علم الفلك

نبذة تعريفية عن مفهوم “المبدأ الكوني”

1996 نحن والكون

عبد الوهاب سليمان الشراد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

المبدأ الكوني علم الفلك

منذ فجر التاريخ ظهر العديد من الفلاسفة والمفكرين الذين تطلعوا إلى وضع تصور لنشوء الكون وتطور الخليقة ، وظل هذا الموضوع مجالا للفلاسفة بعيدا عن العلم حتى مطلع القرن العشرين حين بدأت تتوافر للعلماء أسس سليمة للبحث في خلفيات الخليقة وتطور الكون، وكان ذلك بداية ما يعرف حاليا بعلم الكونيات Cosmology أو علم نشوء الكون وتطوره .

وقد ارتكز العلم في بروزه على نظريات انشتاين في النسبة العامة  General Rel –ativity  وقانون هبل في التوسع العام للكون .

ولقد ثبت منذ عهد اسحاق نيوتن l. Newton    (1642- 1727) وصار بديهيا أن الكون لا نهائي infinite  ، وقامت هذه الدلالات أحيانا على اعتبارات نظرية وأحيانا على أسس رياضية .

 

ولقد أظهرت الأرصاد الحديثة حقيقة عدم وجود حدود للكون ، وسوف نتناول فيما بعد مفهومنا لتلك الحالة المثيرة.

فما هو المقصود بأن الكون لا نهائي ؟ إن ذلك يدل على أنه ليس هناك أطراف أو حافات للكون ، أي إنه توجد حدود لنهاية حجمه ، أو أن الفضاء يمتد إلى ما لا نهاية .

وعلى ذلك ومن الطبيعي أن نشير إلى عدم وجود مركز للكون ، فإذا كان يمتد إلى ما لا نهاية بجميع الاتجاهات فلن يتواجد إذن موقع أو نقطة يطلق عليها (( المركز )) .Centre

 

ولعل الأبحاث العلمية الحديثة قد أظهرت أنه لا يوجد شيء خاص . يميز موقعنا الزماني والمكاني في الكون ، فنحن ندور حول نجم عادي يقبع في مجرة عادية. 

وتشكل هذه المجرة واحدة من بلايين المجرات المنتشرة في أنحاء الكون ، ولا يعد ذلك افتراضا أو فكرة مجردة بل إن الحقائق الرصدية تتفق جميعا مع هذه الحقيقة ، ومما لا شك فيه أن التفاصيل التي نرصدها في السماء تختلف من مكان لآخر في الكون. 

ولكن في المقاييس الكبيرة حيث تكون القياسات بملايين السنوات الضوئية.

 

فالكون يمتاز بكونه متجانسا Homegeneous أي متشابها عند النظر إليه من عدة نقاط في نفس الزمن ، ومتماثل الخواص Isotropic مع الاتجاه ، أي متساو في جميع الاتجاهات عند النظر إليه من نقطة واحدة ، وتلك الحقائق ثابتة ، ويطلق عليها المبدأ الكونيcasmmological  principle  .

وذلك يدل على أن الخصائص الكونية الخاضعة للمقاييس الكبيرة هي ذاتها في كل مكان ، ورغم وجود تغيرات موضعية ، فإن جميع الكائنات الحية الموجودة على جميع الكواكب  يرون الخصائص العامة ذاتها الشاملة للمقاييس الكونية ، فكل كائن على كوكب يرى مجرات وعناقيد مجرية محددة – كما نراها على كوكبنا – منتشرة في أعماق السماء الرحبة .

ويمكن القول من خلال ما سبق أنه اذا كان الكون لا نهائيا ، وإذا كانت الخصائص العامة له متماثلة في كل مكان ، فإنه يتحتم أن يكون عدد النجوم والمجرات في الكون لا نهائيا .

 

وهذه الحالة وإن كانت تبدو ظاهريا قليلة الأهمية إلا أن لها أهمية كونية عالية ، فإذا كان هناك عدد لا نهائي من النجوم والمجرات في كوننا اللا منتهي ، فبذلك سوف نرى نجما غير محجوب في كل اتجاه يقع بصرنا عليه ، وحينما نوجه المنظار الفلكي فإن خط بصرنا لا بد أن يقع على سطح نجم ما.

ولكن إذا كان الوضع كذلك فلماذا تبدو سماء الليل مظلمة ؟ فلو كان الوضع كما يفترض فعلا فيجب أن تغطي النجوم السماء برمتها ، وتحيل ليلها نهارا ، لأننا حيثما توجهنا ببصرنا إلى أعلى سوف نرى سطحا متوهجا منيراً لأحد النجوم المنتشرة في القبة السماوية .

 

وبالطبع فإن الأجرام والأجسام القريبة منا كالأشجار وسحب الغاز والغبار في درب التبانة سوف تحجب ما يقع خلفها من الرؤية .

ولكن كمعدل ، وبشكل عام ، فإن جميع المناطق المنتشرة الجلية غير المحجوبة في السماء يجب أن تكون لامعة مثل سطح الشمس ، وبذلك نجد أن السؤال يطرح نفسه مرة أخرى ، وذلك كيف تكون السماء مظلمة في الليل ؟

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى