البيئة

أنواع التلوث البحري وآثاره السلبية على البيئة الشاطئية الكويتية

1996 العوامل البشرية

مهدي حسن العجمي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التلوث البحري أنواع التلوث البحري البيئة الشاطئية الكويتية البيئة الشاطئية آثار التلوث البحري الكويت البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

يتمثل التأثير السلبي للإنسان الرئيس في البيئة الشاطئية في الكويت في تلويث البيئة البحرية، والتي تعد من المشكلات الخطيرة التي ترتبط أساساً في النشاطات البشرية المختلفة في المناطق الساحلية، ويمكن تقسيم أنواع التلوث البحري إلى:

أ- التلوث الحراري:

تتركز معظم الصناعات بالقرب من المناطق الساحلية في الكويت، وذلك حتى تستغل الموقع الساحلي البحري لتقليل تكلفة النقل عند تصدير المنتجات إلى الخارج أو نقل المواد الخام اللازمة للصناعة عبر البحر.

إلى جانب ذلك تتمركز محطات توليد الطاقة عادة في المناطق الساحلية. فنجد على سبيل المثال أن هناك العديد من هذه المنشآت على ساحل الخليج العربي بالكويت، مثل محطات توليد الكهرباء في الشويخ والدوحة والزور ومحطة تحلية المياه في نفس تلك المناطق.

 

وكذلك مصفاة تكرير البترول في الشعيبة والأحمدي وميناء عبدالله، وكلها بالطبع تقوم بضخ مواد تساعد على تلوث البيئة البحرية.

وينتج التلوث الحراري نتيجة سكب المياه الساخنة لكميات ضخمة مما يؤدي إلى إحداث نوع من التلوث يعرف بالتلوث الحراري.

 

وتظهر خطورة التلوث الحراري الناتج من ذلك فيما يأتي:

1- هناك علاقة عكسية بين درجة حرارة المياه وكمية أو مقدار الأكسجين الذائب في تلك المياه، بل وفي قدرة سطح الماء على ظامتصاص الأكسجين من الهواء الملامس.

2- هناك علاقة طردية بين درجة حرارة الماء ومقدار استهلاك الأسماء للأكسجين (زين الدين عبدالمقصود 1990، حيث يتضاعف معدل التفاعلات الكيميائية مع ارتفراع الحرارة كل عشر درجات مئوية، حيث تزداد سرعة تنفس الأسماك ويزداد معها استهلاكها للأكسجين لتتأقلم مع درجة حرارة المياه المحيط بها.

3- يؤدي ارتفاع درجة حرارة الماء إلى ىهجرة كثير من الكائنات الحية الحيوانية البحرية إلى مناطق جديدة. أو حدوث خلل في حلقة تكاثرها مما يسبب نقصاً في أعدادها أو كمياتها.

 

وعلى هذا فإن عملية تصريف المياه الساخنة من المنشآت الصناعية أو من محطات توليد المياه التي تستخدم في أغراض التبريد أو حتى طرح المخلفات الصناعية السائلة الساخنة تعمل على رفع درجة الحرارة المحيطة بالكائنرات البحرية مما ساعد ويساعد على تغيير في نشاط التحول الغذائي لهذه الكائنات الحية البحرية مما ستبب عنه الموت.

حتى لو كانت النسب قليلة في ارتفاع درجة حرارة المياه، حيث يسبب ذلك تفتيت، إن صح التعبير، تفتيتاً مميتاً في تركيب ونظام التجمعات المائية.

 

ب- التلوث الكيميائي:

إن من أهم الخصائص والمميزات المتخصصة بالبيئة البحرية هي المتمثلة بالتوازن الايكلوجي الطبيعي لها.

رغم أن البحر يتألف كيميائياً من الماء بصفة أساسية إلا ان نفس هذا البحر يحوي على مر السنين والدهور الكثير من العناصر الكيميائية المختلفة التي تصنف في وقتنا الحاضر من الملوثات الخطيرة كالزئبق والرصاص والهيدروكربونات وغيرها.

كانت كل هذه العناصر وأكثر في مياه البحر إلا أنها كانت بكميات لا تخل بالتوازن الطبيعي للماء ولا تتلف البيئة البحرية.

 

لكن الإنسان جاء فأضاف إلى مياه البحر من هذه العناصر السامة والملوثة حيث أدخل ملوثات جديدة وبكميات سببت تغييراً في التركيب الكيميائي للبيئة البحرية، فزيادة سكان العالم وزيادة أعداد المدن وزيادة الموانئ وزيادة الأنشطة الصناعية وزيادة النقل البحري، كل ذلك أدى إلى زيادة ضخمة في حجم الملوثات التي مصيرها البحر.

مما لا شك فيه للتلوثات الكيميائية أثراً تخريبياً على نمو وتوالد معظم الأحياء البحرية نباتية كانت أو حيوانية، فهي تسبب اختلافاً في الاتزان الايكلوجي والبيولوجي بشكل خاص للبحر.

إن قسماً كبيراً من المواد الكيميائية يدخل ضمن عملية التسلسل الغذائي بواسطة الكائنات الحية، كما قد تصل هذه المواد إلى نسب مرتفعة في أنسجة الكائنات الحية ذات المرتبة العليا في السلسلة الغذائية بحيث تؤدي في نقل بعض الأملاح المعدنية المذابة إى جسم الإنسان المستهلك النهائي.

 

بالنسبة لمعامل تكرير النفط فإنها بالإاضفة إلى اعتبارها كعامل مسبب للتلوث الحراري فإنها تعمل على تلويث البيئة البحرية كيميائياً متمثلة في ملوثات السلفات والأمونيا والزيت.

وعلى اعتبار ان التلوث بالمعادن الثقيلة يكتسب خطورته نتيجة لتفاعله الكيميائي مع البيئة البحرية، لذلك فسوف نتطرق لتلك الملوثات باعتبارها ملوثات كيميائية.

تكثر في الوقت الحاضر أعداد الملوثات الكيميائية الضارة بالبيئة البحرية، وتزداد المركبات الكيميائية الجديدة بصورة متسارعة، فيرى البعض ان تسارع اكتشاف وتصنيع مركبات كيميائية خطيرة بيئياً أصبح يسبق حتى الدراسات المفترض أن توضع لدراسة تلك المركيات.

 

وتعد المبيدات الحشرية من أخطر الملوثات الكيميائية وهي تتسرب إلى البحر عن طريق المياه الجوفية وبواسطة الخاصية الشعرية، وهي إلى حد ما محدودة التأثير بدولة الكويت.

نظراً لضيق القطاع بالنسبة لمخلفات الشركات الصناعية الأخرى سواء الصلبة أو السائلة كالزئبق مثلاً والذي يعد من أخطر العناصر المعدنية السامة التي تسبب تلويث مياه البحر، فإنه في العادة تحتوي مخلفات الشركات والمؤسسات الصناعية على الكثير من المواد الكيميائية الناتجة كنواتج ثانوية Biproducts أو غيرها من العمليات الصناعية المختلفة.

تظهر خطورة التلوث الكيميائي في ان هذا النوع من التلوث يسبب اختلالاً في التوازن البيولوجي للبيئة البحرية، وأن هذا الخطر قد يتغلغل إلى السلسلة الغذائية ويصل أثره إلى الإنسان صاحب آخر مرتبة في هذه السلسلة.

 

حيث أثبتت الدراسات العلمية ان بعض الملوثات التي قد تتركز في أجسام الحيوانات البحرية كالأسماك والروبيان تسبب لمن يأكلها الضرر الصحي، وأن هذا الضرر يتناسب مع تركيز تلك الملوثات.

اما الأثر الكيميائي على هذا الضرر يتناسب مع تركيز تلك الملوثات. أما الأثر الكيميائي على البلانكتون فيرجع إلى أثر المواد السامة والهيدروكربونات التي تذوب في الماء.

اما أثر التلوث البحري بالمبيدات الحشرية فإن الأسماك الموجودة في المياه الملوثة بالمبيدات الحشرية تمتص مركبات هذه المادة او عن طريق البلانكتون الذي تتغذى منه، وهذه الملوثات تقلل من الكائنات الحية.

 

كما أنها تنقل مادة DDT إلى الإنسان (نجم ص292) وقد يمتد خطر تلوث مياه الخليج ليشمل محطات تحلية المياه المنتشرة على سواحله، حيث تأكد أن مركبات النفط والمواد الكيميائية قد تؤدي إلى تلوث مياه الشرب إذا ما وصلت إلى مأخذ محطات التقطير.

بالإضافة إلى ما قد تسببه بعض الملوثات الكيمياوية من مشاكل للمصانع المختلفة عند استخدامها لمياه التبريد الملوثة، نتيجة ما تسببه من تآكل معداتها.

وقد أدى وجود كميات من الأمونيا في مياه الخليج بنمطقة الشعيبة، نتيجة إلقاء مخلفات مصانع الأسمدة الكيماوية ومصافي البترول ومياه المجاري بها بالقرب من مأخذ مياه التبريد لتلوث المنشآت إلى بعض المشاكل بالإضافة لما تسببه من زيادة استهلاك عنصر الكلور المستخدم لمنع نمو الطحالب في أنابيب مياه التبريد.

 

ج- التلوث بمياه الصرف الصحي Sewage Water

في كل حوض الخليج لا تزال الدول تطرح مياهها الملوثة مباشرة في البحر، وأحياناً كثيرة دون معالجة صحية بالنسبة للكويت، فإن المناطق ترتبط بنظام شبكة مجاري واسعة تتجمع في محطات تنقية حديثة.

وبالرغم من وجود هذا النظام الحديث إلا أن بعض المشاكل البيئية المتعلقة بنظام الصرف الصحي موجودة، وهذه مرتبطة بزيادة الأحمال الهيدروليكية على محطات الدفع.

 

وينتج من ذلك تحويل الفائض من مجاري المياه إلى البيئة البحرية، مما يسبب تلوث البيئة البحرية في منطقة الخليج العربي.

ولقد بينت بعض الدراسات التي أجريت في هذا المجال زيادة واضحة في البكتريا في المناطق القريبة من خارج طوارئ المجاري، ومثل شاطئ السلام والفنطاس (جدول 11).

لا ريب أن إلقاء هذه المياه الملوثة بالكيماويات والميكروبات والفيروسات وما تحتويه من مواد عضوية كثيراً ما تفسد نوعية المياه، حيث يتغير لونها ورائحتها وتصبح مرتعاً خصباً لتكائر البكتريا الضارة والفيروسات محدثة تلوثاً ميكروبياً يؤثر على صحة الإنسان وفي مناطق الخليج.

حيث تختلط المياه العذبة الناتجة عن مصب النهر مع مياه الخليج المالحة يؤدي قرب المجاري إلى زيادة نسب المواد الغذائية الملوثة إلى حد تتجاوز طاقة الوسط البحري على هضمها.       

 

د-التلوث النفطي Oil pollution

تعد اللبيئة البحرية في الخليج من أغنى مناطق العالم بالنفط، ومنذ اكتشافه بها بدأت الآلاف من ناقلات النفط تجوب مياه الخليج.

وقد صاحب ذلك تعرض مياهه للتوث نتيجة تسرب النفط إليه، بسبب الحوادث التي تصيب الناقلات او أعمال التنقيب عن النفط وإنتاجه أو نفايات المنشآت النفطية أو تفريغ السفن لمياه التوازن التي يصاحبها عادة كميات من النفط أو حوادث انفجار الآبار البحرية وأنابيب نقل النفط الممدود تحت المياه.

وعلى هذا فإن البيئة البحرية لمنطقة الخليج تعاني من تلوث نفطي خطير للغاية ناتج عن الأسباب السابق ذكرها.

 

وللتوضيح نقول: إنه بالنسبة لحوادث الناقلات فإنه قد تتعرض بعض الناقرلات إلى حوداث انفجار لسبب أو لآخر مما ينتج عنه انسكاب كميات من النفط على المسطحات المائية.

وقد شهد الخليج الكثير من هذه الحوادث في أثناء حرب الخليج الأولى منذ أوائل الثمانينات حتى انتهائها.

ويبين الشكل رقم (38) مراحل تطور بقع الزيت على سطح مياه الخليج. حيث نلاحظ امتدادها على طول الساحل الشمالي الغربي وذلك في اتجاه مسار دورة التيار المائي الساحلي بالخليج واتجاه حركة الرياح.

 

ينتج عن التلوث النفطي سواء الناتج عن الصناعات النفطية او حتى عن حركة الملاحة البحرية تسرب للنفط في البحر ويشكل بقعاً طافية على الماء، وتكون هذه البقع منفصلة لكونها قابلة للذوبان في الماء، وتتعرض عادة إلى عمليات فيزيائية وكيميائية وبيولوجية، فتعمل التيارات البحرية والأمواج على انتشار أجزاء منها على مساحات أكثر من الماء.

حيث تعدها الرياح المحرك الرئيس للملوثات الطافية على السطح في البحر، والتي يكون الزيت جزءاً كبيراً منها، فالبقع النفطية تتحرك بفعل الرياح السائدة للمنطقة. وكما هو معروف فإن حركة الأمواج تتناسب طردياً مع حركة الرياح السائدة ويساعد ارتفاع درجة الحرارة على زيادة معدلات تبخر المكونات الطيارة للبقع الزيتية.

حيث تبدأ المواد الهيدروكربونية الخفيفة والتي تحتوي على 1-5 ذرات من الكربون وتكون درجة غليانها أقل من 27م خلال فترة زمنية قصيرة بالتبخر والتطاير.

 

وبشكل عام فإن سرعة التبخر تتأثر بدرجة الحرارة وسرلعة الرياح ودرجة سقوط أشعة الشمس، بالإضافة للتركيب الكيميائي للنفط.

كما أن جزءاً من البقع الزيتية تذوب وتمتزج بالماء، حيث إن عملية التبخر تقوم بتجزئة وتفكيك المواد الهيدروكربونية وتكون قابلية الذوبان لبعض جزيئاتها في الماء كبيرة، كما تقوم الأكسدة الضوئية بتفكيك مكونات البقع الزيتية.

أما الجزء الكبير من البقع فيترسب بالقاع وتبدأ الكائنات الحية من أسماك وبكتريا وأحياء دقيقة أخرى بالتغذي عليها، بحيث لا تؤثر لاحقاً على السلسلة الغذائية بشكل خطير.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى