علوم الأرض والجيولوجيا

نمذجة التغيُّر

2012 دليل الطقس

روس رينولدز

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علوم الأرض والجيولوجيا

يستخدم واضعو نماذج المناخ محاكاة حاسوبية متطورة لتمثيل التفاعلات الفيزيائية المعقدة التي لها دور هام في تحديد المناخ وتغيُّراته. سيتم تسليط الضوء على المتغيرات والتفاعلات التي تتعلق بهذه المجموعات فيما يلي:

إنّ الازدياد المصطنع في غازات الدفيئة هو جزء فقط من الحكاية. تعتمد كمية ثاني أكسيد الكربون، مثلاً، التي تبقى في الغلاف الجوي على جوانب من دورة الكربون عالمياً لم يتم فهمها بالشكل الكافي. تمتص المحيطات وتطلق الكربون في مناطق معينة، بينما يلعب الغطاء النباتي في العالم أيضاً دوراً هاماً لأنّه يمتص الكربون بعملية التركيب الضوئي.

إنّ دراسة الكميات العالمية من الميثان، الكربون، النيتروجين، ومواد أخرى ما تزال في بداياتها، ولكن تمّ تطوير مشاريع علمية عالمية هامة لتحسين شبكات الرصد، والحث على البحث، وفي النهاية تعميق فهمنا لمخزونات هذه الغازات والتبادلات فيما بينها.

يجب على واضعي نماذج المناخ الأخذ باعتبارهم أيضاً تأثير الهباء الجوي – وهو جسيمات صغيرة جداً معلقة في الجو. لقد أظهرت أبحاثاً حديثة الدور الهام الذي يلعبه هباء الكبريتات، الذي يصدر عن انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت ومن تبخر ماء البحر. من المعروف أنّها تُوازن التأثير الاحتراري لغازات الدفيئة بجعل الغلاف الجوي يعكس إشعاعاً «شمسياَ» أكثر إلى الفضاء مما كان سيكون عليه الوضع بشكل طبيعي.

يشتهر “مركز هادلي لتنبؤات وأبحاث المناخ”، وهو جزء من إدارة الأرصاد الجوية، بأبحاثه في نمذجة المناخ وقد أنتج نموذجاً يبدو أنّه يلامس جوهر ظاهرة الإحتباس الحراري. وكذلك أنتجت مراكز تنبؤات المناخ العالمية كتلك الموجودة في الولايات المتحدة وكندا نتائج مشابهة.

يوضّح الرسم البياني تغيُّرات درجة الحرارة المرصودة على صعيد العالم منذ 1860 باللون الأحمر؛ ومحاكاة الحاسوب للتغيُّر بالإستناد فقط على ازدياد غازات الدفيئة باللون الأزرق؛ ومحاكاة أخرى أضيف إليها تأثير هباء الكبريتات الجوي باللون الأخضر. بالطبع، من الصعب جداً الوصول إلى مطابقة كاملة أو حتى شبه كاملة. ورغم ذلك، فقد تتبعت عمليات المحاكاة، في جوهرها، التقلبات حول خط الصفر من 1860 إلى حوالي 1920، وتتبعت بصورة رئيسية الزيادة الكبيرة منذ ذلك الحين. وفي السنين الأربعين الماضية أو نحو ذلك من السلسلة، كان لنموذج الكبريتات المضاف قصب السبق، الذي يقع ضمن0.1 مئوية (0.2 فهرنهايت) من الإتجاه التصاعدي لدرجة الحرارة على صعيد العالم. وهذا لا يعني بالضرورة أنّ العلماء يفهمون العمليات بشكل كافٍ لإعادة إنتاج التغير الملاحظ بهذه الطريقة، ولكن من غير المرجح أن يكون التطابق المعقول نتيجة الصدفة المحضة.

عندما يتم تشغيل نموذج مركز هادلي للمناخ لسنوات مستقبلية، بافتراض أنّ الزيادة السنوية في غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو هي 1 جزء في المليون كل سنة، فهو يتنبأ بمعدل احتباس حراري بمقدار 0.3 مئوية (0.3 فهرنهايت) في كل عقد، بحيث تحدث الزيادة الأعلى في الشتاء عبر خطوط العرض العليا الشمالية. يُوضّح الخط الأزرق في الرسم البياني في الصفحة المقابلة هذا التدرج، بينما يُحاكي الخط الأخضر التغيٌّر المتوقع إذا أضيفت الكبريتات – تهبط الزيادة عند ذلك إلى حوالي 0.2 مئوية ( 0.4 فهرنهايت) كل عقد. الفرق الهام في هذين المكونين هو أنّ الهباء يبقى في الغلاف الجوي لبضعة أيام، في حين يدوم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لفترة زمنية تصل إلى قرن.

وكذلك تُستخدم النماذج للتنبؤ بالزيادة العالمية في مستوى سطح البحر التي من المتوقع أن تحدث. أفضل التقديرات نتيجة هذا التأثير هي أنّ متوسط الزيادة العالمية منذ الآن وحتى نهاية هذا القرن ستكون 0.25 – 0.35 م (10 إلى 13 بوصة). ويمثل هذا زيادة كبيرة جداً وسيكون لها عواقب وخيمة.

الشكوك

إنّ القائمين على نماذج المناخ أنفسهم هم أول من يعترف بعيوب نماذج المحاكاة، بما في ذلك تمثيل السحب. بالإضافة إلى ذلك، لا يُعرف الكثير عن حساسية المناخ للتغيُّرات في الهباء الجوّي، والنشاط البركاني والمخرجات الشمسية.

تُجري عدد من المجموعات حالياً أبحاثاً نشطة في هذا المجال وتُشير كُل النماذج إلى نفس الإتجاه، بدرجات متفاوتة في الشدّة وأنماط التغيُّر. إذا استمر إطلاق غازات الدفيئة إلى الجو بمعدل ثابت، تُشير التقديرات إلى أن مستويات ثاني أكسيد الكربون ستتضاعف في نهاية القرن الحادي والعشرين عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. تقود إضافة تأثير الزيادة في بخار الماء والعوامل الأخرى إلى انتشار التوقعات حول حجم الاحترار بحلول ذلك

الزمن، وتتراوح من 1.5 مئوية إلى 4.5 مئوية (2.7 إلى 8.1 فهرنهيات)، وأفضل تقدير تقريباً هو حوالي 2.5 مئوية ( 4.5 فهرنهايت) كمتوسط عالمي.

ومع ذلك، هناك شكوك ملحوظة في كل هذا العمل، فبعض علماء الأرصاد يدحضون فكرة أنّ الزيادة في محتوى الغلاف الجوي من بخار الماء ستقود إلى ازدياد الإحتباس الحراري؛ وهم يؤكدون أنّ هذه الزيادة ستقود إلى تغيُّرات في السحب، بحيث تُصبح أكثر فعّالية في إنتاج الهطول وبالتالي سوف تتساقط

منها الكثير من المياه التي من شأنها أن تعزّز ظاهرة الإحتباس الحراري. سيُصبح التأثير الفعلي لزيادة بخار الماء واضحاً فقط بعد عدة سنوات، بعد القيام بدراسات أكثر حول النماذج وتوفّر المزيد من أدلة الرصد.

ولكن من الواضح في الوقت الراهن أنّه من المحتمل أن تقود زيادة بخار الماء إلى زيادة في حدوث الغيوم ومن ثمّ إلى تناقص في كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى السطح. وسيكون لهذا بالطبع نتائج سلبية.

ولكن بشكل عام بالرغم من وجود متشككين هامين بين العلماء، وكون النماذج المستخدمة للتنبؤ بالأحوال الجوية المستقبلية غير كاملة، فإنّ أغلبية واضحة من علماء الغلاف الجوي تؤمن بالنتائج التي يُقدّمها زملاؤهم في هذا المجال بالذات.


[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى