الطب

العلاقة بين الألم والسكري

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

يعتبر السكري الذي يبدأ لدى اليافعين والسكري الذي يبدأ لدى البالغين من أكثر أنماط السكري شيوعاً، إذ يشخص منهما ما يقرب من 800 ألف حالة كل عام، وقد يؤدي هذان النمطان من السكري إلى تدمير أعضاء الجسم الحيوية، مثل القلب والكليتين والأمعاء

كما يؤديان إلى اضطراب الهضم وإلى أمراض القلب وإلى التدمير البطيء للجملة العصبية، وما التدمير التراكمي لأجهزة الجسم إلا نتيجة لأكثر الأعراض العصبية شيوعاً لدى السكريين، وهو اعتلال الأعصاب السكري المنشأ.

وفي الحالات النموذجية يحرم اعتلال الأعصاب السكري المنشأ المصاب به من المشي دون معاناة من الالم، حتى أن بعض السكريين الذين يقاسون آلام اعتلال الأعصاب السكري المنشأ وصفوه بأنه يجعل أقدامهم مغموسة في النار

فهي ذات حساسية بالغة تجعلهم يكابدون الإزعاج من لبس الجوارب (الشرابات)، وقد لا يكون بإمكانهم تفادي الألم إلا بالامتناع عن المشي، ولا ريب أن العواقب النفسية لمثل هذه الأحساسات ستكون وخيمة الوطأة، وهكذا يؤدي الألم المقعد وما يرافقه من الشعور بالعجز إلى شعور السكريين بالضياع وعدم القدرة على التلاؤم.

ولعل في هذا ما يدفعنا إلى التفكير ملياً في طبيعة الألم التي يختلف التعبير عنها بين شخص وآخر، وعلاقة ذلك كله بالحالة المزاجية للسكري، فهل ستؤدي الابتسامة التي ترسمها على شفتيك والمظهر اللائق الذي تبدو عليه إلى زوال الألم؟

 

ولقد حاول الباحثون منذ أمد بعيد ابتكار مقياس صحيح للألم، ومن هذه المحاولات نذكر نموذج بينيت الذي ابتكره الدكتور غراي بينيت في قسم طب الأعصاب في جامعة أليجيندي، وهو مقياس يستهدف مساعدة الأطباء على التعرف على الاضطرابات المسببة للألم، مثل اعتلال الأعصاب السكري المنشأ، كما يساعد على تطوير المعالجات الملائمة.

ويستدعي إعداد مثل هذا المقياس العثور على وسائل موضوعية (لا تختلف نتائجها بين شخص وآخر) لقياس الألم وتطبيقها، فعلى سبيل المثال يمكن ربط العصب الوركي بغرزات جراحية أن يؤدي إلى شكل من أشكال الألم الذي يسببه اعتلال الأعصاب السكري المنشأ، أما شعرة فون فراي فهي أداة يعود استخدامها إلى القرن التاسع عشر، ولا يزال استخدامها شائعاً حتى الآن، وهي تتألف من حزمة من خيوط النايلون ذات ثخانة محددة يضغط بها الطبيب على جلد مريضه حتى تنحني حزمة الخيوط، ويتم بها قياس العلاقة المباشرة بين الألم وبين تطبيق القوة، ومن الطرق الأخرى لقياس الألم اختبار الإحساس بالحرارة، ويتم من خلالها استخدام كل من الحرارة والبرودة لقياس الإحساس بالألم

وهكذا فإن وضع أداة معدنية، مثل قرص بلتييه لاختبار الألم على الإصبع ثم تسخينه لدرجة حرارة محددة وإعادة وضعه ثانية على الإصبع يسمح للباحثين بالتعرف وبدقة على النقطة التي تثير لديهم الاستجابة للالم وسحب أيديهم.

ويمكن أن ينتج الالم الذي يسببه اعتلال الأعصاب السكري المنشأ عن تلف يلحق أي جزء من أجزاء الجملة العصبية المركزية، ويتطلب كشف ذلك التلف وقياس مداه أن يتبع الأطباء طرقاً متعددة، ومن المعروف أن الجملة العصبية المستقلة تنظم ضغط الدم وضربات القلب، وهي تغير من حرارة الجلد من خلال تقبيض الأوعية الدموية

 

وقد طبق الأطباء هذه المعارف باستخدام المسح بالأمواج فوق الصوت التي تقيس حرارة الجلد لأنها مؤشر على تدفق الدم في الأوعية، ويمكن باستخدام الأمواج فوق الصوت إجراء مسح شامل لجلد الساقين لتكوين لوحة ملونة تشير ألوانها إلى درجات تدفق الدم

إذ يشير اللون الأحمر إلى زيادة التدفق بينما يشير اللون الأزرق إلى نقص التدفق، ويمكن الاستفادة من المسح بالأمواج فوق الصوت للتعرف على تأثير التغييرات البيئية على تدفق الدم، فعلى سبيل المثال فإنك إذا أبدى المسح أن لديكتفاعلاً مفاجئاً عند سماع ضجة أو عند حبسك للنفس فإن ذلك يدل على أن الجملة العصبية المستقلة تعاني من الصعوبات أثناء أدائها لوظائفها.

ولقد كان الأطباء في الماضي ينظرون إلى الألم على أنه عرض شامل وكانوا يفتقدون لرؤية طبيعته التي تختلف من شخص لآخر، أما في الوقت الحاضر، فقد أقر الأطباء بأن الألم ليس مجرد عرض وحيد، ولكنه فئة من الأعراض ينضوي تحتها أعراض متنوعة

وهناك الكثير من الأنواع المختلفة والمتمايزة عن بعضها البعض والواسعة التنوع من الألم، ولا ريب أن فهم هذه الحقيقة له أهمية كبيرة في تشخيص السكري وفي التدبير العلاجي الشمولي له.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى