الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن إقليم سَيْبِيرْيَا

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

إقليم سَيْبِيرْيَا الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

سَيْبِيرْيَا إقليمٌ واسعُ المساحَةِ، يشغلُ الثُّلُثَ الشَّمالِيَّ من قارَّةِ آسْيا. وهو يمتدُّ بينَ جبالِ الأُورالِ في الغربِ، والمحيطِ الهادِي في الشَّرقِ، ومن المحيطِ المُتَجمِّدِ شمالاً حتَّى مرتفعاتِ وَسَطِ كازاخِسْتانَ وحدودِ روسْيا مع منغولْيا والصِّينِ جنوبًا.

وتبلغُ مساحَةُ سيبيرْيا حوالَيْ 13 مليونَ كيلومترٍ مربَّعٍ، أيْ ما يعادِلُ مساحَةَ الوَطَنِ العَرَبِيِّ كلِّهِ، أو عُشْرِ مساحَةِ العالَمِ.

والجزءُ الغربِيُّ من سَيْبِيرْيَا، بجوارِ جبالِ الأورالِ وحتَّى نهرِ يانْسي، يَتَميَّزُ باسْتواءِ سَطْحِه وانْخفاضِ أَراضيهِ وكَثْرَةِ مُسْتَنْقَعَاتِهِ، ويسمَّى سَهْلَ سيبيرْيا الغَرْبِيَّ.

 

والجزءُ الأوْسَطُ، المحصورُ بينَ نهرَيْ يانْسي ولينا، يرتفعُ سطحُهُ إلى نحو 500 مترٍ فوقَ سَطْحِ البحرِ، مكوِّنًا هَضَبَةَ سيبيرْيا الوُسْطَى.

أما الجزءُ الشرقيُّ الّذي يقعُ شرقَ نهرِ لينا، فهو إقليمٌ جَبلِيٌّ وَعْرٌ، يتكوَّنُ من عددٍ من السّلاسِلِ الجبلِيَّةِ الّتي ترتفعُ إلى 1000 مترٍ وأكثرَ؛ أهمُّها فرخويانسكو وكوليمسكى في الشَّمالِ، ويابلونوفوي وستانوفوي في الجنوبِ.

ويتبعُ هذا الإقليمَ شبهُ جزيرَةِ كمتشتكا وبعضُ الجُزُرِ المنتشرَةِ في المحيطِ الهادي، ومنها مجموعةُ جُزُرِ الكوريل الّتي اسْتَوْلَتْ عليها روسْيا من اليابانِ في الحَرْبِ العالمِيَّةِ الثّانِيَةِ، وكذلك جزيرةُ سَخالين.

 

وبِسبَبِ الامْتِدادِ العظيمِ لسيبيرْيا نَجِدُ أنّ الحياةَ فيها تَخْتَلِفُ من مكانٍ إلى آخرَ. في أقْصَى الشّمالِ لا نجدُ سِوَى مساحاتٍ مُتَّصِلَةٍ من الأراضي المُغَطَّاةِ بالجليدِ طَوالَ العامِ.

فالشتاءُ هناكَ طويلٌ وقارِسُ البُرُودَةِ والصيفُ دافئٌ ولكنَّه قصيرٌ، كما أنّ الأمطارَ قليلةٌ. مثل هذِهِ الظروفِ لا تَسْمَحُ للأشجارِ بالنُّمُوِّ، ولكنْ تظهرُ بعضُ الأعشابِ والطَّحالِبِ في فَصْلِ الصَّيفِ.

ويُطْلَقُ على هذا الإقليمِ اسْم «التَّنْدْرا»، وهي كلمةُ روسِيَّةٌ تَعْني الصَّحراءَ الجلِيدِيَّةَ.

 

وإذا تَرَكْنا هذا الإقليمَ واتَّجَهْنا جنوبًا فسنجدُ تَحسُّنًا في الظروفِ المُناخِيَّةِ وزيادةً في الأمطارِ. ففصلُ الشِّتاءِ يَقِلُّ طولُة وتعتدلُ حرارَتُهُ، وفصلُ الصّيفِ يزدادُ طولاً وحرارةً، وهذا يُعْطِي فرصةً لذَوَبَانِ الجليدِ، وبالتّالي تَنْمو الأشجارُ الّتي تكونُ قصيرةً ومُتقاعِدَةً، ثم يزدادُ طولُها وعددُها كُلَّما ابْتَعَدْنا عن إقليمِ التَّنْدْرا.

وإذا واصَلْنا السَّيْرَ ناحِيَةَ الجنوبِ، سنجدُ أنفسَنا وَسَطَ غاباتٍ من الأشجارِ الضَّخمَةِ المَخْروطِيَّةِ الشَّكْلِ تُسَمَّى الغاباتِ الصَّنَوْبَرِيَّةَ أو المَخْروطِيَّةَ.

ويأتي بعدَها غاباتٌ أخرَى ذاتُ أوراقٍ عريضةٍ تُسَمَّى الغاباتِ النَّفْضِيَّةَ، وسُمِّيَتْ كذلِكَ لأنها تَنْفُضُ أو تَتَخَلَّصُ من أنفسَنا وَسَطَ غاباتٍ من الأشجارِ الضَّخْمَةِ المَخْروطِيَّةِ الشَّكْلِ تُسَمَّى الغاباتِ الصَّنَوْبَرِيَّةَ أو المَخْروطِيَّةَ.

 

ويأتي بعدَها غاباتٌ أخرَى ذاتُ أوراقٍ عريضةٍ تُسَمَّى الغاباتِ النَّفْضِيَّةَ، وسُمِّيَتْ كذلِكَ لأنها تَنْفُضُ أو تتَخَلَّصُ من أوراقِها في فَصْلِ الخَرِيفِ ثم تعودُ إلى تكوينِ أوراقٍ جديدةٍ في فصلِ الرَّبيعِ.

وقُرْبَ نِهايَةِ الغاباتِ من ناحِيَةِ الجنوبِ تنخفِضُ كَمِّيَّاتُ الأمطارِ شيئًا فشيئًا، ويَقِلُّ عَدَدُ الأشجار، ويَصْغُرُ حجمُها تدريجِيًّا حتَّى تختَفِيَ تمامًا ويَحُلُّ مَحَلُّها السُّهوبُ (حَشَائِشُ قصيرةٌ) وبعدَها تَظهرُ مُقَدِّماتُ الصَّحارِي عندَ الأطرافِ الجنوبِيَّةِ لسيبيرْيا الّتي يُصبِحُ المُناخُ فيها قَارِّيًّا جافًّا ذا صيفٍ حارِّ وشتاءٍ باردٍ.

وهناكَ آلافُ الأنهارِ في سيبيرْيا، ولكنَّ أكثرَها أنهارٌ صغيرةٌ تتجمَّدُ مياهُها أكثَرَ من تسعةِ شهورٍ في السَّنَةِ، ولهذا فاستخدامُها في الرَّيِّ وفي المِلاحَةِ محدودٌ، ولكنَّها استُغِلَّتْ في توليدِ طَاقَةٍ كَهْرَبائِيَّةٍ هائِلَةٍ.

 

وأكبرُ هذه الأنهارِ أوب ويانْسي ولينا الّتي تجري ناحِيَةَ الشَّمالِ، وتَصُبُّ في المحيطِ المُتَجَمِّدِ، ونَهْرُ آمور الذي يقعُ في جنوبِ شرقِ سيبيريا ويمثِّلُ جزءًا من الحدودِ بين الصِّين وروسْيا وهو يَسيرُ إلى ناحِيَةِ الشَّرْقِ حيثُ يَصُبُّ في بَحْرِ أوختسِك المُتَّصِل بالمحيطِ الهادِي.

والسُّكّانُ الأصلِيُّون لسيبيرْيا من قبائِلِ التَّتَارِ، ولكنْ في عامِ 1581 جاءَ الرُّوس من جِهَةِ الغربِ وعَبَرُوا جبالَ الأورالِ وهَزَموا التَّتارَ، واحْتَلُّوا جزءًا من أراضيهِمْ طَمَعًا في الحُصولِ على الفِراءِ الثَّمينِ لحيواناتِ سَيْبِيرْيا.

ثم اكتملَ احتلالُ الرُّوسِ لكلِّ سيبيرْيا، وضَمُّها رسمِيًّا إلى مِلْكِيَّتِهِم في عامِ 1860. واستُعْمِلَتْ سيبيرْيا في البِدايَةِ مَنْفىً للمُجرمينَ والسُّجَناءِ السياسيِّينَ يديرُه حُكَّامٌ عسكريُّونَ.

 

وظَلَّتْ المُسْتَوْطَنَاتُ الرُّوسِيَّةُ غيرَ مُهِمَّةٍ وقليلةَ السّكّان بسبَبِ عُزْلَتِها وبُعْدِها عن قَلْبِ الدَّولَةِ فترةً طويلةً.

ولكنْ بعدَ إنشاءِ خَطِّ حديدِ سيبيرْيا في 1905 وتنفيذِ الخُطَّةِ الخَمْسِيَّةِ الأُولَى (1928 – 1932) نَشَطَتْ الحَرَكَةُ الاقْتصادِيَّةُ في جميعِ المجالاتِ، وازْدادَ التعميرُ وهاجَرَ إلى سيبيرْيا أعدادٌ كبيرةٌ من السُّكّانِ.

خاصَّةً بَعْدَ أنْ قامَتْ روسْيا في أثناءِ وبَعْدَ الحَرْبِ العالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ بِنَقْلِ كثيرٍ من المَصانِعِ إلى سيبيريا، وإقامَةِ مصانِعَ أخرَى جديدةٍ. فظهرَ العديدُ من المُدُنِ الكبيرَةِ، ومن أهمِّها أومسك ونوفوسيبيرسك وإيركوتسك وياكوتسك.

 

ويصلُ عددُ سكَّانِ سيبيرْيا حالِيًّا إلى أكثرَ من 50 مليونَ فردٍ أغلَبُهُم يشتغلونَ بزِراعَةِ الحبوبِ وخاصَّةً القمحَ في الغَرْبِ، والأُرزَ والذُّرَةَ وفولَ الصّويا في الجنوبِ الشَّرْقِيِّ، وبتربِيَةِ الماشِيَةِ في الجنوبِ وحيواناتِ الرَّنَّة في الشَّمالِ. 

كما يقومونَ بصيْدِ الحيواناتِ ذاتِ الفِراءِ الثَّمينِ وصَيْدِ الأسماكِ من المحيطِ الهادِي والأنهارِ. وكثيرٌ من السّكّانِ يعملونَ بِقَطْعِ أشْجارِ الغاباتِ واستخراجِ المعادِنِ المُتَوَفِّرَةِ بكثرةٍ في سيبيرْيا، مثل الحديد، والنُّحاسِ والنيكَلِ والذَّهَبِ والأَلْمَاسِ والفَحْمِ والبِتْرولِ والغازِ الطَّبِيعِيِّ، إلى جانِبِ الاشْتِغالِ بالصِّناعاتِ القائِمَةِ علَى هذهِ الموارِدِ الطبيعيَّةِ الوفيرَةِ في سيبيرْيا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى