التاريخ

وفاة “بيير كوري” والمهام التي تسلمتها ماري من بعده

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

وفاة بيير كوري مهام ماري كوري التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

عضوٌ .. برغم أنفه !

أصبح بيير – برغم أنفه – عضواً آخر الأمر في المجمع العلمي بدون أن يرغب في الانضمام إليه وبدون أن يرغب المجمع في ضمه إليه ! .

وبعد عدة اجتماعات، أدرك بيير عدم وجود جدوى حقيقية للمجمع العلمي. وفي ذلك كتب يقول : "إنني لم اكتشف بعد ما هو الغرض من وجود مثل ذلك المجمع!".

ومع ذلك كان المجمع السبب في تحقيق حلم الكوريَّين الكبير. فقد مكَّن بيير من الحصول على منصب الأستاذية في السوربون، ومع المنصب كان الحلم، أي المعمل الذي طالما بحث عنه وزوجه.

 

الكارثة …

يبدو أن النعمة لا تتم وأن الفرحة لا تدوم. لِمَ هذا التشاؤم؟ إنه ليس تشاؤماً ولكنه تقدير واقع . فإذا سرَتك الدنيا يوماً أهمتك اياماً ، وإذا أضحكتك ساعة أبكتك ساعات، وإذا حَلَتْ أوحَلَتْ! .

فبعد أن حقق بيير وزوجه كثيراً من الانتصارات العلمية وحصلا على حلم حياتهما، كان القدر يُدبِّر لهما أمراً .

ففي صباح مُمطرٍ خبا ضوء الشمس فيه من أيام إبريل عام 1906، خرج بيير من بيته ليذهب إلى ناشر كتبه وكان هذا هو الخروج الأخير .

إذ بعد ساعاتٍ أعادوه إلى زوجه جثةً هامدة . فقد زلَّت قدمه وسقط على أرض الشارع الرطبة فداسته عربة نقل ثقيلة . ويبين شكل رقم (238) مصرع بيير كوري تحت عجلات هذه العربة .

 

كارثة مروعة. لقد انتهت معها سعادة ماري .. أصبح فؤادها فارغا .. ابيضّت عيناها من الحزن. لقد أصبحت أرملة، ولكن ليست ككل الأرامل . فلم يكن الفقيد الغالي مجرد زوج فحسب، ولكنه كان الصديق والمحب والشريك في البيت وفي العمل معاً .

أجل لقد انتهت سعادة ماري، ولكن لحسن الحظ أن عملها لم ينته هو الآخر. وها هو عرض مُغْرٍ يُقدَّم لها لتكون أستاذة في السوربون خلفاً لزوجها في منصبه . إنه حقاً عرضٌ مُغْرٍ ولكنها لم تكن على هذا النحو تتمنَّاه.

على أية حال لعل في المنصب الجديد بعض العزاء لتلك الأرملة الثكلى. وكانت بالفعل هي المرة الأولى في التاريخ الفرنسي التي يُمنح فيها منصب في التعليم العالي لإحدى السيدات، فما بالنا بالسوربون ! .

وأخذت تواصل تحقيق الرسالة بعدما تسلَّمت الراية في معمل بيير الجديد التي أصبحت من الآن مديرته .

 

رثاء …

وتمر خطى الزمن بطيئة متثاقلة وماري توزع عملها بين رعاية طفلتيها وإجراء بحوثها. ولكن هل ينسى الفؤاد الحبيب الراحل؟! كي ينسى؟! فهذه هي تكتب كل ليلة وقبل أن تأوي إلى فراشها بياناً عن أدق أفكارها الباطنة موجهة إلى العزيز بيير، وكأنها تُناجي من على قيد الحياة يزال! .

"لقد عرضوا عليَّ يا حبيبي أن أخلفك في منصبك وأن أقوم بتدريس منهجك وإدارة معملك. وقد قبلت ذلك وأنا لا أدري ما إذا كان هذا أمراً حسناً أم سيئاً" .

"عزيزي بيير : إنني لا أكف عن التفكير فيك ويكاد رأسي ينفجر لذلك. إنني لا أعرف كيف قدِّر لي أن أعيش من الآن فصاعداً من غيرك!" .

"أيها الحبيب الراحل. إنني لا أحب الآن رؤية الشمس أو الأزهار، لأن رؤيتهما تعذِّبني. ولكنني أشعر بأنني أفضل حالاً في الأيام المعتمة التي تشبه يوم فقدك، وإن كنت لم أتعلَّم أن أكره الجو الصحو بعد، فذلك لأن طفلتينا بحاجة إليه".

كانت هذه بعض من نبضات قلب، أنَّات قلب، وألم فؤاد فارغ أضناه الفراق، قلب ذاق مرارة الوحدة وعقرته وحشة الطريق ولفحته نيران الحرمان . ومضت في عملها  الجديد …

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى