العلوم الإنسانية والإجتماعية

الدافع وراء حرية الفرد المقيدة في الحصول على المعلومات الطبية البيولوجية

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

التقدم العلمي والمدارس الإنسانية والمفاهيم عن الذات

أدى العلم إلى توسيع نطاق قدرات الإنسان العقلية والبدنية عن طريق التكنولوجيات بدءا من الآلة البخارية حتى الحاسبات (الكمبيوتر). 

بيد ان الإنسان المعاصر لا يختلف في حجم المخ أو وظيفته في اسلافه في الماضي القريب الذي يشبهونه تماما من الناحية البيولوجية. 

فصفات الإنسان الفطرية لم تتغير لمواجهة المتطلبات الجديدة التي فرضت عليه نتيجة للتقدم العلمي والمعرفي.

 

ومع ذلك فالبشر المعاصرون يختلفون من النواحي النفسية والاجتماعية، إذ أن العلم قد غير مداركهم عن الكون وعن أنفسهم وعن مجتمعاتهم وقيمهم. 

فقدم لهم مفاهيم جديدة عن الطبيعة الحية وغير الحية، وعن حياة الإنسان، والحرية والكرامة وعن حقوق الإنسان. 

ولقد ساعد هذا الإدراك والمفاهيم الجديدة على إمكان استخدام الإنسان للتكنولوجيات الجديدة بطريقة قد تؤدي إلى تغيير مسار تطور الأنواع وعكس التدهور في بيئة الارض، وربما كان أهم نتائج العلم أن أصبح البشر قادرين على الاعتقاد في إمكانية فعل ذلك.

 

حرية المعلومات الطبية البيولوجية

تعطي المجتمعات الحديثة أهمية كبيرة لحرية الاطلاع على المعلومات السياسية أو التشريعية.  وليس من شك في أن هناك اهتماما. 

ولكن بدرجة اقل، بحرية المعلومات الطبية البيولوجية، سواء بإيجادها (عن طريق البحوث) أو نشرها.  في الدوريات العلمية ووسائل الاتصال الشعبية أو إتاحة الاطلاع عليها (برودي Brody، 1975/أ، 1975/ب). 

ولكن المعروف أن المعلومات، بما فيها المعلومات الخاصة بالعلوم والصحة، قد تعطى بطريقة شخصية اعتقادا بأنها تهدد الوضع القائم في نفس الوقت. 

 

وهناك آثار معروفة في تاريخ البشرية تدلنا على أن الاكتشافات العلمية قد اثارت غضب السلطات الحكومية أو الدينية. 

ولقد حدث ذلك حينما قيل بأن الكرة الأرضية ليست مركز الكون، أو حينما قيل إن الإنسان العاقل قد تطور عن كائنات غير بشرية أو له صفات يشترك فيها مع غيره من هذه الكائنات. 

ومن الامثلة المعاصرة على ذلك أن البحوث الخاصة بالأجنة تشكل في نظر البعض تهديدا للمفهوم التقليدي للإنسانية. 

 

ولقد اوقفت سلطات الولايات المتحدة ابتداء من عام 88 – 1989 الدعم الفيدرالي لهذه البحوث على اساس أنها قد تؤدي إلى زيادة الإغراء بإجراء عمليات الإجهاض (انظر الفصل 4) .

وتكشف لنا التحكمات المعاصرة في المعلومات المتعلقة بالصحة والمرض عن قيمتها العسكرية والتجارية المحتملة. 

وغالبا ما كانت إتاحة البيانات من مجالات مثل الحرب البيولوجية والرعاية الطبية للمصابين أو غيرها من عوامل الفتح العسكري محدودة للغاية، ولا يتوافق هذا مع إدراك أن مشاكل الصحة (مثل مشاكل الرخاء) التي يتعرض لها جزء من البشرية لا محالة تعرض الاسرة البشرية كلها للخطر. 

 

فإذا كان تمويل البحوث المتصلة بالبيولوجيا الصحية ذات الأهمية الدولية لا يعوق الخدمات الصحية في بعض الدول، فلا بد أن ينظم هذا التمويل على أسس دولية، وذلك لان القيمة المعنوية المرجوة من وراء المشاركة، بدلا من الانفرادية أو الانعزالية، قد تتعارض مع القيم التي أرستها في وقت من الاوقات هي المصادر الأساسية والموزع الرئيسي للمعلومات الطبية تثير تساؤلات جديدة حول حرية تلك المعلومات والتحكم فيها. 

فلئن كانت المعلومات تعد واحدة من أغلى ممتلكات الإنسان إلا أن ملكيتها الحقيقية أمر مشكوك فيه. 

فهل تعود ملكيتها إلى مكتشفها، أم إلى مالك زمام السلطة الاجتماعية الذي أتاح إمكانية العمل، أم للناس الذين قد تتأثر حياتهم بها؟ (برودي 1975/ب ، ص73).

 

وهناك يصبح الفرق بين حق الملكية الشخصية والملكية الفكرية والملكية الجماعية والملكية التجارية أمرا يلفه الغموض، وذلك لأن علماء الطب البيولوجي، في استجابتهم لقضايا الأمن القومي أو تمسكهم ببراءات الاختراع أو الحصول على الجوائز، لا يشاركون ولا يبوحون بحرية كاملة بالبيانات. 

ويبدو أن مجتمع علم الطب البيولوجي يوافق على أن سرية البحث في هذا المجال لا مبرر لها، وأن جماهير العالم لهم الحق في أن يحاطوا علما بكل تقدم جديد في مجال العلاج الطبي، وما يمكن أن يترتب عليه من أعباء التكلفة على الجنس البشري. 

وفي نفس الوقت فإن هذه الجماهير واعية بأن إتاحة كل التقارير العامة للجمهور ربما يكون لها أثرها المعوق للحوار العلمي الحر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى