وعلى جميع المستويات إلى الالتزام بالآداب الإسلامية في التعامل مع الطبيعة والبيئة ومواردها استهلاكا واستثمارا وانتفاعا وتنمية ويكون ذلك بتذكيرهم بواجباتهم الدينية التالية:

– عدم التبذير والإسراف في الاستهلاك.

– عدم تعطيل الموارد وإتلافها بدون وجه مشروع.

– عدم الإضرار بابيئة الطبيعية أو إفسادها وتلويثها وتشويهها.

– تعمير الأرض وتنمية عناصرها ومظاهرها عن طريق الإسهام في تحسين الموارد الطبعية والكائنات الحية بجميع أنواعها وحمايتها والمحافظة عليها وزراعة الأرض وإصلاح التربة والحفاظ على سلامة ونظافة الهواء والماء.

 

4- ملكية العناصر البيئية حق مشترك بين أفراد الجماعة المسلمة فمن حق كل فرد أن يتمتع منها بقدر حاجته دون أن يعطل أو يبطل حق انتفاع الآخرين، وتقدر الحاجة هنا بقدرها كما وكيفا.

 

5- يعد تدخل ولاة الأمور لتحقيق المصالح العامة ودرء المفاسد العامة أمر مقرر في الشريعة الإسلامية، بل هوواجبهم الأصلي، وحدود هذا التدخل منوطة بالمقاصد العامة للتشريع الإسلامي وبالمصالح الحقيقية المشروعة المنوط بهم تحقيقهان فالقاعدة الفقهية تقول: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة". 

ولا شك أن تصرف الحاكم على الرعية يفقد مشروعيته إذا كان تصرفا قائما على الهوى أو التحكم المحض البعيد عن تحقيق المصالح وتدخل الدولة المشروع هو تدخلها لترجيح المصالح العامة الحيوية والواقعية وحمايتها ضمن إطار التفاعل بين المصالح المتعارضة.

 

6- تقدم مصلحة الأمة والجماعة على مصلحة الأفراد عند تعارضها فالضرر الخاص يتحمل لمنع الضرر العام، وتفويت المصلحة الخاصة من اجل تحقيق المصلحة العامة وحمايتها من باب ارتكاب أهون الشرين ومن باب الضرر الأشد بالضرر الأضعف والقاعدة الفقهية تقول: "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما".

 

7- تتدرج أهمية المصالح، فهناك مصالح ضرورية ومصالح حاجية ومصالح تحسينية، وترجيح المصالح الضرورية على المصالح الحاجية أو التحسينية عند تعارضها أولى، وأوجب كذلك ترجيح المصالح الحاجية على المصالح التحسينية.

8- تتباين المصالح في درجات التحقيق والثبوت، فهناك مصالح حقيقية واقعية، وهناك مصالح متوقعة ومحتملة، ولا شك أن المصالح الحقيقية أو الواقعية تقدم في رعايتها على المصالح المتوقعة أو المحتملة.

 

9- بعض التصرفات تحقق بعض المصالح ولكنها تجلب مفاسد أشد أو مفاسد مماثلة والقاعدة في ذلك تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" لأن أول درجات جلب المصالح هو درء المفاسد.

10- إن واجب ولي الأمر ومعاونيه من السلطات الإدارية أو المحلية أو القضائية ان يسهر على تحقيق مصالح الأفراد والمجتمع ككل ومن جملتها حماية البيئة ومواردها والحافظة عليها وتنميتها.  وهذا يشمل المرحلتين: مرحلة الوقاية من الضرر، مرحلة علاج الضرر.

 

11- للدولة الحق في اتخاذ جميع التدابير والإجراءات المتعلقة بمنع الضرر أو تقليله قبل حدوثه بناء على قاعدة منع الضرر التي تقول: "لا ضرر ولا ضرار" او قاعدة: "سد الذرائع المؤدية إلى الفساد".  فللدولة الحق في منع الناس من التصرف المؤدي إلى الضرر أو الفساد سواء كان هذا التصرف تصرفا وقتيا أو تصرفا إنشائيا مستمرا. 

فلا يجوز لأحد أن يفسد على الجماعة حق الانتفاع بعنصر من عناصر البيئة الأساسية، كمن يفسد الهواء بالدخان المتصاعد من المصانع او يفسد الماء بإلقاء مواد سامة فيه لجعله غير صالح للاستعمال. 

 

وللدولة الحق في تحديد نطاق التصرف ومكانه وزمانه ونوعيته بما يؤدي إلى منع الضرر أو تقليله أو حصره في مكان معين أو زمن مخصوص. 

وللدولة الحق في فرض تدابير معينة أو ملحقات فنية معينة لمنع حدوث الضرر أو التقليل منه او حصره في أضيق نطاق وبأقل تأثير ويتولى تحديد ذلك اصحاب الخبرة والاختصاص في كل ميدان.

 

12- للدولة الحق في اتخاذ جميع التدابير والإجراءات المتعلقة بإزالة الضرر الحادث ومعالجة آثاره والتعويض عنه بناء على قاعدة: "أن الضرر يزال وأن الضرر لا يزال بمثله" وقاعدة "إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل طوقاعدة" الإضرار لا يبطل حق الغير " 

فللدولة مثلا الحق في إلزام الأفراد والمنشآت والشركات بإزالة الأضرار الناشئة من استعمالاتهم ومشروعاتهم التي تحتاج إليها الجماعة والتي يترتب على وجودها بعض الأضرار بالبيئة وعناصرها، لأن الضرر يزال والضرر يدفع قدر الإمكان. 

 

وللدولة الحق في إيقاف بعض المشروعات إذا ترتب على وجودها ضرر حقيقي بالبيئة يفوق النقع المتوقع منها لان درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وإذا كانت الجماعة تحتاج إلى العمل الذي يترتب عليه ضرر وكانت المصلحة مصلحةحاجية فإنها تنزل منزلة الضرورة في إباحة المحظور، وعلى أن يدفع الضرر بقدر الإمكان وان تقدر الضرورة بقدرهان فإذا زالت الحاجة إلى هذا العمل الضار فيجب على ولي الأمر أن يوقفه لأن "ما جاز لعذر بطل لزواله". 

وللدولة الحق في إلزام الأفراد والمؤسسات والشركات بتكاليف إزالة الأضرار الناجمة عن الاستعمالات غير المشروعة التي خولفت فيها شروط الترخيص والإذن والتعاقد لأن القاعدة الفقهية تقول: "المباشر ضامن وإن لم يتعمد".

 

13- للدولة الحق في تعذير الأفراد وأصحاب المؤسسات والقائمين عليها إذا خالفوا شروط الإذن والتعاقد بتقصير متعمد أو إهمال واضح أو خالفوا التعليمات العامة التي تضعها الدولة للمحافظة على البيئة الطبيعية وعناصرها ومواردها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى