التاريخ

منهج العالم كمال الدين الفارسي في كتاب “البصائر في علم المناظر”

2009 البصائر في علم المناظر

كمال الدين الفارسي

KFAS

العالم كمال الدين الفارسي كتاب البصائر في علم المناظر التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

افتتح الفارسي كتابه بتقديم منهجه في إعداد الكتاب ومحتواه مقارنة بكتابه السابق في مجال علم الضوء: تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر.

فقد جاء كتابه البصائر… مصححاً ومنقحاً ومختصراً ومجرداً من البراهين تسهيلاً على الطلاب ومضافاً إليه ما تحقق من أسباب القوس والهالة.

وما للضوء والظل من الخواص، ومعيداً بناء هيكلية الكتاب (تقديم وتأخير) بما يتناسب مع الترابط المنطقي.

ثم ألحق المحتوى – مثلما نجده في الكتب الحديثة – بتقديم التعريفات الأساسية لعلم الضوء اعتماداً على ما أورده ابن سينا في كتابه: الشفاء (الطبيعيات – النفس).

 

وأعقب كل فقرة من فقرات ابن سينا بشرح أو تعليق او إضافة، ومن إضافة، ومن ثم سرد تعريفات ابن الهيثم وأعقبها بتعليقات أو إضافات أيضاً.

ركز الكتاب على أهم الموضوعات الخاصة بعلم الضوء، وكشف عن تكثيف للمعلومات، ويحيل المؤلف أحياناً إلى كتابه: تنقيح المناظر … للتوسع في موضوع ما.

ويستند إلى الكتاب في كثير من المواضع، ونجد – أحياناً – تطابقاً في فقرة ما بين الكتابين.

 

واستخدم الفارسي العديد من الأشكال لتوضيح بعض الأفكار، ولم يسرد براهينه كما ذكر في مقدمته إلا نادراً.

بكل احترام وتقدير يخالف كمال الدين رأي ابن سينا فيما يخص الانعكاس فيقول: " وفيه نظر لأن الضوء إن لم يحصل في سطح المرآة بأن ينقطع عن كثيف أو غيره أو يضمحل دونه لم ينعكس وإذا لم يمنعه مانع ولم يضمحل فلا بد أن يحصل في سطحها، فلا يمكن أن يفعل بالانعكاس من دون أن يفعل في الصقيل، كما ثبت في المناظر".

كما أن كمال الدين لا يوافق ابن الهيثم على قوله: "ثم إن الصور المنعطفة تحس بها الحاسة متميزة، وذلك أن الحاس يحس بالصورة الواردة على الأعمدة والصور المنعطفة إنما ترى على خطوط الخيال، فهي ترى على سموت الأعمدة فتكون متميزة".

 

فيعترض كمال الدين على قول ابن الهيثم فيقول: "وفيه نظر، وذلك أن الصور المنعطفة حينئذ تكون خيالاتها جميعاً مركز البصر فيلزم أن ترى جميعاً في موضع واحدٍ فتكون واحدة غير متميزة، وهي متميزة على ترتيبها، ولو قيل إنها تتميز لتميز جهات الأشعة الخراجية من مركز البصر إلى نقط الانعطاف أجيب: بانه محال لان الأشعة لا تنتهي إليها على استقامتها ولا بالانعطاف لكونها أعمدة".

وتدل مخالفة كمال الدين الفارسي لرأيي ابن الهيثم وابن سينا على استقلالية الرأي والتفكير، وعمقه في فهم الافكار والنظريات في علم الضوء، والتي استقى أصولها من عالمنا الجليل ابن الهيثم.

ويربط كمال الدين الفارسي بين البرهان والتجربة، وبناء عليهما يدرّج اليقين بصحة نتائج فيقول: "وليعلم أن ما ذكر في سبب القوس فهو محقق لا تردد فيه لدلالة البرهان وشهادة التجربة.

 

فأما ما ذكر في أمر الهالة البيضاء فهو عندي كالشيء المظنون لم يبلغ إلى حد الجزم، وكذلك أمر الهالة ذات التقازيح؛ لأن شهادة التجربة الصحيحة فيهما غير مشفوعة إلى دلالة البرهان.

وأما ما ذكر في أمر تقازيح هالة الشمس فدون ذلك، لكن الظن الغالب هو أن أصول هذه الآثار أجمع هي ما ذكر من الانعطافات والانعكاسات في الكرات الرشية مثنى وفرادى.

وأما ما قيل إن السبب فيها انعكاس الاشعة من السحاب فذلك وهم محض، والله أعلم بحقائق الأمور".

 

كما رصد كمال الدين الفارسي بعض الظواهر الجوية ووصفها، فنجده يقول: "وأما الهالة: على ما اتفقت لنا مشاهدتها فثلاثة أقسام أيضاً: الشمسية والقمرية والنارية…".

ودعم الفارسي افكاره بإجراء العديد من التجارب التي نجدها في مواضع مختلفة من الكتاب.

أخيراً فقد نهج كمال الدين الفارسي منهجاً علمياً دقيقاً في كتابه: "البصائر في علم المناظر"؛ إذ إنه اعتمد الملاحظة والاستقراء والقياس والتجربة لاستخلاص نتائجه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى