الطب

التوقعات حول مشهد الصحة خلال الـ15 سنة القادمة وتأثير ذلك على برامج الاستئصال

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

في البدء، تحتاج برامج استئصال الأمراض إلى تحديد أهداف قصيرة ومتوسطة، وبعيدة المدى وكيف هذه الأهداف تتصل وتتفاعل مع المنظومة الصحية القائمة.

ويجب أن تقيّم احتمالات التعاون الدؤوب للمنظومة بين دولة وأخرى بحيث يمكن انضمام جهود الاستئصال بشكل فعال إلى النظم الحكومية القائمة وطرقها.

ويعتبر "تبني الدولة" Country Ownership من الأمور الحاسمة في نجاح أي برنامج استئصال. فيجب تقوية البلدان السائرة في طريق التطور ودعمها لتعمل على التبني وتقود عمليات التصميم وتنفيذ برنامج الاستئصال. والإجماع على المستوى العالمي ضروري، ولكن الدول يجب أن يكون لها صوت في تركيب مبادرات الاستئصال ضمن نطاقاتها الوطنية.

كما يجب تفهّم التوقعات العالمية التي تلازم قرار مجموعة الصحة العالمية (WHA)World Health Assembly من قبل الدول، خاصة حاجتها لتقوية النظم الصحية لتحقيق الأهداف التي يتضمنها برنامج الاستئصال.

ويجب استكشاف الفرص لحشر التدخلات، والإعلام عن الآليات المطورة التي تستمد من آليات الإعلام داخل البلدان.  ويُحتاج إلى المقايسات الموضوعية التي تترافق مع التقييمات الصريحة لتأثيرات النظم الصحية. ويجب أن تخضع جميع البرامج روتينياً إلى تقييم مستقل واتخاذ إجراءات تصحيحية حين الضرورة.

 

كيف سيبدو مشهد الصحة والتطور في الـ 15 سنة القادمة، وكيف سيؤثر ذلك على برامج استئصال الأمراض في المستقبل؟

منذ انطلاق برنامجي الاستئصال لدودة غيني وشلل الأطفال في 1980 و 1988، على التوالي، تغير مشهد الصحة والتطوير بشكل دراماتيكي. فتحولت هندسة المعونة الصحية العالمية إلى واقع معقد ينطوي على جهود العديد من المتبرعين ومختلف المشاركين في أعداد متزايدة من المبادرات الصحية.

إذ تواجه البلدان ذات المداخيل الزهيدة العديد من التحديات: فيتعقد العبء المضاعف من الأجندة التي لم تستكمل لإحراز مستويات عالية في مكافحة الأمراض المعدية التي يمكن علاجها والخلاص منها، مع عبء الأمراض غير المعدية المتصاعد.

وغالباً ما تكون قدرة المؤسسات متدنية والمصادر المالية محدودة. ففي البلدان المدقعة، لا تستطيع نظمها الصحية أن تؤمن حتى أبسط الخدمات الأساسية لسكانها. كما أن الإشراف والتفاعل مع عدد كبير من المشاركين والمبادرات – وبعضها يعمل من خلال نظم موازية التي قد لا تكون متحالفة من خطة الدولة القومية في الصحة، ولا تظهر في ميزانيتها الوطنية – تشكل تحدياً هائلاً للبلدان ذات الدخل الزهيد (Schieber et al. 2006; Piva and Dodd 2009).

نتوقع أن يستمر وضع الصحة العالمية في التطور في المستقبل المنظور، بحيث تنشط مبادرات استئصال أمراض جديدة في بيئة مختلفة جداً عما يتواجد حالياً. وسوف يتوقف نجاح برامج الاستئصال في المستقبل على كيفية التنظيم، والتمويل، والإدارة والمساءلة في بلدان المداخيل الزهيدة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ننتبه للتحديات التي تواجهها الحكومات في تعاملها مع التطورات التي تزداد تعقيداً في هندسة المعونات ونماذج إيصالها المتعددة. وقد تطغى كثرة نظم التمويل والتوصيل بسهولة على الإمكانيات الضعيفة أصلاً في بعض البلدان (Hecht and Shah 2006).

 

تستمر المجادلات الطويلة القائمة حول مزايا المقاربات الصحية الهادفة (العمودية) والتي تتبع النظم الصحية (الأفقية)، أو المشتركة (القطرية المائلة) التي تقرّب التعاون بين الاثنتين من الكمال. فالتعايش بين برامج استئصال الأمراض في المستقبل وجهود تقوية النظم الصحية سيحتاج إلى التأكيد على تنفيذ أكثر الاستراتيجيات فعالية لتقديم أقصى درجات المكاسب الصحية، سواء في تحقيق أهداف الاستئصال أو تقديم سلة خدمات أساسية تلبي حاجات السكان الصحية (Mills 2005; Gyapong et al. 2010; Kabatereine et al. 2010).

وقد بحثنا في مناقشاتنا عدداً من السيناريوهات الممكنة، القائمة على سرعة خطوات التغيير منذ قرار مجموعة الصحة العالمية حول شلل الأطفال الصادر في 1988. وبشكل عام توصلنا إلى خلاصات استناداً إلى سيناريوهين محتملين.

السيناريو الأكثر تفاؤلاً هو أن الاقتصاد العالمي المتنامي سوف يوجد فرصاً تمكن من استئصال الأمراض في المستقبل، وتخضع لحالات استثمار ضخمة. وسوف يكون هناك ازدياد في المصادر المالية العالمية لتطوير النظم الصحية، بالتحالف التام مع المصالح الصحية الوطنية والدولية، من خلال تحسين التعاون والقيادة الوطنية.

وبموجب هذا السيناريو فسوف تستمر وفيات الأطفال في الانخفاض، ولن تظهر أية جائحات وبائية. ومع تحسن صحة السكان، فإن المواطنين في العالم لن يغضوا الطرف عن استمرار الأمراض المعدية، وسوف يطالبون باستئصال أمراض معينة وسوف يُستأصل شلل الأطفال ودودة غيني؛ على كل حال، سوف يبقى شلل الأطفال يحتاج إلى أكلاف دائمة في كثير من البلدان بسبب الدواعي الأمنية الوطنية.

السيناريو الأكثر تشاؤماً هو أنه سيكون هناك مزيد من الانقسام في هندسة المعونات الصحية، العالمية، ونقص المعونة الصحية، ونقص كثير من مساعدات التنمية. وسوف تتجاوز العديد من المبادرات الصحية ذات المقاصد الطيبة، ولكنها غير متناسقة، إمكانيات الدول، وتعمل خارج خطة البلاد الصحية وميزانيتها، وتستجر أكلاف صفقات باهظة.

وسوف تجعل أدنى النظم الصحية، أو الغائبة، في البلدان الأكثر عسراً، المتبرعين يتحاشون مجادلة النظم الحكومية، فيحدثون نظماً موازية، وإن كانت غير مستديمة لإيصال خدماتهم. وسوف تزداد ميزانيات الحكومات الصحية ببطء، ولكنها لن تبقى على قدم المساواة مع أعباء المرض المتصاعدة، بسبب الأمراض المعدية وغير المعدية.

 

وسوف تزداد المنافسة للحصول على المساعدات للتطوير الصحي من قبل المبادرات الهادفة الجديدة والقديمة. وسوف ينخفض الدعم على مكافحة الأمراض المعدية وإكساب المناعة أو الأمراض الاستوائية المهملة (NTDs) بسبب الطلبات المتزايدة التي تتعلق بالأمراض غير المعدية، والسرطان، والتأثيرات على الصحة بسبب توسع التمدن والتحضر، وسوف تزيد الأجندات الجديدة وغير الثابتة التي تتعلق بالتغيرات المناخية من التضييق على النواحي المالية في التطوير الصحي.

وسوف يتفاقم التوتر بين الأولويات الوطنية والأولويات التي يرتئيها العالم، مما يؤدي ببعض الدول إلى رفض برامج استئصال الأمراض.

وفي كلا السيناريوهين، يجب على مبادرات استئصال الأمراض في المستقبل أن تقدم حالة استثمار نشطة أو خطة عمل اقتصادي لتتصدى، على الأقل، للأمور التالية: الأكلاف المقدرة للبرنامج كاملة، أطر زمنية واقعية؛ تأثيرات محتملة على المنظومة الصحية؛ الايجابية والسلبية أو كليهما (خاصة التأثيرات على المصادر البشرية، والمالية، وإيصال الخدمات)؛ وأفكار واضحة حول كيفية زيادة أو خفض هذه التأثيرات.

وسوف يُحتاج إلى برامج استئصال الأمراض أيضاً للإكثار من فرص تقديم جملة برامج استئصال وبشكل متكامل، تتصل مع برامج أفضليات ومبادرات نظم صحية أخرى. وسوف تحتاج إلى تحديد معايير نجاحها في مراحل مختلفة من مسار الاستئصال وكذلك معايير التخلي عن هدف الاستئصال. ونتوقع أن تستحوذ تقوية النظم الصحية على أعظم الاهتمام.

ومن الأمور الإلزامية لصياغة الأجندة هي استمرار المناقشات بين الاتحاد الدولي للقاحات وإكساب المناعات والبنك الدولي، والشراكة الصحية الدولية زائد (IHP +)، ومبادرة الولايات المتحدة الصحية الدولية، مع زيادة التركيز على التمويل المعتمد على النتائج.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى