التاريخ

خوف جاليليو من تفسير نظرية كوبرنيكوس

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

جاليليو نظرية كوبرنيكوس التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

شبح…مصير برونو

انتهى جاليليو، إذن، إلى أن أفكار أرسطو في الفيزيقا والفلك كلها خاطئة من أولها إلى آخرها، بيد أنه كان يعلم أن هدم أرسطو معناه المواجهة مع الفكر الذي تبنته الكنيسة في روما، واعتبرت أن أي هجوم عليه هو في الواقع هجوم على الدين المسيحي نفسه.

وهنا من الضروري الإشارة إلى المناخ الذي نشأ فيه جاليلو، حتى يزداد فهمنا لطبيعة مشكلته مع الكنيسة: المناخ الأوروبي العام، والمناخ العائلي الخاص.

ولد جاليليو في بيزا بإيطاليا عام 1564، بعد بدء حركة الإصلاح الديني في أوروبا بأربعين عاماً وبعد وفاة ميخائيل أنجلو بأيامٍ ثلاثة.

ولا شك أن جاليليو قد استفاد في شبابه من الاتجاه العقلاني الذي ساد الفلسفة الطبيعية في عصر النهضة. كما أنه نشأ في كنف والد من وصُلب أرستقراطية فلورنسا، ولكنه كان رجلاً شديد الإيمان بأهمية المناقشة الحرة لكل الموضوعات من أجل الوصول إلى الحقيقة.

وكانت مواقف والده في هذا المجال ذات أثر كبير عليه في شبابه. ولكنه نشأ أيضاً في ظل نمو تهديد حركة الإصلاح البروتستنتينية لسلطة الكنيسة الكاثوليكية في ظل الحروب الدينية التي اكتسحت أوروبا من الشمال وهددت سلطة الكنيسة كما لم تُهدَّد من قبل.

 

وعندما لمعت عبقرية جاليليو في الرياضيات عُيِّن أستاذاً لها بجامعة بادوا في فلورنسا وهو ابن الثامنة والعشرين، وظل أستاذاً بهذه الجامعة حتى عام 1610.

وفي هذه الفترة توصَّل إلى معظم اكتشافاته الفيزيقية المهمة. وحقَّق اتصالاتٍ مكثفةٍ مع عددٍ غير قليل من علماء أوروبا وأصبح في نظرهم، كما هو في نظر الكثيرين، أول عالم فيزيقي بالمعنى الحديث للكلمة.

كتب جاليلو في عام 1597 إلى زميله كبلر يقولك (منذ سنوات وأنا مقتنع بنظرية كوبرنيكوس التي تفسر أسباب كثير من الظواهر الطبيعية التي تبدو لي غير قابلة للتفسير في ظل الفروض الشائعة.

ولإثبات خطأ هذه الفروض جمعت عدداً كبيراً من الحجج والأسانيد، ولكنني لا أجرؤ على نشرها علناً حتى لا يكون مصيري نفس مصير مُعلِّمنا كوبرنيكوس ذلك الرجل خالد الذكر رفيع القدر، وإن كان عند أعدادٍ من الناس، هي أعداد الدهماء والبلهاء، مصدر السخرية والتحقير).

كانت نظرية كوبرنيكوس عن الكون ترفض اعتبار الأرض مركزاً له وتقول بدوران الأرض حول الشمس. والحقيقة أن جاليليو لم يكن يخش التحقير والسخرية بقدر ما كان يخاف من أن يكون مصيره نفس مصير برونو الذي أُحرق حياً لمجرد إشارته إلى إحتمال وجود حياة على بعض الكواكب الأخرى، مما اعتُبر بمثابة تهجم على الإنجيل والتوراة!!.

 

والحق أن جاليليو لم يكن مستعداً لتفسير نظرية كوبرنيكوس تفسيراً معادياً للمسيحية، بل على العكس فقد كان يعتقد طوال حياته أن مفهوم الشمس السَّاكنة والأرض المتحركة حولها تتفق تماماً والكتاب المقدس، إذا قرئ هذا الكتاب قراءة صحيحة.

وقد شجَّعة على هذا الموقف أن نظرية كوبرنيكوس لم تعترض عليها الكنيسة عند أول ظهورها. والواقع أن كوبرنيكوس أهدى كتابه المتضمن نظريته هذه إلى البابا بول الثالث، وكان واثقاً من أن كتابه سُيستقبل استقبالاً طيباً.

وأدى هذا الشعور بجاليليو إلى أن أطلع عدداً من رجال الدين على تجاربه التلسكوبية حيث شاهدوا بها أقمار المشترى، وكان أن أيده الجيزويت علانية، واستقبله البابا بول الخامس مؤيداً.

وقد بلغ من ثقة جاليليو، أو وهمه في تأييد الكنيسة لأفكاره، أن ذهب إلى روما وقضى بها أشهراً ستة مناقشاً ومدافاً ومتابعاً!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى