البيولوجيا وعلوم الحياة

تأثير العقاقير على أداء الجهاز العصبي

2013 آلات الحياة

د.ديفيد س. جودسل

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العقاقير الجهاز العصبي تأثير العقاقير على أداء الجهاز العصبي البيولوجيا وعلوم الحياة

اعتمدت الممارسة الطبية منذ بداياتها الأولى على إستخدام مواد كيماوية معينة لإحداث تغيرات مستهدفة في آلاتنا الجزيئية.

فلقد تم استخدام لحاء شجرة الصفصاف والمواد الصمغية (راتنجات) من نبات الخشخاش لتخفيف الألم، وكذلك استخدام نبات «قفاز الثعلب» (Foxglove) بكميات صغيرة لعلاج أمراض القلب، كما استخدمت كافة صور النباتات والفطريات لعلاج الأمراض الحسية والعصبية.

وفي أغلب الحالات، فإن هذه النباتات تقوم بإنتاج مركبات كيماوية سامة لحماية أنفسها، ولو تناولنا كمية كبيرة جداً منها، فإن ذلك سوف يسبب مشاكل خطيرة. ولكن عند استخدام جرعات متحكم فيها بعناية من هذه المركبات الكيماوية، فإنها تكون فعالة كدواء.

 

ومع نمو معرفتنا بالكيمياء الحيوية لجسم الإنسان، اكتسبنا القدرة على تعديل هذه الجزيئات السامة الطبيعية وتصميمها لتتوافق بشكل يقترب جداً من احتياجاتنا.

فلدينا اليوم تنويعة واسعة من العقاقير الطبيعية والمصنعة وهي متاحة لنا لكي تقوم بتعديل لطيف في عمل آلاتنا الجزيئية، وإرشادها للأداء بطريقة أكثر صحية.

ولا يتم تصميم هذه العقاقير لكي تفسد إحدى الآلات الجزيئية، كما تفعل المضادات الحيوية، وإنما هدفها هو إبطاء عمل هذه الآلات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج بالأدوية يكون مؤقتاً في أغلب الأحوال.

 

وتقوم آلات إزالة السمية بأجسامنا، مثل سيتوكروم P450، بتدمير الأدوية خلال دورتها في الجسم وذلك في غضون ساعات قليلة، ولذلك فلابد من تناول جرعات يومية من الدواء للحصول على نتيجة علاجية مناسبة.

يعمل الكثير من هذه السموم الطبيعية والعقاقير العلاجية على الجهاز العصبي. وهذا أمر له معنى واضح، حيث أن الجهاز العصبي هو جهاز التحكم الرئيسي في أجسامنا، وإذا أردنا أن نحدث تعديلات، فإنه من الأفضل الذهاب إلى الأصل.

وتتميز النباتات والفطريات بشكل خاص في إنتاج سموم تهاجم الجهاز العصبي، حيث أنها نفسها لا تحتوي على أعصاب.

إن لديها حرية في تخليق وتخزين كميات كبيرة من هذه السموم دون أن يلحق بها أي تأثيرات مرضية، ولكن أي حيوان يتناولها سوف يصاب بالتسمم.

 

والنباتات والفطريات هي أيضاً مصدر للكثير من المركبات العلاجية. فهناك تقليد في التراث الشعبي يحذرنا بالابتعاد عن النباتات والفطريات المسممة، ولذللك فنحن نعلم أنه يجب تجنب تناول نبات «عنب الثعلب» (Nightshade) وفطر «الغاريقون» (Toadstools) المميتَين.

ولكن نفس التراث الشعبي يبين أن هذه السموم يمكن استخدامها بكميات صغيرة متحكم فيها بعناية لإحداث تغيرات مفيدة في أعصابنا بما يساعد على إزالة التوتر العصبي وتسكين الألم.

على سبيل المثال، فإن الكيوراي (Curare) والأتروبين (Atropine) والهيملوك (Hemlock) تقوم بإحداث شلل للعضلات من خلال إعاقتها لإنتقال الإشارات بين الأعصاب والعضلات.

 

هذه الإشارات يتم حملها بواسطة الاسيتيلكولين (Acetylcholine)، وهو جزيء صغير يتم إطلاقه بواسطة الخلايا العصبية واستشعاره بواسطة مستقبلات على سطح الخلية العضلية (أنظر شكل 10.6).

وتقوم هذه السموم بمنع ارتباط الاسيتيلكولين بالمستقل، وبالتالي فإن الخلية العضلية لا يمكنها أن تحصل على إشارة بأن تنقبض4، ولو سبق لك أن قمت بفحص عينيك لدى طبيب العيون.

فربما أنك قد تعرضت للتسمم بالأتروبين فقطرة صغيرة من هذا السم في كل عين تقوم بإحداث شلل مؤقت للعضلات التي تعمل على غلق القزحية (Iris)، مما يؤدي إلى اتساع الحدقة (Pupils) والسماح للطبيب برؤية ما بداخل العين.

 

ويعمل الاستريكينن (Strychnine) بطريقة معاكسة.

حيث أنه يقوم بإيقاف عمل المستقبلات المثبطة في شبكة الأعصاب والتي تعمل طبيعياً على تهدئة نشاط تعمل مخفضات النشاط (Depressants)  مثل الدايازيبام (Diazepam) (والذي يتم تسويقه تحت اسم فاليم  (Valium، والباربيتيورات (Barbiturates)، والكحول على المستقبلات المثبطة أيضاً ولكن بطريقة أكثر إفادة.

فبدلاً من إعاقة عملية التثبيط وإحداث استثارة غير متحكم فيها للأعصاب. 

 

فإنه من المعتقد أن مخفضات النشاط تقوم بتسهيل ارتباط «الناقلات العصبية» (Neurotransmitters)  بالمستقبلات المثبطة مما يزيد من تأثيرها ويبطىء من حدوث استثارة للأعصاب. ولمخفضات النشاط المختلفة تأثيرات تراكمية، حيث إن جميعها تعمل على نفس البروتين، وبالتالي فإن الكحول يقوم بتقوية تأثيرات الباربيتيورات.

ومع زيادة الجرعة فإن هذه التأثيرات تتزايد تدريجياً وذلك بوصول العقار إلى عدد أكبر وأكبر من الأعصاب، وتبدأ هذه التأثيرات بإزالة التوتر، ثم تؤدي إلى السكون والنوم، وقد يصل الأمر إلى الغيبوبة والموت مع الجرعات السامة.

 

تعمل العقاقير الأخرى على أنواع معينة من الأعصاب، بحيث يكون لها تأثيرات متخصصة على التفكير والإحساس.

فعلى سبيل المثال، فإن مسكنات الألم تقوم بإيقاف الإشارات الخاصة التي تحمل الإحساس بالألم وتنقله إلى الدماغ، ويقوم المورفين والأسبرين بغيقاف هذه الإشارات عند طرفي عملية الإحساس بالألم.

حيث يقوم الأسبرين بإيقاف الإشارات عند بدايتها. وعند حدوث تلف في خلايا الجلد والأنسجة، فإن هذه الخلايا تقوم بإطلاق جزيئات صغيرة تسمى البروستاجلاندين (Prostaglandins) تعمل على تحفيز أعصاب الألم لكي ترسل إشارة للدماغ.

ويقوم الأسبرين بإيقاف عمل السيكلوأوكسيجينز وهو أحد الإنزيمات اللازمة لبناء البروستاجلاندين.

 

وبدون هذا الإنزيم، لا يكون هناك بروستاجلاندين كافٍ لإرسال إشارة الألم.

ويقوم المورفين بإيقاف الألم عند النهاية الأخرى، وذلك عندما تصل إشارة الألم إلى الدماغ حيث يرتبط بالمستقبلات الموجودة بالدماغ والتي تقوم عادةً بالتعرف على مسكنات الألم الطبيعية التي تكونها أجسامنا،

وتسمى بالانكفالينات (Enkephalins). وتقوم الانكفالينات بتعديل إشارات الألم في الدماغ، مضعفةً لحدته وترفع من الحد الأدنى اللازم للشعور بالألم عند الحاجة إلى ذلك تحت الظروف غير المعتادة. ونظراً لأن المورفين يستخدم أيضاً نفس هذه الميكانيكية الطبيعية، فإنه من أكثر مسكنات الألم المعروفة كفاءةً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى