علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة حول “الصخور المتحولة”

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الصخور المتحولة علوم الأرض والجيولوجيا

صُخورُ القِشْرَةِ الأَرْضِيَّةِ، بعيدًا عَن التَّصْنيفِ العِلْمِيِّ المُعَقَّدِ، إمَّا برَّاقَةٌ، وهَذِهِ مُكَوِّناتُها مُتَبَلْوِرَةٌ؛ وإمَّا غَيْرُ بَرَّاقَةِ المَظْهَرِ، وهذهِ مُكَوِّناتُها حَبَّاتٌ أو حُبَيْباتٌ صَخْرِيَّةٌ مُتآكِلَةٌ مُعْتِمَةٌ، مُلْتَحِمٌ بعضُها بِبَعْضٍ بمادَّةِ لاحِمَةٍ مِن مُرَكَّباتِ الحَديدِ أو السِّليكونِ.

وإذا أَمْعَنَّا النَّظَرَ في الصُّخورِ البرَّاقَةِ (المُتَبَلْوِرَةِ)، ودَرَسْنا طَبيعَةَ نَسيجِها البَلُّورِيِّ، وَجَدْنا أَنَّنا يُمْكِنُنَا أَنْ نُمَيِّزَ بَيْنَ فِئَتَيْن منها: فِئَةً أَوْضَاعُ بَلُّوراتِها عَشْوائِيَّةٌ (في كُلِّ اتِّجاه) وهَذِهِ هي الصُّخورُ النَّارِيَّةُ، وفِئَةٍ أُخْرَى بَلُّوراتُها تَتَّخِذُ جَميعًا وَضْعًا واحِدًا (مُمْتَدَّةً في اتِّجاهٍ وَاحِدٍ).

وهذِهِ الفِئَةُ الثَّانِيَةُ، قَدْ اسْتَرْعَتْ أَنْظَارَ وأفْكارَ رُوَّادِ عِلْمِ الصُّخورِ في العَصْـرِ الحَديثِ.

 

واسْتَنْتَجَ هؤلاءِ العُلَماءُ أنَّ هذهِ الصُّخورَ كانَتْ صخورًا نارِيَّةً أوْ رُسوبِيَّةً في أَوَّلِ أَمْرِها، ثم انْتابَتْها ظُروفٌ غَيْرُ عادِيَّةٍ منَ الضَّغْطِ العَالي والحَرَارَةِ المُرْتَفِعَةِ أَدَّتْ إلَى انْصهارِها وأَحْيانًا إلَى انْسِيابِها.

ومَعَ تَراجُعِ ظُروفِ الحَرَارَةِ والضَّغْطِ بَدَأَتْ هذه الصُّخورُ تَتَصَلَّبُ مُحْتَفِظَةً بِبَلُّوراتِها مُرَتَّبَةً في وَضْعِ انْسيابِ صَهِيرِ الصَّخْرِ.

لِذَلِكَ سُمِّيَتْ هَذِه الصُّخورُ باسْمِ «الصُّخورِ المُتَحَوِّلَةِ»، أيْ الّتي كانَ لَها أَصْلٌ نَارِيٌّ أو رُسوبِيٌّ ثُمَّ تَحوَّلَتْ بِفِعْلِ الحَرارَةِ والضَّغْطِ الشَّديدَيْن.

 

أمَّا كَيْفَ تَنْشَأُ الظُّروفُ الّتي تُكَوِّنُ الصُّخورَ المُتَحَوِّلَةَ، فَأَبْسَطُ التَّصَوُّراتِ في ذَلِكَ هو أنَّ الصَّخْرَ القَديمَ (نَارِيًّا، أو رُسُوبِيًّا، أو مُتَحَوِّلاً) تَتَراكَمُ فَوْقَهُ الصُّخورُ الأَحْدَثُ مِنْهُ عَلَى المَدَى الزَّمَنِيِّ البَالِغِ الطُّولِ، فيتعرَّضُ لِدَرَجاتِ حَرارَةٍ عَالِيَةٍ جِدًّا وضَغْطٍ بالِغِ الشِّدَّةِ يُؤَدِّيانِ إلَى انْصِهارِ الصَّخْرِ القَديمِ وانْسِيابِ الصَّهيرِ في اتِّجاهٍ مُعَيَّنٍ.

وعِنْدَما تَزولُ هَذِه الظُّروفُ أو تَخِفُّ يَتَجَمَّدُ الصَّهيرُ وتَنْشَأُ بَلُّوراتُ المَعادِنِ الّتي تُكَوِّنُهُ مُرَتَّبَةً طولِيًّا في اتِّجاهِ انْسيابِ الصَّهيرِ.

وكثيرًا ما يُصاحبُ هذا التَّحَوُّلَ تَغيُّراتٌ كيميائِيَّة، قد تؤدِّي إلَى تكوينِ معادِنَ جديدةٍ لم تَكُنْ في الصَّخْرِ الأَصْلِيِّ القَديمِ.

 

وفي الواقِعِ هُنَاكَ نَوْعانِ مِنَ التَّحَوُّلِ:

1- التَّحَوُّلُ الحَرارِيُّ: أَغْلَبُهُ مَحَلِّيٌّ، ويَنْشَأُ من تَدَخُّلِ الصُّهارَةِ في صُخورِ المِنْطَقَةِ. وتوجَدُ صُخورُ هذَا النَّوعِ من التَّحَوُّلِ بِجِوارِ الأَجْسامِ الصَّخْرِيَّةِ النَّارِيَّةِ الكُبْرَى.

ويَنْتُجُ هَذا التَّحَوُّلُ مِنْ أَثَرِ الحَرارَةِ والغَازاتِ والسَّوائِلِ الحارَّةِ، ويَصْحَبُ ذلكَ تَكَوُّنُ الخَاماتِ المَعْدِنِيَّةِ المُتَبَلْوِرَةِ من المَحاليلِ الحارَّةِ في شُقوقِ الصُّخورِ المُتَأَثِّرَةِ بِهَذَا النَّوعِ مِنَ التَّحَوُّلِ. وفي العادَةِ يكونُ انْتِشارُ هَذِه الصُّخورِ المُتَحَوِّلَةِ حَرارِيًّا مَحْدودًا نِسْبِيًّا.

 

2- التَّحَوُّلُ الإِقْلِيمِيُّ: ويَنْشَأُ مِنْ تَأثِير الحَرارَةِ والضَّغْطِ معًا، ويَتِمُّ بِبُطْءٍ شَديدٍ ويَشْمَلُ مِساحاتٍ شاسِعَةً، ويَقَعُ عَلَى مَسافاتٍ مُتَفاوِتَةٍ مِنْ سَطْحِ القِشْـرَةِ الأَرْضِيَّةِ.

وتُوجَدُ الصُّخورُ المُتَأَثِّرَةُ بهذا النَّوعِ مِنَ التَّحَوُّلِ في باطِنِ السَّلاسِلِ الجَبَلِيَّةِ الكُبْرَى المُتَكَوِّنَةِ بتأثيرِ الحَرَكاتِ الأَرْضِيَّةِ البانِيَةِ.

وهناكَ بَعْضُ الأَمْثِلَةِ المَشْهورَةِ من الصُّخورَ المُتَحَوِّلَةِ والصُّخورِ الأَصْلِيَّةِ الّتي تَحَوَّلَتْ عنْها: فالطَّفْلُ والطِّينُ (وهما صَخْرانِ رُسوبيَّانِ) يَتَحَوَّلانِ بالضَّغْطِ والحَرارَةِ إلَى صَخْرِ «الإرْدُوازِ».

 

ومَعَ تَزايُدِ الضَّغْطِ والحَرارَةِ تَنْمو بَلُّوراتُ المَيْكا الدَّقيقَةُ الّتي بالإرْدُوازِ حَتَّى أنَّه يُمْكِنُ رُؤيَتُها بِعَدَسَةٍ مُكَبِّرَةٍ، ويَتَحَوَّلُ الإرْدُوازُ بِذلك إلَى صَخْرٍ يُسَمَّى «الفِلِّيت».

وإذا تَعَرَّضَ الفِلِّيتُ إلى مَزيدٍ من الضَّغْطِ والحَرارَةِ يَتَحَوَّلُ إلَى صَخرِ اسمُه «الشِّسْت»، وفِيهِ يُمْكِنُ أَنْ تُرَى بَلُّوراتُ المَيْكا بالعَيْنِ المُجَرَّدَةِ مُرَتَّبَةً في اتِّجاهٍ واحِدٍ يَدُلُّ على اتِّجاهِ حَرَكَةِ انْسيابِ صُهارَةِ الصَّخْرِ في أَثْناءِ عَمَلِيَّةِ التَّحَوُّلِ.

 

والجرانيتُ (وهو صَخْرٌ نارِيٌّ معروفٌ) إِذا تَعَرَّضَ للحرارَةِ والضَّغْطِ العَالِيَيْن يَتَحَوَّلُ إلَى صَخْرٍ اسْمُهُ «النَّايْس»، وهو يُشْبِهُ الشِّسْتَ إلاَّ أَنَّ بَلُّوراتِهِ قَليلةُ الاسْتِطالَةِ فلا تَظْهَرُ فيهِ الصَّفَائِحُ بِنَفْسِ الوُضوحِ الّذي تَظْهَرُ بِهِ في الشِّسْتِ.

وهناك أيضًا صَخْرانِ رُسوبِيَّانِ: أَوُّلُهُما الحَجَرُ الجِيرِيُّ، وهُوَ يَتَحَوَّلُ إلَى صخرٍ جَميلٍ من صُخورِ الزِّينَةِ هو الرُّخامِ.

وثانيهُما الفَحْمُ ويَتَحَوَّلُ إلَى الجرافِيت أو الشِّسْتِ الجرافِيتِيِّ، وكِلاهُما خَامَتانِ لَهُمَا أَهَمِّيَّةٌ اقْتِصادِيَّةٌ، إذْ يُصْنَعُ مِنْهُما أَقْلامُ الرَّصاصِ وموادُّ التَّشْحِيمِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى