الكيمياء

الخصائص التي يتمتع بها معدن “الألمنيوم”

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

معدن الألمنيوم الكيمياء

بدأت قصة الألمنيوم خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ،  حينما كان الكثيرون يقومون بالبحث في كل أنواع الصخور والمعادن، وكان بعض من هذا الاهتمام يتعلق بالبحث عن العناصر التي تحتويها هذه المعادن . 

ويقال إن لافوازييه عالم الكيمياء الفرنسي الشهير ، بعد أن اكتشف أن الماء يتكون من الهيدروجين والأكسجين ، حاول استخلاص أحد الفلزات من الطين ، لكن عمله في هذا المجال لم يستكمل بعد أن أعدم بالمقصلة في أثناء الثورة الفرنسية .

وقد استغل كل من السير هامفري دفي Sir Humphry Davy وزميله هـــ . س. أورستيد H.C.Oersted خبرتهما في استخدام الكهرباء لاستخلاص الفلزات من المعادن ، في حل مشكلة استخلاص فلز مجهول من الطين ، وكانت النتيجة ان حصلا على قطع صغيرة من فلز يشبه في لونه ولمعانه القصدير .

وبعد ذلك بعامين ، اي في عام 1845، قام العالمان فريدريك فوهلر Frede-rich Vohler وسانت كلير دوفيل Saint-Clair   Doville، بتطوير الفكرة التي ابتكرها كل من ديفي وأورستيد ،  وقاما بتحويل ذلك الفلز الذي لم يكن معروفاً حتى ذلك الوقت إلى ملح الكلوريد ، ثم قاما بتسخين كلوريد الفلز مع البوتاسيوم أو الصوديوم في الزئبق . 

 

وبعد قليل من التسخين ظهرت قطع صغيرة جداً من الفلز الجديد ألا وهو الالمنيوم وكان حجمها في حجم رأس الدبوس .

وبعد هذه الكشوف العلمية تم بناء المصانع لإنتاج الألمنيوم على نطاق تجاري .  وفي ذلك الوقت كان شارل مارتين هال Charles Martin Hall طالباً في كلية أوهيو ابرلينOhio’s Aberlin ، وكان معجباً بأستاذ الكيمياء فيها ، ذلك الذي أقنعه بالبحث عن طريقة اقل كلفة لاستخلاص الألمنيوم من خاماته.

وقد انطلق هال من المحاولات السابقة في استخلاص الفلزات ، وفكر في استخدام الكهرباء لفصل الالمنيوم من خاماته .  لكن البوكسايت (أوكسيد الألمنيوم المائي) وهو أفضل خامات الالمنيوم لا يوصل الكهرباء ، وكان هال يعرف أن الكثير من المواد تصبح موصلة جيدة للكهرباء إذا ما أذيبت في الماء او سخنت إلى أن تنصهر .

 

ولما كان البوكسايت لا يذوب في الماء ويحتاج إلى درجات حرارة عالية لصهره ، فقد بحث هال عن مذيب للبوكسايت ليكون محلولاً موصلاً للكهرباء . 

وقد اختار لذلك مادة الكريولايت  Cryolite (Na3AIF6) التي تنصهر عند تسخينها إلى درجة 982 سيليزية وتصبح قادرة على إذابة البوكسايت ، وهنا يمكن إمرار التيار الكهربائي لاستخلاص الألمنيوم من محلول البوكسايت في الكريولايت .

وتتلخص هذه الطريقة الصناعية في طحن البوكسايت وتحويله إلى مسحوق وتحويلها إلى أكسيد الألمنيوم النقي ، وعندها يذوب أكسيد الألمنيوم في الكريولايت بشكل أفضل من ذوبان البوكسايت الخام . 

وكان من أحد أسباب نجاح هال في إنتاج الألمنيوم بهذه الطريقة هو ما قام به من طلاء الإناء الذي يجري التحليل الكهربائي بالكربون . 

 

وتجدر الإشارة إلى أن الكيميائي الفرنسي بول هيرلوت (Paul Herlout) توصل إلى إنتاج الألمنيوم في أثناء محاولاته لتحسين المواقد الكهربائية ، وذلك في نفس الوقت الذي تمكن فيه هال من إنتاج الألمنيوم .  ومن هنا يطلق حالياً على طريقة إنتاج الالمنيوم طريقة هال – هيرلوت .

ونظراً لما يتميز به الالمنيوم من خواص ، فقد انتشر استخدامه في العديد من الصناعات ، ومن أهمها صناعة علب الالمنيوم المستخدمة في حفظ الأغذية والمشروبات ، والتي دخلت مجال الصناعة بعد عام 1960 .

ومع بداية التسعينات استخدم ما يزيد عن 1.3 بليون رطل من الالمنيوم في صناعة علب العصير والمشروبات الغازية .  فلماذا هذا الانتشار السريع لاستخدام الالمنيوم في هذا المجال ؟ والجواب على ذلك أن هذا المعدن غير سام ولا طعم له ولا رائحة ووزنه خفيف إضافة إلى أنه لا يصدأ .

وعلاوة على ذلك فهو ناقل جيد للحرارة، لذا فإن علب العصير مثلاً يسهل تبريدها في الثلاجة .  لكن الاستخدام المكثف لهذه العلب كان له سلبياته ومضاره ، فقد دلت الإحصائيات في بداية التسعينيات على أنه يتم إلقاء ما يقرب من 3 بلايين رطل من علب وصفائح الالمنيوم مع النفايات سنوياً وذلك في الولايات المتحدة وحدها. 

 

ويشكل هذا الأمر شاهداً  على حياة الإنسان الحالية من حيث كونها خاطئة ومكلفة .  ويمكن الحل الامثل لإنقاذ البيئة من هذه الملوثات في إعادة استخدام هذه العلب مرة أخرى . 

ومن أجل أن نعرف الجدوى الاقتصادية لمثل هذه العملية ، لا بد لنا من مقارنة الطاقة اللازمة لتصنيع كمية معينة من علب الالمنيوم من خاماتها الأساسية والطاقة اللازمة لإعادة تصنيع نفس الكمية من العلب المستخدمة .

ومن المعروف أن الالمنيوم يتم إنتاجه من أكسيد الألمنيوم أو البوكسايت وأن إنتاج مول واحد منه يحتاج إلى طاقة تعادل 297 كيلو جول ، اما إذا حسبنا الطاقة اللازمة لإعادة تصنيع مول واحد من الألمنيوم من العلب المستخدمة فإن الطاقة اللازمة لذلك تساوي 26.1 كيلو جول .  

 

وبحسبة بسيطة يتضح أن الطاقة اللازمة لإعادة استخدامه تساوي %8.8 فقط من الطاقة اللازمة للتصنيع من الخامات الاصيلة .  وبذلك فإنه يتم توفير حوالي %91 من الطاقة اللازمة لصناعة علب جديدة من خاماتها . 

ويعادل هذا الكم من الطاقة ما مقداره 20 بليون كيلوواط/ ساعة من الكهرباء ، وهو يساوي %1 من مجمل كمية الطاقة الكهربائية المستهلكة في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً .

وهكذا نبين أن هذه العملية تتمتع بجدوى اقتصادية من حيث توفير الطاقة المستخدمة ، وجوى بيئية من حيث أنها تخلص البيئة من كم هائل من العلب التي يلقي بها الناس بعد استخدامها والتي يمكن أن تشكل مع الايام عبئاً بيئياً يصعب احتماله أو معالجته .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى