شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعر “عنترة بن شداد”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعر عنترة بن شداد شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، شاعر وفارس عاش قبل الإسلام.

لا نستطيع أن نحدد تاريخ ولادته بدقة، ولكن من الثابت أنه عاش بين عامي 525 و 615م، وكانت وفاته قبيل انتشار الإسلام.

ولد في بلاد نجد، عربي من جهة الأب، فوالده ينتمي إلى قبيلة عربية مشهورة هي قبيلة بني عبس وموطنها وسط نجد.

 

أما أمه فجارية حبشية اسمها زبيبة، فكان هذا سببا في أن والده لم يعترف بنسبته إليه في أول الأمر، فقد كان أبناء الإماء – أي المملوكات – يبقون عبيدا.

قضى عنترة حياته الأولى عبدا محتقرا في قومه يرعى الإبل والغنم، ولكنه لم يكن راضيا عن هذا الوضع، فقد كان طموحا، يرفض العبودية ويتحلى بصفات طيبة مثل الشجاعة والفروسية، التي راح يستعد لها، فكان يستغل وقته في التدريب على فنون القتال والفروسية.

عرف قومه، بنو عبس، شجاعته وإقدامه فكانوا يستعينون به في الدفاع عنهم ويشركونه في معاركهم. ومع ذلك ظل والده غير معترف به حتى جاء يوم أغار جماعة من المغيرين على قومه، واستولوا على أغنامهم وإبلهم.

 

ولما جاء أبوه شداد، ليحثه على الاشتراك في القتال معهم، رفض وقال قولته المشهورة: العبد لا يحسن الكر – أي خوض المعارك – بل يحسن الحلاب والصر: أي حلب الناقة وربط ضرعها. فرد أبوه بكلمة مشهورة أيضا: كر يا عنتر، وأنت حر.

كان اعتراف والده البداية كي يأخذ عنترة مكانه في قبيلته، ويحقق شهرة عظيمة بشجاعته، حتى أصبح أشهر بطل لبني عبس، وعد واحدا من أهم قادة الحروب عندهم، وخاصة في الحرب المشهورة، التي دارت بين عبس وذبيان، وسميت بحرب داحس والغبراء، وهما فرسان تسببا في قيام معركة بين القبيلتين.

اشترك عنترة في معركة أخرى، مشهورة، انتصر فيها العرب على الفرس، هي معركة ذي قار، وكانت في سنة 610م، وهي سنة البعثة النبوية.

 

وقد قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، عنها: هذا أول يوم أخذت فيه العرب من العجم بحق.

لقد توج عنترة كرجل من أشجع فرسان العرب، حتى راح الناس يتساءلون عن سر شجاعته. ولم يركبه الغرور ويدعي ما ليس له، لذلك نجده يفسر سر شجاعته وانتصاره على خصومه حين سأله رجل: أنت أشجع العرب وأشدها.

قال: لا. قيل فبماذا شاع لك هذا في الناس؟ قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزما. وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما، ولا أدخل موضعا لا أرى لي منه مخرجا.

 

وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطير لها قلب الشجاع، فأثني عليه فأقتله.

عاش عنترة حتى قارب التسعين، قتل في معركة تربص له فيها رجل كان يلقب بالأسد الرهيص، واسمه وزر بن جابر النبهاني، سدد له سهما أصابه في مقتل. وكان هذا قبل سنوات قليلة من الهجرة النبوية.

 

عنترة وعبلة:

ولا يذكر عنترة بن شداد إلا وتذكر معه عبلة ابنة عمه مالك، التي تعلق بها وأحبها منذ صغره، وراح يذكرها في شعره. ولكن عمه لم يرض أن يزوجها من عبد أسود.

فقضى عنترة سنوات يحاول أن يتقرب من ابنة عمه، مؤملا أن تغطي مآثره العظيمة وشجاعته وأخلاقه وشاعريته على سواد جلده وتدني نسبه.

ولكن ليس من الثابت تاريخيا أنه تزوجها، فهناك إشارات تقول إنها تزوجت رجلا آخر، وهذا مخالف للقصة الشعبية التي تشير إلى أنه تزوجها بعد معاناة طويلة.

وهذا لا ينفي أن تعلق عنترة وحبه لعبلة حقيقة بدأت معه من أول حياته، واستمر متعلقا بها. وقد خلد هذا الحب في شعره وبخاصة في قصيدته المعلقة التي قالها في مرحلة متأخرة من حياته.

 

شعره:

عنترة شاعر من الشعراء الكبار في الجاهلية، وقد كان في باديء الأمر يقول الأبيات القليلة التي يصور فيها شجاعته أو يتحدث عن تعلقه بعبلة، ولم تتكشف شاعريته الكبيرة إلا في قصيدته الطويلة التي عدت من المعلقات السبع، وعدد أبياتها خمسة وثمانون بيتا ومطلعها:

هل غادر الشعراء من متردم

                                            أم هل عرفت الدار بعد توهم

وتبرز في شعره صفاته الذاتية، حيث يتحدث عن نفسه، وحبه واعتزازه بقومه، ويسجل التجارب الواقعية التي عاشها.

 

وشعر عنترة سهل الألفاظ، معانيه نبيلة، يعبر عن أخلاقياته وعفته، فيقول – مثلا مؤكدا حق الجيرة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي

                                          حتى يواري جارتي مأواها

إني امرؤ سمح الخليقة ماجد

                                         لا أتبع النفس اللجوج هواها

 

ويعبر شعره عن إبائه وكرم نفسه، فهو لا يقبل ضيما (أي: ظلما)، يقول:

ولقد أبيت على الطوى وأظله

                                          حتى أنال به كريم المأكل

لذلك لما أنشد شعره أمام النبي، صلى الله عليه وسلم، قال عليه السلام: ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة.

 

أسطورته:

إن شخصية مثل هذه جديرة بأن يستغلها الخيال الشعبي ليخلق منها بطلا من الأبطال الأسطوريين، لذلك بقيت بعض أخباره يتناقلها الرواة ويزيدون عليها، مؤكدين فيها أمورا أساسية هي نضاله في سبيل إثبات ذاته، حتى اعترف به والده وقبيلته، وفروسيته التي كانت مضرب الأمثال، وشاعريته. ويتوج هذا كله حبه العفيف لابنة عمه عبلة.

وظلت هذه الملحمة القصصية تتشكل طوال أربعة قرون، لتجمع وتدون في أواخر العصر الفاطمي – أي في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى