علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول “الغابات المتحجرة”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الغابات المتحجرة علوم الأرض والجيولوجيا

النباتات، وكل الكائنات الحية، بما في ذلك أشجار الغابات مصيرها إلى الموت عندما ينتهي عمرها مهما طال.

ولو أن هذه الكائنات الميتة بقيت على حالها، لتراكمت بقدر هائل كالجبال وما كان هناك متسع لأجيال جديدة من الكائنات.

ولكن حكمة الخالق وسنته قضت أن تتحلل أجساد الكائنات بعد موتها، فتعود إلى عناصرها الأولية، لتدخل في كائنات جديدة.

 

وأسرع الكائنات تحللا بعد موتها تلك التي تكون أجسادها رخوة رقيقة، مثل الحزازيات والطحالب بين النباتات، فتذروها الرياح.

أما أجزاء الكائن الصلبة، مثل العظام والأسنان وجذوع الأشجار، فإن تحللها يستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى عدة آلاف من السنين.

ولذلك فالفرصة متاحة لجذوع أشجار الغابة وغيرها من الأجزاء الصلبة بعد موتها، وأحيانا في أثناء حياتها، لأن تتراكم فوقها الأتربة أو الرمال أو الرماد البركاني حتى تغطيها تماما فتحفظ في باطن الأرض، وتتحول إلى أحافير.

 

ويحدث في أحيان أخرى أيضا أن تسقط الأشجار، بفروعها وأزهارها وأوراقها وثمارها، في مياه بحيرة، أو مستنقع، فتتشرب الماء وما به من مواد معدنية ذائبة، وأهمها السليكا.

ثم تغوص هذه الأجزاء النباتية إلى القعر فتنطمر في الطمي وتختفي تحته، وبذلك تتوقف عملية التحلل، وتترسب المعادن في خلايا النبات أو تحل محل جدر خلاياه فتحفظ لها شكلها.

وتبقى تلك الكائنات، وبخاصة خشب الأشجار، كما هي لعشرات أو لمئات الملايين من السنين. ولكن الماء يكون عندئذ قد جف وأصبح خشب الأشجار صلبا كالحجارة.

 

وعندما نجد مجموعة كبيرة متجاورة من الأشجار المتحجرة فإننا نطلق عليها اسم «غابة متحجرة» ويحدث أحيانا في أثناء قيام الإنسان بالحفر في الأرض، لغرض من الأغراض، أن يكشف عن مثل تلك الأشجار المتحجرة أو الحفرية، والتي تبدو أحيانا كأعمدة توزيع الكهرباء أو الهاتف البالية.

وليس من الضروري أن يحفر الإنسان في الأرض كي يجد هذه الأشجار المتحجرة، ذلك أن عوامل التعرية، من سيول وأمطار ورياح، قد كشفت لنا كثيرا من هذه الغابات المتحجرة.

فإذا سار الواحد منا في الصحاري العربية المترامية الأطراف من الخليج إلى المحيط صادف بعضها: في الكويت (عند قرية الرقة) وفي الأردن ومصر وليبيا والجزائر وتونس والصومال.

 

وكذلك في معظم قارات العالم وبلاده، يشاهد الناس آلافا من جذوع الأشجار المتحجرة، وأيضا من جذوع النخل المتحجر، وبخاصة في صحراء مصر الغربية (الصحراء الليبية).

ذلك أن تلك الصحاري كانت في عصور جيولوجية سابقة مناطق غنية بالأشجار والغابات، ولكن المناخ تغير بمرور الزمن، فشحت الأمطار وماتت الأشجار، فأصبحت غاباتها غابات متحجرة.

وهناك غابات شهيرة في أمريكا الشمالية تحجرت أشجارها في مواقع نموها، وربما قبل سقوطها، وأصبحت صلابتها تعادل أربعة أضعاف صلابة حجر الجرانيت، كما تتميز جذوعها بألوان جذابة نتيجة لوجود بعض الشوائب، مثل الحديد والمنجنيز والنحاس، مع المعادن التي تخللت أنسجة الخشب في أثناء عملية التحفر.

 

والله سبحانه وتعالى يدعونا ويحثنا على البحث والتفكير فيما نرى وفيما نجد. تأمل قوله، عز وجل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت 20).

وقد استجاب الإنسان لدعوة ربه وبحث في الأرض فوجد أحافير كثيرة منها الأشجار المتحجرة. فلما قطع فيها مقاطع طولية ومستعرضة لدراسة خلاياها بالمجهر، أدهشه أن يجد الخلايا في كثير من الأحيان محفوظة بدرجة ممتازة، حتى إنه ليجد النواة أحيانا متحجرة في داخل الخلية.

وقد عرف الإنسان من دراسة الغابات المتحجرة وغيرها من الأحافير معلومات كثيرة عن تاريخ الكائنات الحية التي كانت تعيش في العصور الجيولوجية السابقة.

 

فعرف مثلا، أن الكائنات والقارات والمناخ وكل شيء في تغير مستمر، وعرف أن بعض الكائنات التي كانت تعيش في عصور سابقة، مثل الدينوصور وأمثاله من الحيوان والنبات،  لم يعد حيا في زماننا هذا. وهذه تعرف بالكائنات المنقرضة أو المندثرة.

كما عرف أن هناك تغيرا تدريجيا ومستمرا في مجموعات الكائنات التي كانت تعيش على سطح الأرض منذ بدء الخلق.

 

ويتضح لك أيها القارئ العزيز الأهمية العلمية والثقافية، بل والسياحية، للغابات المتحجرة وغيرها من الأحافير.

ولذلك تلجأ الدول التي بها غابات متحجرة إلى المحافظة عليها بأن تجعلها محمية طبيعية، وتضع القوانين التي تحميها من عبث العابثين.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى