الكيمياء

نبذة تعريفية عن خصائص “عنصر الصوديوم”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عنصر الصوديوم خصائص الصوديوم الكيمياء

الصُّودْيومُ عُنْصُـرٌ فِلِزِّيٌّ رَمْزُهُ الكِيميائِيُّ Na، ورَقمُهُ الذَّرِّيُّ 11، وكُتْلَتُهُ الذَّرِّيَّةُ 22.9898 ، يَقَعُ في المجموعَةِ الأُولَى من الجَدْوَلِ الدَّورِيِّ للعَناصِرِ.

ويُشيرُ رَمْزُهُ إلَى اسْمِهِ العِلْمِيِّ (اللاّتينيِّ) «ناتريوم»، وهُوَ مُشْتَقٌّ مِن الاسْم الّذي أَطْلَقَهُ عَلَيْهِ العَرَبُ وهو «النَّطْرونُ»، وهي كَلِمَةٌ تَعْنِي رَمَادَ الصُّودا.

وفِلِزُّ الصُّودْيومِ شَمْعِيُّ المَلْمَسِ، يَميلُ لَوْنُهُ إلَى الأَبْيضِ الفِضِّيِّ، لَكِنَّهُ ما يَلْبَثُ أَنْ يَنْطَفِئَ بَريقُهُ بِسُرْعَةٍ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْهواءِ نَتيجَةً لِتَأَكْسُدِهِ. والصُّودْيومُ مِنْ العَناصِرِ الطَرِيَّةِ اللَّيِّنَةِ، لِذَلِكَ يُمْكِنُ قَطْعُهُ بالسِّكِّينِ.

 

وهُو سَهْلُ الانْصِهارِ خَفيفُ الوَزْنِ، إذْ لا تَتَجاوَزُ كَثافَتُه 0.93 جم/ سم3 لِذَلِكَ فَهُوَ يَطْفو فَوْقَ سَطْحِ الماءِ.

أَمَّا عن النَّاحِيَةِ الكيمْيَائِيَّةِ فالصُّودْيومُ أَحَدُ الفِلِزَّاتِ القَلَوِيَّةِ وأَكْثَرُها انْتِشارًا في الطَّبيعَةِ، حَيْثُ يَحْتَلُّ المَرْتَبَةَ السَّادِسَةَ بَيْنَ العَناصِرِ مِنْ حَيْثُ وَفْرَتُهُ في القِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ.

ولا يُوجَدُ الصُّودْيومُ مُنْفَرِدًا في الطَّبيعَةِ نظرًا لفاعِلِيَّتِهِ الكيميائِيَّةِ العالِيَةِ، بَلْ يوجدُ مُنْتَشِرًا بوَفْرَةٍ في العَديدِ من أَمْلاحِهِ.

 

ولَقَدْ تَمَّ تَحْضيرُ الصُّودْيومُ لأَوَّلِ مَرَّةٍ عام 1807 بالتَّحليلِ الكَهْرَبائِيِّ لِمَصهورِ هَيْدروكْسيدِ الصُّودْيومِ.

لكنَّ هَذِهِ الطَّريقَةَ قَدْ اسْتُبْدِلَتْ فِيما بَعْدُ وحَلَّ مَحَلَّها التَّحليلُ الكَهْرَبائِيُّ لمَصْهورِ كُلوريدِ الصُّودْيومِ (مِلْح الطَّعامِ) لِرِخَصِ هَذا الملْحِ ووَفْرَتِهِ مِنْ ناحِيَةٍ، ولإِمْكانِ الاسْتِفادَةِ منْ غَازِ الكلورِ النَّاتجِ مِنْ ناحِيَةٍ أُخْرَى.

ويَتَفاعَلُ الصُّودْيومُ بِشِدَّةٍ مَعَ الماءِ أو الثَّلْجِ أو الجَليدِ مُكَوِّنًا هَيْدروكسيدَ الصُّودْيومِ وغازَ الهَيدروجينِ، وتَنْطَلِقُ كَمِّياتٌ كبيرَةٌ مِنَ الحَرارَةِ تَكْفِي لِتَسْخينِ غازِ الهَيْدروجينِ إلَى حَدِّ الاشْتِعالِ.

 

لذَلِكَ يُحْفَظُ الصُّودْيومُ دائِمًا تَحْتَ الكيروسين لِعَزْلِهِ عَن الهواءِ والرُّطوبَةِ. والصُّودْيومُ المُشْتَعِلُ أَو الحَرائِقُ النَّاتِجَةُ عَنْهُ لا تُطْفَأُ بالماءِ أَوْ بِغازِ ثانِي أُكْسيدِ الكَرْبونِ أو رَابِعِ كُلوريدِ الكَرْبونِ أو مَوادِّ الإطْفاءِ الرَّغَوِيَّةِ، لأَنَّه يَتفاعَلُ مَعَها جميعًا.

وإنَّما تُطْفَأُ حَرائِقُهُ باسْتِعمالِ كَرْبونَاتِ الصُّودْيومِ الجافَّةِ أو كُلوريدِ الصُّودْيومِ الجافِّ أو الجرافيتِ. كذلِكَ لا يُسْتَعْمَلُ الرَّمْلُ في إطْفاءِ هَذا النَّوعِ مِنَ الحَرائِقِ لاحْتِمالِ عَدَمِ جَفافِهِ بِدَرَجَةٍ كافِيَةٍ.

وتَكْمُن أَهَمِّيَّةُ الصُّودْيومِ في مُرَكَّباتِه المُتَنَوِّعَةِ أَكْثَرَ مِنها في الفِلِزِّ نَفْسِه. فَأَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الإنْتاجِ العالَمِيِّ لِلْصودْيومِ يُسْتَهْلَكُ في صِناعَةِ رابِعِ إِيثيلِ الرَّصاصِ الّذي يُسْتَعْمَلُ كمانِعِ دَقٍّ في آلاتِ الاحْتِراقِ الدَّاخِلِيِّ، وذَلِكَ مِن خلالِ رَفْعِ رَقْمِ الأُوكْتانِ في الجازولين (البِنْزين).

 

وإنْ كانَتْ المحاذيرُ البيئِيَّةُ تُطالِبُ بالحَدِّ من اسْتِعمالِ هَذِهِ المادَّةِ المُلَوِّثَةِ للبيئَةِ لِما تَنْفُثُهُ في الجَوِّ مِنْ عُنْصُـرِ الرَّصاصِ السَّامِ. لذَلِكَ تَحْرِصُ بلادٌ كثيرَةٌ علَى اسْتِعمالِ البِنْزين خاليًا مِنَ الرَّصاصِ.

كذلِكَ يُسْتَعْمَلُ الصُّودْيومُ في عَمَلِيَّاتِ الاخْتِزالِ الكِيميائِيِّ، كما في تَحْويلِ الزُّيوتِ والدُّهونِ إلَى كُحولاَّتٍ طويلَةِ السِّلْسِلَةِ تُسْتَعْمَلُ في صِناعَةِ المُنَظِّفاتِ الصِّناعِيَّةِ، أو في اخْتِزالِ هاليداتِ التِّتانْيومِ والزِّرْكونْيومِ إلَى فِلِزَّاتِها الّتي تُسْتَعْمَلُ اسْتِعمالاً واسِعًا في صناعَةِ الطَّائِراتِ والمُفاعِلاتِ النَّوَوِيَّةِ.

ولَقَدْ اكْتَسَبَ الصُّودْيومُ شُهْرَةً واسِعَةً في الفَتْرَةِ الأَخيرَةِ كَناقِلٍ لِلْحرارَةِ، ولِذَلِكَ شاعَ اسْتِعمالُهُ في تَبْريدِ المُفاعِلاتِ النَّوَوِيَّةِ نَظَرًا لِكثافَتِهِ المُنْخَفِضَةِ. وتَعْتَمِدُ مَصابيحُ الصُّودْيومِ بضوئِها الأَصْفَرِ المُمَيِّزِ علَى إمْرارِ تَيَّارٍ كَهْرَبائِيٍّ من خلالِ مصابيحَ فُرِّغَتْ مِنَ الهواءِ وشُحِنَتْ بِبُخارِ الصُّودْيومِ.

 

أَمَّا مُرَكَّبَاتُ الصُّودْيومِ ذاتُ الأَهمِّيَّةِ الصِّناعِيَّةِ الكبيرَةِ فَجَميعها، باسْتِثْناءِ هَيْدروكْسيدِ الصُّودْيوم، مُنْتَشِرَةٌ في القِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ وبِكَمِّياتٍ تُقَدَّرُ بِعَشراتِ المَلايينِ من الأَطْنانِ. وسَنَعْرِض لِبَعْضٍ مِنْها:

1- كُلوريدُ الصُّودْيومِ أَو مِلْحُ الطَّعامِ: يوجَدُ إمَّا علَى هَيْئَةِ مِلْحٍ ذائِبٍ يُشَكِّلُ 3% من وَزْنِ المِياهِ في البِحارِ والمُحيطاتِ، أو علَى هَيْئَةِ رُسوبِيَّاتٍ مِنَ المِلْحِ الصَّخْرِيِّ تَكَوَّنَتْ في الأَزْمِنَةِ البَعيدَةِ حَيْثُ كانَتْ البُحَيْراتُ المالِحَةُ والبِحارُ مَوْجودَةً في الماضِي.

ويُعَدُّ كلوريدُ الصُّودْيومِ خامَةً أساسِيَّةً في الكثيرِ مِنَ الصِّناعَاتِ الرَّئيسِيَّةِ. فَهُوَ يُسْتَعْمَلُ في تَحْضيرِ هَيْدروكْسيدِ الصُّودْيومِ والكُلور بالتَّحْليلِ الكَهْربائِيِّ لِمَحْلُولِهِ المَائِيِّ، أَو لِتَحْضيرِ فِلِزِّ الصُّودْيومِ وغازِ الكُلورِ بالتَّحْليلِ الكَهْرَبائِيِّ لمَصهورِهِ.

 

2- هَيْدروكْسيدُ الصُّودْيومِ أو الصُّودا الكاوِيَةُ: هي أَهَمُّ قَلَوِيٍّ مِنَ النَّاحِيَةِ الصِّناعِيَّةِ فهو يَدْخُلُ في صِناعَةِ ألياف الرَّيونِ، وصِناعَةِ الصَّابونِ والمُنَظِّفاتِ الصِّناعِيَّةِ، والوَرَقِ، وفي تَنْقِيَةِ البِتْرولِ.

 

3- كَرْبوناتُ الصُّودْيومِ: تُعْرَفُ باسمِ مِلْحِ النَّطرونِ أو رَمادِ الصُّودا إِذا كانَتْ في الحالَةِ اللاَّمائِيَّةِ، علَى أَساسِ أَنَّها أَحَدُ مُكَوِّناتِ الرَّمادِ الّذي يَتَخَلَّفُ عَنْ حَرْقِ النَّبَاتاتِ، أَوْ تُعْرَفُ باسْمِ صُودا الغَسيلِ إِذا احْتَوَتْ علَى ماءِ التَّبَلْوُرِ.

تُسْتَعْمَلُ كربوناتُ الصُّودْيومِ في صناعَةِ الزُّجاجِ، والصّابونِ والمُنَظِّفاتِ، والأَصْباغِ، والمُتَفَجِّراتِ، وفي صِناعَةِ العَديدِ من مُرَكَّبَاتِ الصُّودْيومِ.

 

4- بِيكَرْبوناتُ الصُّودْيومِ: المَعْروفَةُ تِجارِيًّا باسْمِ صُودا الخَبيزِ لأَنَّها أَحَدُ مُكَوِّناتِ مَسْحوقِ الخَبيزِ. ويَعْتَمِدُ نَشاطُها علَى قَابِلِيَّتِها لِلانْحِلالِ بالتَّسْخينِ حَيْثُ يَنْطَلِقُ مِنْها غازُ ثاني أُكسيدِ الكَرْبونِ وبُخارُ الماءِ اللَّذانِ يَعْملانِ علَى إِكْسابِ المَخْبوزاتِ قَوامَها الهَشِّ.

(وعلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ تَمامًا فإنَّ أَهَمِّيَّةَ فَوْق أُكْسيدِ الصُّودْيومِ والجيرِ الصُّودِيِّ تَقُومُ علَى أَساسِ قَابِلِيَّتِهِما لامْتصاصِ غازِ ثانِي أُكْسيدِ الكَرْبونِ، ولِذَلِكَ يُسْتَعْمَلانِ في تَنْقِيَةِ أَجْواءِ الغَوَّاصاتِ وأَجْهِزَةِ التَّنَفُّسِ مِنْ هَذا الغازِ).

 

5- نِتْراتُ الصُّودْيومِ المَعْروفَةُ باسْمِ نَيْترَ شيلِي: يتَزايدُ اسْتِعْمالُها كمُخَصِّبِ (سَماد) نيتروجِينيٍّ للنَّبَاتاتِ.

أمَّا نَيتْريت الصُّودْيومِ، الّتي شاعَ اسْتِعمالُها مادَّةً حافِظَةً لمُنْتَجاتِ اللُّحومِ لِحِمايَتِها من الأَكْسَدَةِ عِنْدَ تَعَرُّضِها لِلْهواءِ، فتُواجِهُ الآنَ مُعارَضَةً في اسْتِعمالِها لهذا الغَرَضِ لِما يُمْكِنُ أَنْ تُسَبِّبَه مِنْ مَخاطِرَ صِحِّيَّةٍ لإِمْكانِيَّةِ تَفاعُلِها مَعَ بُروتينَاتِ اللَّحْمِ مُكَوِّنَةً مَوَادَّ تُحْدِثُ السَّرَطان.

وبَقِيَ أَنْ نَعْرِفَ أَنَّه لَوْلاَ وجودُ الصُّودْيومِ علَى هَيْئَةِ أَملاحِهِ المُتَعَدِّدَةِ ما كانَتِ الحَياةُ. فهَذِه المُرَكَّبَاتِ هِيَ الّتي تُمْسِكُ بالماءِ في داخِلِ أنْسِجَةِ الجِسْمِ، والنَّقْصُ الحادُّ للصُّودْيومِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الوَفاةِ.

 

ولِذَلِكَ كانَ الواجِبِ تَعْويضُ هذا النَّقصِ بِسُرْعَةٍ، بالحَقْنِ بالمَحاليلِ المِلْحِيَّةِ أو تَناوُلِ بعضِ الأَطْعِمَةِ المُمَلَّحَةِ أو حَتَّى ابتلاعُ أَقْراصٍ مِن مِلْح الطَّعامِ. ويَحْدُثُ النقصُ الشَّديدُ في مِلْحِ الجِسْمِ بَعْدَ العَرَقِ الغَزيرِ في الأجْواءِ الحارَّةِ، وبَعْدَ المَجهوداتِ الجُسْمَانِيَّةِ الشَّاقَّةِ.

ويُنَظِّمُ الصُّودْيومُ (والبوتاسْيومُ) مُرورَ المَوَادِّ مِنْ خِلالِ أَغْشِيَةِ الخَلايا. ولِذَلِكَ يقومُ الصُّودْيومُ بدَوْرٍ بارِزٍ في أداءِ الخلايا الحِسِّيَّةِ بِدَوْرِها في اسْتِقْبالِ المُؤَثِّراتِ الفيزيائِيَّةِ والكِيميائِيَّةِ، وفي انْتِقالِ المُؤَثِّراتِ خِلالَ الألْيافِ العَصَبيَّةِ. بَلْ إنَّ الصُّودْيومَ يقومُ أَيْضًا (مع الكالْسيوم) بدورٍ في انْقِباضِ الأَلْيافِ العَضَلِيَّة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى