شخصيّات

نبذة عن حياة السيدة “فريال الطيرة” وقصة اختراعها لجهاز يقيس مدى ثبات الألوان

1995 نساء مخترعات

الأستاذ فرج موسى

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السيدة فريال الطيرة الألوان شخصيّات التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

كانت أشعة ((رع)) – إله الشمس عند قدماء المصريين وكبير آلهتهم – تحرق الأرض، وتبيض التراب، تقتم الوجوه. .. وتبيض الألوان التي على الملابس والأقمشة.

 ومن المعروف أن الصناعات القطنية والحريرية هي صناعات قديمة قدم الزمن في أرض الأهرامات وأبي الهول، ولكن مشكلتها الأزلية كانت إيجاد صبغة ملابس تقاوم أشعة الشمس والتغيرات الجوية.

وقد حدث مؤخرا شيء جديد تحت أشعة شمس مصر القاسية. وهذه قصة مسلية – ولكنها حقيقية – حيث يلعب فيها إله آخر من آلهة الفراعنة دورا رئيسيا، وهو الإله بتاح إله البناء، وصانع الكون، وحامي الصناع والنحاتين والمخترعين، وتظهر صورته على شعار الجمعية المصرية للمخترعين والمبتكرين.

 

وفي أبريل عام 1984، اجتمع 12 عضوا مؤسسا، اجتماعهم الأول لهذه الجمعية، وكانت من بينهم سيدة دقيقة الحواجب، كحيلة العينين، أخفت شعرها خلف قبعة صوفية طبقا لما تقتضيه معتقداتها الإسلامية.

وهذه السيدة المصرية البالغة من العمر 45 عاما هي الدكتورة المخترعة "فريال محمد طيرة"، التي تجرأت وتحدت الإله "رع"!!

والسلاح الذي اخترعته كي تتحدى به أشعة الشمس، تصفه لنا السيدة "فريال طيرة" وهي تحكي قصة اكتشافه في السطور التالية:

 

((إنه جهاز لاختبار تأثير أِشعة الشمس على ألوان الأقمشة، والأوراق، والجلود. .. والمواد الأخرى.

إن صناعة الإنسجة تحتل مرتبة مهمة في مصر، ولكن طقسنا يجعل من الصعب الحصول على صبغة ألوان ثابتة، تواجه حرارة الشمس الشديدة والطويلة والنسبة العالية من الأشعة فوق البنفسجية والرطوبة".

"وما زالت الأساليب القديمة وحتى البالية يستخدمها معظم رجال الصناعة في مصر، حيث يتم تعريض عينات من الأقمشة للشمس، ثم لدرجات عالية من الرطوبة، أي باختصار تعريضها لجميع أحوال الظروف الجوية.

 

وتستغرق هذه العملية سنة كاملة. فإذا تغير لون القماش، فيجب هنا تعديل تركيبة الصبغة وتكرار نفس الاختبارات السابقة من البداية. وهذا يعني ضياع سنة أخرى وما تذهب به من وقت ومال."

"وقد تصدقني أو لا تصدقني، لكنني قد تحريت عن ذلك في جميع مراكز صناعة النسيج في مصر، بما في ذلك مدينة القاهرة.

ولكنني لم أجد مصنعا واحدا يستخدم أساليب حديثة، فيما عدا المصانع الكبيرة للأنسجة القطنية والحرير الطبيعي، والتي تقع في ضواحي العاصمة، وبالقرب من الإسكندرية، إذ قامت بتركيب معدات صناعية مناسبة.

 

وهذه الأجهزة بالطبع تكلف أسعارا باهظة، بالإضافة إلى أنها معقدة لدرجة أنها تتطلب متخصصين لتشغيلها)).

((وفي أثناء إعدادي رسالة الدكتوراة، قمت بإجراء العديد من الاختبارات على مقاومة أصباغ معينة، حال تعرضها الشديد للضوء الطبيعي أو الصناعي.

وقد فكرت في ذلك الوقت بعمق في هذه المشكلة، ولكنني استأنفت أبحاثي حول هذا الموضوع بعد ذلك بوقت طويل، إلى أن أصبح اختراعي حقيقة واقعة.

 

فعلى الرغم من أنني قد حصلت على براءة الاختراع في عام 1984، إلا أن النموذج الأصلي للاختراع يعود إلى عام 1981. وقد حدث ذلك كله بفضل عزيمتي، وقبل ذلك – بالتأكيد- بفضل ارادة الله)).

والسيدة ((فريال طيرة)) إنسانة متدينة، حيث كان والدها المصري يشغل منصب عميد كلية الدراسات الإسلامية في بيروت، عندما ولدت طفلته (المخترعة) هناك في 14 يناير 1939.

لكنها حصلت على شهادة الدكتوراه في الكيمياء عام 1975 من أكبر وأقدم الجامعات الإسلامية في العالم، أعني جامعة "الأزهر" في مدينة القاهرة. والسيدة "فريال طيرة" – وهي ما زالت في القاهرة – تشغل الآن منصب أستاذ بالمعهد القومي للمقاييس.

 

وقد قامت بنشر أكثر من 40 بحثا علميا في مجالات الفيزياء، والكيمياء الحيوية، والكيمياء العضوية. كما شاركت في مؤتمرات علمية في مصر، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد تم تصنيع اختراع السيدة ((طيرة))  Tera – Fastness Tester –  وبيعه في مصر. وهو بحجم غسالة الملابس العادية، ويمكنه اختبار الألوان في خلال 48 ساعة (بدلا من عام كامل).

 ويتكون داخل الجهاز من مصدر للضوء، ينتج ضوءا مساويا لضوء النهار، وموزعا للحرارة، وجهازا لضبط مستويات الرطوبة، وموقتا كهربائيا، يتحكم في مدة تعريض العينة التي يجري اختبارها.

 

ولاختراع "فريال طيرة" (Tera – Fastness Tester) مزايا عديدة، فهو قابل للحركة (ويرفع على عجلات صغيرة)، ويمكنه اختبار مواد عديدة في نفس الوقت: من أقمشة وأوراق وجلود وغيرها. ومصدر الضوء اقتصادي للغاية، بقدرة 4000 ساعة.

ويتميز بأنه صامت تماما ولا يصدر عنه أي غازات، أو أشعة فوق بنفسجية. وعلاوة على ذلك , فإن تكاليف الجهاز توازي عُشر تكاليف مثيله المستورد من الخارج.

وحتى الآن تم بيع العشرات من هذا الجهاز إلى مصانع النسيج في مصر، وكذلك مصانع الورق والبلاستيك.

 

ونتيجة لنجاحها في إنتاج هذا الاختراع، أصبحت "فريال طيرة" – في عام 1986- أول أمرأة في بلدها تحصل على "جائزة الدولة للاختراعات والابتكارات".

وبتوصية من الأكاديمية المصرية للبحث العلمي والتكنولوجيا، والجمعية المصرية للمخترعين والمبتكرين- التي هي عضو مؤسس فيها – حصلت السيدة "طيرة" على الميدالية الذهبية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو WIPO)، بوصفها إحدى النساء المخترعات المبرزات في مصر. وقد تم تخصيص احتفال لذلك بالقاهرة، في مايو 1990، بمناسبة انعقاد مؤتمر "المرأة العربية والتنمية".

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى