البيولوجيا وعلوم الحياة

نبذة تعريفية عن “الحيوانات عديدة الخلايا”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الحيوانات عديدة الخلايا البيولوجيا وعلوم الحياة

تتميزُ الحيواناتُ تبعاً لتعدُّد خلايا الجسم إلى مجموعتين: الأولى وحيدةُ الخليَّةِ وتضم الحَيوانات الأولية، كالأميبا والبراميسيوم ، والثانية عديدةُ الخلايا وتشملُ جميع الحيواناتِ التي تَبني أجسامَها بأكثر من خليةٍ واحدةٍ.

وذلك بدايةً من الإسفنج وحتى الإنسان، ولذا تُعرفُ في مجموعها بالتوالي الحيوانية أو البَعديات (أي التي تلي الحيوانات الأولية في مُستوى التركيب).

والحيواناتُ وحيدةُ الخلية احتفظتْ بصغر الحجمِ لكي تطفو أو تسبح في الماء دون عناء، أو تنتقل من بيئةٍ لأخرى بسهولةٍ.

كذلك تجري وظائف حياتِها بأسلوب متكامل بين مُكَوَّنات الخلية الواحدة. وتستطيع الحيوانات وحيدة الخلية أن تحصل على الأكسجين من الماء المحيط بها مباشرةً، بالانتشار البسيط، من خِلال الغشاء الرقيق الذي يغطي جسمها.

كذلك هي تستطيع أن تُخرجَ  إلى الماء الذي حولها كل المواد الزائدةٍ عن حاجتِها أو الضارةِ بها، بالانتشار البسيط أيضا، فهي إذا لسيت في حاجةٍ إلى أجهزةٍ خاصّةٍ لأداء هذه الوظائف.

 

أما تعددُ الخلايا، في الحيوانات البَعدية، فقد أتاح لها كِبرُ الحجم، وهذا أكسبها إماكاناتٍ أكبر في الحركة والتغذية، والتكاثر، وسائر الوظائف التي توزعت على أجهزة الجسم المختلفة.

لكن ظهرت في الوقت نفسِهِ مشكلةُ بُعْدِ سَطْح الجسم عن الخلايا الداخليةِ بسبب كثرة عدد الخلايا، وكِبَر حجْم الجسم، وزيادة سُمْكِهِ.

وهكذا تعذِّر وصول الغذاء والأكسجين لتلك الخلايا، كما تعذر تخلُّصها من فضلات هدْم الغِذاء.

 

ولحلّ هذه المشكلة نشأت في البعديات الدنيا، (أيْ بدائيةِ التَّركيب)، كالإسفنج والهيدرا، تجاويفُ مركزيةٌ لتوصيل الغذاء والأكسجين إلى داخِلِ الجسم.

ثم ظهرتْ بعد ذلك في البعديات العُليا (متقدمة التركيب) أجهزةٌ متخصصةٌ بالهَضم والإخراج والتكاثر وسائر الوظائف؛ وهذه الأجهزة تتفاوتُ في التعقيد تِبعاً لتدرجِ الحيوان في تقدُّمِ التَّركيب.

وتبعاً لعدد طبقات خلايا الجسم تنقسمُ البُعدياتُ إلى مجموعتين: الأولى ثنائية الطبقاتِ، حيث تبني أجسامُها من طبقةٍ خارجيةٍ (أكتودرم) وأخرى داخلية (أندودرم).

 

وتضُمُّ هذه المجموعةُ شُعبةَ جوفيات المعى، كالهيدرا وقناديل البحر والمراجين البحرية، وجميعها حيوانات مائية وشُعاعية التماثل.

وهذه الحيوانات ذات تجاويف مركزية، ولها جهازٌ عَصَبِيُّ بسيطٌ، يتكون من شبكةٍ مُنتشرةٌ من الخلايا العصبية.

أما المجموعة الثانية، ثلاثية الطَّبقات، فتبني أجسامها من ثلاث طبقات بزيادة طبقةٍ وُسطى (الميزودرم) بين الطبقة الخارجية والطبقةِ الداخليةِ.

 

ومع ظهور هذه الطبقة الوُسطى تَحولَ التناظرُ الشعاعي إلى تناظر جانبيَّ، وأصبحَ لجسم الحيوان جانبان أيمن وأيسر، وسطحان ظهري وبطنيَّ، كما تَميَّزَ الطرفُ الأماميُّ عن الطرفِ الخلفيُّ للجسم.

وهنا ظهر أيضا جهازٌ عصبيُّ متقدم يحتوي مراكز عصبيةٍ متخصصةٍ في الاستقبالِ والاستجابةِ، كما تكوَّنَ جهازٌ حركيُّ منَ العضلات، إضافة إلى الهضم والإخراج والتناسُل، ثم أجهزةٌ للدوران والتنفُسِ.

وقد أتاح هذا التنظيم الجديدُ للخلايا الفرصة لحرية الحركة وتطوّر السلوك عن الحيوانات شعاعية التناظر التي كانت مثبتة أو بطيئة الحركةِ، فصار الحيوانُ هنا اكثرَ تجاوُباً مع ظروف البيئة ومُتغيراتها.

 

وتشمل مجموعة ثلاثية الطبقات باقي الشُّعبِ الحيوانية، بداية من الديدان المفلطحة، كالدودةٍ الكبدية والبَلهارسيا، ومرورا بالديدان الخيطية كالأسكارس والديدان الحَلَقية، كديدان الأرض، ومفصليات الأرجل كالرُّبيان وغيره من القشريات، ثم الحشرات والعناكب، والرَخويات، كالمحارِ والقواقع والحبار، ثم شوكيات الجلد، كنجم البحر وقنفذ البحر.

وأخيراً الحَبليَّات، كالأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات. وهكذا نجدُ تدرُجاً في التركيب، وتطوراً في مستوى تنظيم الخلايا وتخصُّصِها.

ففي الإنسان نجدُ بلايينَ الخلايا التي يُمكنُ تمييزُها في أكثرَ من مئة نَوْعٍ مختلف من الخلايا التي يختصُّ كُلُّ منها بتراكيب مُحدَّدة للقيام بوظيفتها بنجاح.

 

ومنَ السَّهلِ تصوُّرُ تطوَّر الحيوانات عديدةِ الخلايا من وحيدات الخليّة بتكاثُرها بواسطةِ الانقسام الخَلوي مع بقاء الخلايا الناتجة معاً في كتلة مترابطةٍ من الخلايا، كما في مُستعمرةِ طُحلُب الفولفكس..

وتدل الحفرياتُ القديمةُ على أنَّ الحيواناتِ عديدة الخلايا ظهرت إلى الوجود مُنذُ حوالي سبعمئة مليون سنةٍ، وسَبقَتْها بالطبع الكائنات وحيدة الخلية.

ولا يوجد حالياً أيُّ دليل مادي على ذلك سوى بعض النظريات العِلميةِ التي تقولُ إحداها بأنَّ أصل البعديات يَرجعُ إلى حيوانات أولية سوطيةٍ.

 

تكاثرتْ بالانشطار، وظلَّت أنسالها مُتَّصِلةً في مستعمرةِ (كالفولفكس)، ثم بدأتْ هذه الخلايا في التخصُص تدريجيا، وكونت الحيوان البعدي البدائي.

وعُموماً، فإنَّ ما نَعرِفَه اليومَ من الحيوانات عديدةِ الخلايا يصلُ إلى قُرابةِ المليون نوعٍ، تتشابهُ به في خصائصها الأساسية، ولكنها تختلفُ فيما بينها في أشكالِها وأساليب حياتِها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى