البيولوجيا وعلوم الحياة

نبذة تعريفية عن تركيب “الأحماض النووية” داخل جسم الإنسان

2013 آلات الحياة

د.ديفيد س. جودسل

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأحماض النووية تركيب الأحماض النووية البيولوجيا وعلوم الحياة

تتخصص الأحماض النووية في إستخدام التكامل الكيميائي في تشفير المعلومات.

وهي تلعب دوراً جوهرياً- وإن كان البعض يصفه بالدور المحوري – في العمليات الحيوية، حيث تقوم الأحماض النووية بتخزين ونقل الجينوم (Genome)، والذي يقصد به كل المعلومات الوراثية التي تحتاجها الخلية لكي تظل حية.

فكل المعلومات الخاصة بكيفية بناء البروتينات، والوقت المناسب لبنائها، يتم تخزينها في سلاسل الأحماض النووية في مركز كل خلية.

 

إن التفاعلات الفريدة من نوعها التي تحدث بين سلاسل الأحماض النووية تجعها مثالية للقيام بدورها كـ "أمناء مكتبة الخلية". حيث تتكون الأحماض النووية من سلاسل طويلة من النيوكليوتيدات، والتي يحتوي كل منها على ترتيب خاص من الذرات المكونة للروابط الهيدروجينية.

وهذه الذرات هي التي تجعل الأحماض النووية ذات فائدة عالية. حيث يوجد أربعة أنواع من النيوكليوتيدات في الـ "دنا" (DNA) (DNA هو اختصار لاسم الحمض وهو "Deoxyribonucleic Acid" أو "الحمض النووي الريبي منزوع الأكسجين") وهي الأدينين (أ).والثيامين (ت)، والسيتوزين (س)، والجوانين

(ج)، وتتوافق هذه القواعد مع بعضها بشكل إتحادي محدد، بحث أن "أ" تتحد مع "ت" بينما تتحد "س" مع "ج" وهذا هو النظام التوافقي الوحيد الذي تتحد من خلاله هذه القواعد.

 

هذا النظام التوافقي التخصصـي هو الأساس في قدرة الأحماض النووية على تخزين ونقل المعلومات الوراثية. ومثلما يتم إستخدام سلاسل من الأرقام في قرص الكمبيوتر، فإن المعلومات يتم تخزينها في صورة تتابع من النيوكليوتيدات على طول سلسلة الحمض النووي

على سبيل المثال، فإن التتابع أ-ت-ج يمثل شفرة عامة تعني "ابدأ". ويمكن قراءة هذه المعلومة بإستخدام روابط هيدروجينية معينة: حيث يتم بناء سلسلة جديدة مقابلة عن طريق التوافق مع هذه النيوكليوتيدات واحدة بواحدة – حيث تتحد "أ" مع "ت" و "س" مع "ج"- ثم يتم ربط السلسلتين معاً.

وينتج عن ذلك سلسلة جديدة فريدة لديها توافق في المعلومات مع السلسلة التي تم البناء على أساسها. ويمكن إستخدام هذه السلسلة الجديدة في بناء سلسلة جديدة أخرى، وهكذا ، ويستمر ذلك جيلاً بعد جيل.

 

يعتبر التركيب الكيميائي النيوكليوتيدات رائعاً في المساعدة على نقل المعلومات (الأشكال 5.2 و 4.2) حيث تتركب كل نيوكليوتيدة من قاعدة تحتوي على ذرات قادرة على تكوين روابط هيدروجينية ومثبتة مع بعضها بتوجيه مثالي على شكل حلقة متماسكة.

 

شكل 4.2 تركيب الأحماض النووية: تتركب الأحماض النووية من سلاسل طويلة من النيوكيلوتيدات. ويوضح الشكل ذرات الكربون الكارهة للماء باللون الأبيض,

وهناك ذرات محبة للماء بشكل معتدل مثل ذرات النيتروجين باللون الأزرق الفاتح، وذرات الأكسجين باللون الوردي، كذلك هناك ذرات ذات شحنة عالية نسبياً وتظهر بالألوان الناصعة مثل ذرات النتيروجين باللون الأزرق، والأكسجين باللون الأحمر، والفوسفور باللون الأصفر.

تظهر ذرات الهيدروجين في صورة كُريّات صغيرة ملونة بنفس لون الذرات المرتبطة بها، ويظهر مركز الـ "دنا " (DNA)  على اليسار بينما يظهر الـ "رنا" (RNA) على اليمين كما يظهر شكل الحلزون المزدوج في أسفل الشكل وشكل السلسلة الفردية في أعلاه، وتشير النجوم (*) الظاهرة على شريط الـ "رنا" إلى العدد القليل من ذرات الأكسجين الذي يوجد في الـ "رنا" ولا يوجد في الـ "دنا" (قوة التكبير: 20 مليون مرة).

 

شكل 5.2 نقل المعلومات بواسطة الأحماض النووية: تتفاعل قواعد الـ "دنا" مع بعضها البعض من خلال سلاسل من الروابط الهيدروجينية، والتي تتوافق فيها قاعدة الأدينين مع الثيامين والسيتوزين مع الجوانين.

ويصبح الارتباط بواسطة هذه الروابط الهيدروجينية أقوى ما يمكن عندما تتحاذى القواعد جنباً غلى جنب، مما يسمح بتوافق ذرة هيدروجين في إحدى القواعد مع ذرة أكسجين أو نيتروجين في قاعدة مكملة لها.

ويرتبط الادنين مع الثيامين بواسطة رابطتين هيدروجينيتين (مشار إليهما بالأسهم). بينما يرتبط الجوانين مع السيتوزين بواسطة ثلاث روابط هيدروجينية (قوة التكبير: 40 مليون مرة).

 

ويرتبط بهذه القاعدة مجموعة مكونة من سكر وفوسفات، ويتم إستخدامها لربط النيوكليوتيدات سوياً.

ونظراً للمرونة النسبية لمجموعات السكر والفوسفات، فإن سلاسل الأحماض النووية يمكنهكا أن تنثني لتكوّن أشكالاً عديدة للقيام بوظائف معينة، كما أن الشحنة العالية نسبياً التي تحملها الوفسفات تجعل السلسلة شديدة الذوبان في الماء، ولكن على الجانب الآخر فإن القواعد تكون كارهة للماء وتفضل ان تتراص فوق بعضها البعض في أشكال تحميها من الماء.

وهذا هو السبب في ظهور ال "دنا" في شكل الحلزون المزدوج المألوف لنا، والذي تتحاذى فيه سلسلتان مع بعضهما البعض مع تراص القواعد بالداخل وظهور مجموعات الفوسفات في شكل حلزوني إلى الخارج.

 

 

يتم بناء الأحماض النووية في صورتين بالخلية: وهنا الـ "دنا" والـ "رنا" (RNA) (RNA هو إختصار لاسم الحمض وهو "Ribonucleic Acid" أو "الحمض النووي الريبي") (شكل 6.2).

يختلف الـ "رنا" كيميائياً عن الـ "دنا" في جانبين طفيفين وهما: احتوار الـ "رنا" على ذرة أكسجين إضافية2 وقاعدة اليوراسيل بدلاً من الثيامين، واليوراسل أقل بمقدار ذرة كربون وعدد قليل من ذرات الهيدروجين عن الثيامين.

 

شكل 6.2 وظائف الأحماض النووية: تقوم الأحماض بأداء العديد من المهم في الخلايا.

فحلزون الـ "دنا" المزدوج هو المخزن الأساسي للمعلومات الوراثية، كما أن شرائط الـ "رنا" المرسال الطويلة هي ناقلات مؤقتة لهذه المعلومات

ويعتبر الـ "رنا" الناقل والريبوسومات (والتي تتكون من الـ "رنا" والبروتين) بمنزلة آلات أساسية لبناء البروتين في الخلية (قوة التكبير: 5 ملايين مرة).

 

إلا أن هذه الإختلافات الكيميائية البسيطة تؤدي إلى إختلافات كبيرة في وظيفة الـ "رنا"عن ال "دنا".

فذرة الأكسجين الزائدة تجعل الـ "رنا" أقل ثباتاً بعض الشيء من الـ "دنا" ، ولذلك فإن الـ "دنا" يتم استخدامه كمخزن رئيسي للمعلومات بينما الـ "رنا" يتم توظيفة في المعالجة المؤقتة لهذه المعلومات.

ويتم نسخ سلاسل الـ "رنا" – والتي يتم التخلص منها فيما بعد – من قوالب الـ "دنا" ثم يتم تقصيرها وتقليمها وإضافة أجزاء إلى أحد أطرافها ثم تصحيحها ونقلها في أنحاء الخلية للقيام بوظائفها، وفي النهاية يتم التخلص منها بعد إنتهائها من أداء تلك الوظائف.

 

إلا أن الأحماض النووية محدودة في تركيبها إلى الدرجة التي لا تتيح لها إنجاز العديد من المهام التي يتم القيام بها خلال الحياة اليومية للخلية.

فعلى الرغم من أن كيميائية القواعد الأربع مثالية لجعل الأحماض النووية قادرة على نقل المعلومات، إلا أن التشابه الشديد في كيميائية هذه القواعد لا يسمح باستخدامها في بناء العديد من الآلات المتنوعة اللازمة لإنجاز آلاف التفاعلات الكيميائية والميكانيكية المختلفة. وهنا تظهر البروتينات كبديل مناسب للقيام بذلك العمل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى