التاريخ

مبادئ فلسلفة الأخلاق لدى العالم “ابن مِسكويه”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم ابن مسكويه التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

عندما نتحدَّث عن عالمنا كفيلسوف فلا يغِب عن بالنا أنه استقى فلسفته من روافد ثلاثة فيَّاضة: الفلسفة الإغريقية لدى كلٍ من أبقراط وجالينوس وفيثاغورس وأفلاطون وأرسطو وفروفويوس، والحكمة الفارسية، والفلسفة الإسلامية عند كلٍ من الكندي والفارابي. يظهر ذلك جلياً في كتاباته الفلسفية والأخلاقية بخاصة.

وقد كانت مجالس الأمراء والوزراء في ذلك العهد بمنزلة حلقات للبحث والدرس والمداخلة والمناقشة والتقاء الفلاسفة والحكماء من كل حدبٍ وصوب.

وكان لكل ذلك انعكاساته على ابن مسكويه، فقد استفاد منها، بحكم منصبه وألمعيته، الفائدة الكبرى.

 

وتقوم فلسفة الأخلاق عند ابن مسكويه على مبادئ كثيرة منها:

1-الغاية التي تتجه إليها الأخلاق، هي تحقيق السعادة التامة للإنسان.

2-ترنو النفس إلى الأخلاق الفاضلة واللذات المعنوية، بينما يميل البدن إلى الشهوات الحسية. وكلما بعدت النفس عن الجوانب الحسية كانت أكثر كمالاً واكتمالاً.

3-للنفس قوى ثلاث متباينة: القوة الناطقة، أو القوة الملكية، ومركزها الدماغ، وبها يكون الفكر والتمييز. والقوة الشهوية، أو البهيمية، ومركزها الكبد والقلب وبها يكون الغضب والنجدة. والناس في قواهم هذه متفاوتون. فمن غلبته نفسه الناطقة فهو مع الملائكة في عليِّين، ومن غلبته نفسه البهيمية فهو والبهائم سواء، ومن غلبته نفسه السبعية فهو في منازل السباع. وهذه القوى تخضع في قوتها أو ضعفها للمزاج أو العادة أو التأديب.

 

4-الطباع اثنان: فطرية ترجع إلى أصل المزاج الشخصي، ومكتسبة مستقاة بالعادة والمران.

5-لكلٍ من الوراثة والبيئة دورهما في سلوك الإنسان.

6-يمكن التحول من طبعٍ رديء إلى آخر مرغوبٍ فيه، بالقدوة الصالحة والموعظة الحسنة.

 

7-العدالة أم الفضائل، وهم قسمان: داخليةٌ بين قوى النفس، وخارجيةٌ بين الإنسان وغيره من الناس.

8-السعيد من مكان معافىً في بدنه، بسيطاً في ماله، كثيراً بإخوانه، ناجحاً في أمره، سديداً في رأيه، ممدوحاً من غيره.

9-الصداقة ألوان، أفضلها وأبقاها ما كانت للخير، ولا تكون إلا بين الأخيار.

 

10-الطفل صفحة بيضاء لم تنقش بها بعد صورة، فإن نُقشت اعتادها ونشأ عليها، ومن ثم يجب ألا نتركه هملاً، وإنما يُربَّى من البداية ويُهذَّب.

11-يخشى الإنسان الموت لجهله بحقيقته، وظنِّه بأن له ألما عظيماً، وتوقعه عقوبه من بعده، وأسفه على ما يخلف من مالٍ وممتلكات.

12-يحزن الإنسان لـ : فقدانه ما يُحب، وطمعه فيما هو فانٍ، وحسده وهو أقبح الأمراض النفسية.

 

وفي (الفوز الأصغر) يتحدث ابن مسكويه عن الإنسان ومكانته بين الموجودات. والموجودات عنده ترتقي من أدنى المراتب إلى أعلاها في حلقاتٍ من بعد حلقات.

فيرتقي الجمال من الطينة الأولى إلى الجمال الذي يقبل صورة يألفها الناس، حتى يلتقي أفقه بأفق النبات حتى يرتقي إلى كرام الأشجار (الزيتون والرمان والعنب وصنوف الفاكهة)، ثم يلتقي أفق النبات بأفق الحيوان حتى يكون منها ما يقبل التأديب كالحصان، وأخيراً يلتقي أفق الحيوان بأفق الإنسان.

والإنسان على رأس كل الكائنات، وأشرف ما فيه فكره وعنده أن الإنسان إذا بلغ أقصى أفقه فهو فيلسوف.

وإنها لنظرية واضحة في التطور البيولوجي من المراتب الدنيا إلى المراتب العليا التي يتوجها الإنسان. آراء متقدمة وسابقة لعصرها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى